دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لطالما خطط الزوجان الأمريكيان سينثيا ويلسون وكريج بيورك للتقاعد في مكانٍ ما خارج الولايات المتحدة، ولكن عندما ظهرت جائحة "كوفيد-19" في عام 2020، شعر الثنائي بأنّهما مضطران إلى المضي قدمًا في خططهما.
وكان الزوجان قد اختارا بالفعل البرتغال كوجهةٍ لهما بعد البحث عبر محرّك "غوغل" عن "أفضل الأماكن التي يمكن للأميركيين التقاعد فيها"، ووجدا أنّ الدولة الأوروبية كانت على رأس القائمة.
ولحسن الحظ، كان بيورك، وهو ضابط سابق من مشاة البحرية الأمريكية، يعلم ما يكفي عن البرتغال.
وبمجرد زواجهما، بدأ ويلسون وبيورك، اللذان كانا يقيمان في ولاية كانساس آنذاك، بالتفكير بجديةٍ في نوع الحياة التي أرادا أن يعيشاها خلال سنوات تقاعدهما.
وقالت ويلسون: "كنا نشاهد والدينا ينفقون مدخراتهم ومعاشاتهم التقاعدية بالكامل على الرعاية الطبية"، موضحًة أنها أجرت مع زوجها الكثير من الأبحاث حول تكلفة المعيشة في البرتغال ووجدا أنّها أكثر ملاءمة.
وفي البداية، قرر ويلسون وبيورك، اللذان كانا يديران شاحنة طعام ومقهى في مدينة ويتشيتا بولاية كانساس، أن يمهلا أنفسهما 6 سنوات "للتخطيط والحلم بالانتقال إلى البرتغال".
ولكنهما اختارا تسريع الإجراءات، وشرحت ويلسون: "لقد قررنا التقاعد قبل عامين. لذا تقاعدنا في عام 2020 وبدأنا في تجهيز الإجراءات الورقية".
وتقدّم الزوجان بطلب للحصول على تأشيرة "D7"، المعروفة أيضًا باسم "تأشيرة التقاعد"، التي تطلّبت منهما تلبية متطلبات محددة، بما في ذلك إثبات شراء عقار في الدولة، أو إثبات وجود عقد إيجار لمدة 12 شهرًا على الأقل.
روح المجتمع
بذل الثنائي الكثير من الوقت والجهد في اختيار المدينة التي سيعيشان فيها، وقرّرا في النهاية العيش في بلدة مارينها غراندي الصغيرة، الواقعة على الساحل الفضي.
وتشير ويلسون إلى أنّهما كانا حريصين على الانتقال إلى مكان يمكنهما من خلاله الاندماج في المجتمع المحلي.
وبمجرد حصولهما على التأشيرة ورفع القيود الحدودية، انتقل الزوجان إلى بلدة مارينها غراندي، التي يبلغ عدد سكانها أقل من 40 ألف نسمة بقليل، في يناير/ كانون الثاني من عام 2022.
وقد أقاما في البداية في عقار مستأجر عبر منصة "Airbnb"، والذي كلفهما حوالي 800 دولار شهريًا، وسرعان ما وجدا أنفسهما يستضيفان بعض الأصدقاء الذين تواصلوا معهم عبر صفحة "فيسبوك" الخاصة بالبلدة قبل السفر.
وتشير ويلسون إلى أنّهما تلقيا استقبالاً حارًا من قبل السكان المحليين.
التقاعد المبكر
وتتلقى كل من ويلسون وبيورك حاليًا دروسًا في اللغة البرتغالية تقدمها الحكومة. ومع ذلك، تعترف ويلسون بأنّ تعلم لغة جديدة ليس أمرًا سهلاً.
وشرحت ويلسون: "اللغة البرتغالية صعبة للغاية"، موضحةً أنّها تتحدث اللغة اليابانية، والإسبانية، بالإضافة إلى القليل من الألمانية، والدنماركية، والفرنسية.
واضطر الزوجان إلى تغيير الطريقة التي يتعاملان بها مع الناس، خاصة أثناء السؤال عن السلع في المتاجر، بعد أن لاحظا أن طريقتهما المباشرة لم تُستقبَل بشكلٍ جيد.
وتوضح ويلسون أنّ أصدقاءها البرتغاليين نصحوها بوضع أولوية للجانب الإنساني، أي إلقاء التحية والسؤال عن أحوالهم قبل طرح سؤالها المباشر.
وتشير ويلسون إلى أنّها تجد طريقة التعامل تلك منعشة، فهي تضع التركيز بشدة على الأشخاص والعلاقات الشخصية.
وسرعان ما تبنت ويلسون أسلوب الحياة البرتغالي بحماس، ، ولا سيما جانبه الذي يركز على الطعام، الذي كان جزءًا كبيرًا من حياتها لفترةٍ طويلة.
وقالت: "هنا يتناول الأشخاص الطعام معًا طوال الوقت. ويُعتبر يوم الأحد يوم لم شمل الأسرة".
وفي حين أنّ ويلسون وبيورك كانا يخططان في الأصل استخدام البرتغال "كنقطة انطلاق" للسفر إلى بقية أنحاء أوروبا، إلا أنّهما كانا مشغولين للغاية في التعامل مع جميع المهام التي تأتي مع الانتقال إلى بلدٍ جديد بحيث لم يتمكنا من أخذ مغامرة بعيدة.
جانب التكلفة
وعندما سؤال ويلسون عمّا إذا كانت تعتقد هي وزوجها أنّ البرتغال أقل تكلفة، أشارت إلى أن ذلك يتعلق بتجاربهما الخاصة، مشيرةً إلى أنّ أصدقاءهما البرتغاليين قد لا يجدونها كذلك.
وأفادت أنّ ما يبدو في متناول الجميع قد لا يكون في متناول العامل البرتغالي الذي يتقاضى الحد الأدنى للأجور.
وخلال فترة وجودهما في البرتغال، قام الزوجان بتبني قطتين، من خلال منظمة "The Kitten Connection" غير الربحية.
وستشارك ويلسون في إعداد وجبات خفيفة من أجل فعالية لجمع التبرعات للمنظمة.
وتقيم هي وزوجها حفلات العشاء بانتظام، بما في ذلك احتفال عيد الشكر السنوي، كما أنّهما يحضران الفعاليات المحلية، مثل حفلات الأطفال، والألعاب الرياضية.
وقد كان انضمام ويلسون إلى هذا المجتمع المترابط حلمًا أصبح حقيقة بالنسبة لها.
وقبل انتقالها إلى العيش في البرتغال، كانت ويلسون مرهقة بسبب المناخ السياسي في الولايات المتحدة، وكانت قلقة بشكل خاص بشأن العنف المسلّح.
وتقول إنّها تخبر الناس بأنها "هربت" من بلادها بسبب "الطريقة التي كانت تسير بها الأمور".
ولم تعد ويلسون للزيارة منذ انتقالها إلى البرتغال، وتؤكد أنّها لا تنوي العودة أبدًا.
كما أكّدت: "سأعود إلى أمريكا في جرّة الرفات"، مؤكدةً أنه "لا يوجد فعليًا ما يدفعها للعودة إلى الولايات المتحدة."
وبينما تفتقد ويلسون عائلتها وأصدقائها في مسقط رأسها، إلا أنّها تعتبر نفسها مغامرة ولم تكن تنوي قضاء بقية أيامها في أمريكا.