دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بجدرانه الخرسانية وصخوره الاصطناعية، هذا الحوض المائي القاحل الموجود في الطوابق السفلية من مركز تجاري ضخم في كوريا الجنوبية، هو موطن لأنثى حوت أبيض منذ نحو عِقد من الزمن.
ويُعتقد أنّ عمر أنثى الحوت كان يبلغ عامين تقريبًا عند صيدها بواسطة قوارب في المياه الروسية في عام 2013، وبيعها إلى حوض أسماك Lotte World Aquarium - وهو الأكبر في سيول.
وأُطلق عليها اسم "بيلا"، وبرفقة اثنين من ذكور الحيتان البيضاء، وهما "بيلي" و"بيلو"، إلى جانب كائنات بحرية قطبية أخرى، مثل طيور البطريق والفقمات، شكلت أنثى الحوب جزءًا من منطقة جذب شهيرة تتمحور حول القطب الشمالي.
وداخل خزان يبلغ وزنه 1،224 طنًا، وبعمق 7 أمتار تقريبًا، غالبًا ما كان الثلاثي محور الصور الشخصية للزوار، ومقاطع الفيديو على منصة "تيك توك".
وكانت الحيتان تسبح أحيانًا بشجاعة إلى منصة المشاهدة لتفقد الزوار، والعديد من الأطفال الصغار الذين كانوا يضربون الجدران الزجاجية للخزان، على أمل جذب انتباه الحيتان.
من جانبها، قالت الناشطة الأمريكية في مجال الدلافين، هيلين أوباري إنها "تجارة يغذيها الجشع".
وأوضحت أوباري لـCNN: "هناك الكثير من الأموال التي يمكن جنيها من صيد وبيع هذه الثدييات الجذابة إلى المتنزهات البحرية وأحواض الأسماك".
وتابعت: "لن يتوقف الاستغلال أبدًا حتى ينظر المتفرجون تحت السطح ويسألون أنفسهم ما إذا كانت بضع دقائق من المرح تبرر مثل هذه القسوة".
وتوفي "بيلو" في الخامسة من عمره بعام 2016، وتبعه "بيلي" بعد أعوام في 2019، عن عمر يناهز 12 عامًا.
وفي الحياة البحرية الطبيعية، يتراوح متوسط العمر المتوقع للحيتان البيضاء بين 35 و50 عامًا.
وأشعل نفوق الحوتين عاصفة من الانتقادات من نشطاء حقوق الحيوان في كوريا الجنوبية، ما دفع الشركة إلى التحرك. وفي عام 2019، تعهدت شركة Lotte بإطلاق سراح "بيلا".
ولكن النشطاء يقولون إنّه لا يوجد حتى الآن سبب للاحتفال، فمع اقتراب عام 2024، أي بعد مرور أكثر من 4 سنوات، لا تزال "بيلا" معروضة.
وقال المؤسس المشارك لمجموعة الحياة البحرية الكورية الجنوبية Hot Pink Dolphins، جو ياك جول، لـCNN: "تقول شركة Lotte إنّها تتخذ الإجراءات لكننا لا نعرف في الواقع.. المعرض لا يزال مفتوحًا ولم يتم الإعلان عن تاريخ إطلاق سراحها".
وأشار جو إلى أنّ أنثى الحوت تستمر أيضًا في إظهار علامات التوتر "النمطية" بعد وفاة رفيقيها في الحوض المائي.
وأظهرت مقاطع الفيديو أُرسِلت إلى CNN "بيلا" وهي تدور في دوائر صغيرة، وتطفو بفتور بالقرب من سطح الماء.
وفي رسالة بريد إلكتروني متبادلة مع CNN في نوفمبر/ تشرين الثاني، قال متحدث باسم شركة Lotte إنّ خطط إطلاق سراحها لا تزال قائمة.
وفي شهر مايو/ أيار الماضي، قال متحدث باسم الشركة لـCNN إنّ العملية كانت في "مرحلتها النهائية".
وقال المتحدث: "تبذل شركة Lotte World Aquarium قصارى جهدها لخلق البيئة المناسبة والوقت المناسب لإطلاق سراح بيلا خلال المناقشات المستمرة".
وأضاف: "يتم تنسيق التوقيت مع وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية (في كوريا الجنوبية) كأولوية قصوى".
