المتدينون إلى تناقص والروحانيون إلى تزايد

العالم
نشر
5 دقائق قراءة
المتدينون إلى تناقص والروحانيون إلى تزايد
Credit: Sanjay Kanojia/AFP/Getty Images

ملاحظة  المحرر: المقالة لا تعبر سوى عن كاتبتها، ليندا ميركادانتي، وهي أستاذة اللاهوت في كلية اللاهوت الميثودية، كما أنها مؤلفة كتابة "معتقدات بدون حدود: داخل عقول الروحانيين وليس المتدنيين" ولا تعبر بأي حال من الأحوال عن وجهة نظر CNN.

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- مقابل التراجع المستمر في الإقبال على المؤسسات الدينية الأمريكية، يلاحظ ارتفاع مطرد في أعداد من يزعمون بأنهم "روحانيون لكن غير متدينين" وهو أمر يجب أن ينظر إليه، وتحديدا من قبل المتدنيين، على أنه توجه إيجابي، ونحن بحاجة للاستماع إلى طروحاتهم قبل الاستخفاف بهم ونعتهم بألقاب شتى.

لقد أمضيت السنوات الخمس الماضية استمع إلى المئات منهم في أمريكا الشمالية، توصلت خلالها إلى عدد من جوهر أفكارهم، وقبل أن نستكشف ما يعتقدون فلنق نظرة على ما يحتجون عليه.

أولا.. يحتجون على "العلموية".. أنهم حذرون إزاء تقليص كل ما له قيمة إلى ما يمكن اكتشافه فقط في العالم الملموس وتقييد ثقتنا الفكرية بتلك التي يمكن ملاحظتها ودراستها، توجههم نحو الممارسات الصحية البديلة دليل واحد فقط على ذلك، ورغم ذلك فإنّ معظمهم يعتقد بفائدة العلوم، ويستخدمون نظريات علمية لدعم حججهم كـ"الطاقة" والفيزياء الكمية" لتبرير معتقداتهم "الروحانية."

ولكن عموما، لا يعتقدون بأن كل الحقيقة والقيم يمكن أن تختزل في واقعنا المادي-- ليندا ميركادانتي- أستاذة اللاهوت.

ثانيا.. يحتجون على "العلمانية"..  لقد أرهقوا من التقوقع داخل الأنظمة والهياكل، وحصر هوياتهم الفريدة في رموز بيروقراطية، ورفض طبيعتهم الروحانية.. أنهم يلعبون بقواعد المجتمع.. يعملون في وظائف ويهتمون بالأسرة والأصدقاء وفعل الخير، ولكنهم، يحتجون ضمنيا على محاولات طمسهم وعدم الاستماع لهم.

ثالثا.. نعم يحتجون على الدين.. نوعان منه على الأقل، لكنه احتجاج، في معظمه، حول الأسلوب وليس الجوهر --ليندا ميركادانتي-أستاذة اللاهوت.. أنهم يرفضون "الدين الجامد"" على إضفاء صبغة المحافظة ومقاومة التجديد، التي تتمسك بأن هناك وسيلة واحدة فقط لإبداء الروحانية والمعتقد والبحث عن التفوق.. كما أنهم يحتجون على ما أسميه "غيبوبة الدين"، فعقب صدمات العقود الفائتة، وتراجع الهياكل الدينية والتمويل، أصابت الحيرة والارتباك العديد من المتدينين، أنهم مشوشون لدرجة أن العديد منهم، وحتى أطفالهم، تخلوا عن ما كان يوما المجتمع الأمريكي المزدهر والنابض بالحياة.

إذن.. لماذا نصنف الارتفاع الهائل في أعداد "الروحانيين وليس المتدنيين" باعتبار أنها أخبار سارة؟ .. هذا لأن احتجاجاتهم هي الأشياء عينها التي تقلقنا، أو يجب أن تقلقنا جميعنا.. فتزايدهم "دعوة للاستيقاظ" ومؤخرا بدأ الزعماء الدينيون في الإنصات، فتاريخ الدين في المجتمع الغربي يظهر، بأنه عاجلا أم آجلا، يتفهم الناس الوضع وإيجاد طريقة جدية للتعبير عن معتقداتهم الدينية على نحو معاصر.

وفي الوقت الراهن، هناك الكثير من التجمعات الحيوية في مجتمعنا، ففي قالب واسع من الخيارات الدينية الأمريكية ، فأنه من الخطأ استبعاد كافة الخيارات الروحية لدينا بوصفها أنها محتضرة أو فاسدة أو من طراز قديم، وهو ما يفعله الكثيرون؟.. لكن ما الذي دفع "الروحانيين" وغيرهم من الجماعات إلى ذلك؟

هناك عدد من الجماعات الدينية لم تحاول التواصل مع الجماعات "الروحانية" رغم أنهم بحاجة لفهمها والتكلم بلغتها، بدل  التخوف منها ورفضها.

وغالبا، ما تسلط وسائل الإعلام الضوء على التطرف والسلوكيات المنحرفة لبعض الفئات من الناس والفئات الدينية،، لكننا لا نستسلم ولا نلغي من جانبنا جماعات أخرى من البشر غير معصومة، كما نتمسك بوظائفنا وعائلاتنا، هناك حاجة لتعديل بعض المواقف من قبل الجماعات الدينية و"الروحانيين" على حد سواء.

وأخيرا، على الروحانيين التخلي عن أيدولوجية بأن الدين لا لزوم له، وأنه متشابه، أو قد عفا عليه الزمن، علينا جميعا تجاهل الفكرة غير القابلة للتطبيق بأن علينا جميعنا إيجاد جماعة دينية أو روحانية نتفق معها تماما, وحتى في حال وجود مثل هذه المجموعة، فأنها ستصبح "مملة" في القريب العاجل

هناك حقيقة لا يمكن الالتفاف حولها، من الصعوبة للغاية تعزيز حياة الإيمان--ليندا ميركادانتي-أستاذة اللاهوت، فالطريق ضيق، ووعر أحيانا، لذلك من الضروري أن نقطع هذه الرحلة بصحبة رفقة، ، فجمعينا، وليس رجال الدين وحسب، عرضة لخطر أن نصبح جامدين، وغير مرنيين أو نصاب بالخدر، علينا جميعا إيجاد وسائل للتطور والعيش بمعتقداتنا وإيماننا برفقة الآخرين، وهذا هو محور الدين.

يشار إلى أن المقالة لا تعبر سوى عن كاتبتها، ليندا ميركادانتي، استاذة اللاهوت في كلية اللاهوت الميثودية، وهي مؤلفة كتابة "معتقدات بدون حدود: داخل عقول الروحانيين وليس المتدنيين."