دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لقد كرّس اللورد نورمان فوستر، أحد أبرز المهندسين المعماريين في العالم، عقودًا من الزمن لإعادة تعريف مفهوم المباني الشاهقة. تضم محفظته هياكل مميزة مثل 30 St Mary Axe في لندن (المعروف لدى سكان لندن باسم "Gherkin")، ومبنى HSBC في هونغ كونغ.. وراهنًا يضع دولة قطر نصب عينيه.
ويشارف مشروع شركة فوستر، أبراج لوسيل، على الانتهاء حاليًا، ومن المقرر أن يصل ارتفاعه إلى 301 متر (988 قدمًا)، ويستعد للحصول على لقب أطول المباني في قطر، متجاوزًا الارتفاع القياسي الحالي لبرج الشعلة في الدوحة.
يُعد بناء الأبراج جزءًا من مشروع تبلغ مساحته 1.1 مليون متر مربع، صممته شركة Foster + Partners، وهو عنصر محوري في المخطط الرئيسي الأكبر لمدينة لوسيل، التي تبعد 10 أميال (16 كيلومترًا) شمال العاصمة الدوحة.
تم وضع حجر الأساس لأبراج لوسيل في يناير/ كانون الثاني 2020، وسط عدد كبير من التطورات الجديدة التي تشهدها المنطقة، تشمل استاد لوسيل الذي صممته أيضًا شركة Foster + Partners لكأس العالم لكرة القدم 2022.
يتألف البرج من أربع مبانٍ مميزة، اثتان بارتفاع 70 طبقة وأخريين بارتفاع 50 طبقة. ويهدف كل برج لتأدية دور مركز للمؤسسات المالية في قطر.
قال فوستر: "بصفتي مهندسًا معماريًا، أجد نفسي منخرطًا في تأسيس المدن. لقد وضعنا علامة فارقة لما هو في الأساس منطقة جديدة، حيث صمّمنا البنية التحتية للأجيال التالية".
لعبة الظل
ولمواجهة التحديات الفريدة التي يفرضها المناخ الحار في قطر، كان على فريق فوستر الابتعاد عن المواد المستخدمة عادة في تشييد ناطحات السحاب في البلدان الأكثر برودة، وهو جزء مما أسماه فوستر، مسعى دام عقودًا من الزمن "لإعادة اختراع المباني الشاهقة".
وأضاف: "تعتقد في كثير من الأحيان أنّ البرج عبارة عن مبنى زجاجي، لكن مع واقع المناخ بأكمله هنا، ومسألة الاستدامة.. فأنت تريد حقًا التخفيف من اكتساب الطاقة الشمسية".
يشمل التصميم على تظليل وتهوئة متقدّمَين، في حين أن الأجزاء الخارجية للأبراج مغلفة بألومنيوم "من الدرجة البحرية" الذي يلتف حول المباني، ويحمي الزجاج من أشعة الشمس القوية، مع الحفاظ على التمتع بالمشهدية الخارجية، والسماح بدخول الضوء الطبيعي.
ومن أهم عناصر المشروع وجود زعانف تظليل خاصة، تشبه الخياشيم، التي لا تعمل فقط على تحسين المناظر والإضاءة الطبيعية لشاغلي المباني، لكنها تقلّل من الإشعاع الشمسي بنسبة 70٪، مقارنة بالأبراج التقليدية المصنوعة من الزجاج بالكامل.
وقال فوستر: "ما فعلناه هنا يتمثّل بابتكار شعور بالهوية مستمد من الحاجات الحقيقية. إنها ليست فرضًا عصريًا، بل هي نابعة من حقائق المناخ".
وفقًا للوك فوكس، رئيس المشروع والشريك التنفيذي الأول في Foster + Partners، يساهم نظام التظليل هذا بتقليل متطلبات التبريد واستهلاك الطاقة الإجمالي بنسبة 35%.
تم وضع الأبراج بشكل استراتيجي للحصول على أقصى قدر من التظليل، ومع ارتفاعها يتغيّر شكلها من خلال الدوران بمقدار 90 درجة.
وأوضح: "لقد تأكدنا من أنّ الأبراج قد وضعت بشكل متعمّد كي تستدير قليلاً، ما يوفر مشهدية مميزة لها عندما ترتفع فوق مستوى سطح الأرض. إنها فريدة من نوعها تمامًا. وتظهر ككيانات متميزة".
البناء من الألف إلى الياء
وفيما يتوقع أن تصبح الأبراج معلمًا بارزًا في مدينة لوسيل، يعتقد فوستر أن أفق المدينة يعكس ما يكمن تحت السطح. ويقول إنه كان ضروريًا لفريقه دمج الأبراج في إطار "خطة رئيسية محدودة النطاق".
وتتميز أبراج لوسيل بموقع استراتيجي على مقربة من أعلى خط مترو، وفي نهاية شارع تجاري يربط الواجهة البحرية بملعب كرة القدم القريب، الذي استضاف أخيرًا نهائي كأس آسيا.
ووفق فوستر، فإن السمات الأرضية للساحة ستكون مفيدة في تحقيق الهدف الشامل المتمثل بتحويل المنطقة إلى مساحة عامة نابضة بالحياة للمستقبل.
وأضاف: "ما لا يظهر دومًا من تلك المناظر البعيدة هو تجربة المشاة. وأوضح فوستر: “إن البنية التحتية المنخفضة هي التي تربط هذه العناصر المتنوعة معًا".
ومن المقرر أن يتم الانتهاء من أبراج لوسيل على مراحل خلال الشهور الـ12 التالية.