وأوضح المتحدث أنّ بيلا كانت "بصحة جيدة"، وتخضع حاليًا للتدريب لإعدادها "لبيئة بحرية جديدة".
وعند سؤاله عن سبب الاستمرار في عرضها، قال المتحدث: "في هذه المرحلة، لا يوجد مكان آخر لها للبقاء فيه".
وتواصلت CNN مع شركة Lotte للحصول على مزيد من التعليقات في وقت سابق من هذا الأسبوع، لكنها لم تتلق ردًا حتى وقت النشر.
هل الحل في النرويج؟
وأكّد مسؤولو شركة Lotte أنّ "المكان الوحيد في العالم" الذي يمكن إطلاق سراح "بيلا" فيه هو ملاذ آمن في آيسلندا.
ورفضت الشركة تسمية الملجأ أو تأكيد ما إذا كان هو المرفق ذاته الذي يضم حاليًا زوجًا من الحيتان البيضاء من الصين.
وفي بيان لـCNN في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني، أفادت الشركة بوجود المزيد من التأخير.
وقال المتحدث: "لقد تلقينا مؤخرًا ردًا من المشغل الآيسلندي ينص على أنّه ليس لديهم خيار سوى تأجيل العملية بسبب مشاكل بيئية داخل منشآتهم".
وأضاف المتحدث أنّ المناقشات مع الوكالات الحكومية والخبراء لا تزال مستمرة، قائلاً: "بناءً على ذلك، نحن نناقش البدائل المختلفة، بما في ذلك الملاجئ الخارجية والمحلية، مع خبراء من لجنة إطلاق سراحها".
وأثناء الحديث مع CNN، ذكر مشغلو محمية قادمة في النرويج أنّهم وجهوا دعوة رسمية إلى Lotte World Aquarium لاستضافة "بيلا" في محميتها الواقعة في مضيقٍ قطبي ضخم تبلغ مساحتها 500 فدان أقصى شمال النرويج.
وقال أندريه بوريل، عضو في مجلس الإدارة: "عملت محمية الحيتان النرويجية بنشاط مع أصحاب بيلا على مدار العامين الماضيين، وعرضت تسهيل نقلها".
وتابع:"نحن على استعداد لتوفير ملاذ لها، وربما حوت بيلوغا آخر في حديقة أكوا بلانيت يوسو في كوريا الجنوبية يُدعى روبي، مع بيئة بحرية طبيعية حيث يمكنهم التجول بحرية والغوص والازدهار جنبًا إلى جنب مع الحياة البحرية الأخرى".
وحدد بوريل وريجينا كروسبي، وهي مؤسِّسة منظمة OneWhale غير الربحية للحفاظ على البيئة، خطة عمل مطولة، بما في ذلك تأمين المنح المالية لتغطية نفقات رعاية أنثى الحوت في النرويج.
وقالت كروسبي لـCNN: "تم إبلاغ أصحاب بيلا أنّه بمجرد نقلها إلى النرويج، لن يكون هناك أي عبء مالي مستمر عليهم. نريد إزالة أي أسباب تمنع إخراج بيلا من حوضها المائي في أسرع وقت ممكن".
ومع اقتراب نهاية عام 2023، كررت منظمات حقوق الحيوان دعواتها للإفراج عن "بيلا".
وقال جيسون بيكر، نائب رئيس منظمة PETA في آسيا: "لقد مضت 5 سنوات تقريبًا. لقد عانت بيلا لفترةٍ طويلة بما فيه الكفاية. يجب على شركة Lotte أن تتوقف عن المماطلة واختلاق الأعذار لأن الوقت ينفذ".
وشددت خبيرة الحيتان البيضاء، فاليريا فيرغارا، على الضرورة الملحّة، وقالت: "بيلا تعاني وحدها. ليس هناك شك في أن الحوت، وخاصة عندما يكون وحيدًا، سيعاني من الإجهاد المزمن الذي يمكن أن يضعف جهاز المناعة لديه ويقصر عمره في نهاية المطاف في الأسر".
وأكّد أوباري، الناشط الأمريكي في مجال الدلافين لـCNN إنّه مستعد للسفر إلى كوريا الجنوبية مع فريقه "لتحقيق ذلك".
وتابع: "نحن ندعم تمامًا نقل بيلا إلى ملجأ خارجي. إنّها بحاجة إلى صحبة الحيتان الأخرى، وتجربة المحيط مرة أخرى".