باحث إسرائيلي يكتب لـCNN: عشنا أفضل سنوات السلام بعد الربيع العربي.. وكيري أنهاها

العالم
نشر
5 دقائق قراءة
باحث إسرائيلي يكتب لـCNN: عشنا أفضل سنوات السلام بعد الربيع العربي.. وكيري أنهاها
Credit: afp/getty images

المقال بقلم إينات ولف، الزميل المساعد في معهد واشنطن والزميل الرئيس في معهد سياسيات الشعب اليهودي والعضو السابق في الكنيست الإسرائيلي، الآراء الواردة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعكس بالضرورة رأي CNN.

 

(CNN) --  مع حلول 29 أبريل/نيسان الماضي انتهى الموعد النهائي المحدد من قبل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، من أجل التوصل إلى اتفاق سلام يتيح قيام الدولة الفلسطينية، ولكن الموعد مر. ولذلك نسأل: ماذا تبقى بعد كل هذا الأخذ والرد والتهديدات والطلبات وعقد اتفاقية الوحدة بين فتح وحماس؟"

لقد بقينا كطرفين عالقين في علاقة مسمومة منذ سنوات، وإن كانت ليست بالغة العنف والدموية، ومعنا مستشار متحمس كان يصر – خلافا لرغبة الطرفين – على جرهما إلى جلسات الاستشارة التي يعقدها، وإشارات إلى توتر بدأ يتصاعد بين الطرفين في هذه العلاقة، ومن ثم انهيار جهود المستشار الذي يصرح بأن رغبته في إصلاح العلاقة يفوق رغبة طرفيها في الحفاظ عليها.

هذه هي قصة الجولة الأخيرة من المفاوضات الفاشلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ورغم أهمية مناقشة وتحليل هذه الجولة، إلا أن الأهم هو مقدار الجهد الذي بذله كل طرف من أجل تبادل الاتهامات مع الطرف الآخر حول هوية الجهة التي تتحمل مسؤولية الفشل، والحقيقة هي أن الهوة تتسع بشكل متزايد بين الطرفين، هذه هي حقيقة الأمور التي يدركها كل طرف.

قصة النزاع بين العرب واليهود، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعودة اليهود إلى وطنهم الأم، فريدة ولم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري، وبالتالي فإن صعوبة التوصل إلى حلول وسطى والتأخر في اتخاذ "قرارات صعبة"، كما يقول الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ليست أمورا مستغربة.

كيري، الذي أخذ على عاتقه محاولة إحياء المفاوضات، كان قد وضع أهدافا طموحة للغاية لها، إذ كان يتوقع التوصل إلى اتفاق نهائي للسلام بنهاية الشهر الماضي، هذا الأمر لم يحصل، وقد رأى الجانب الأمريكي أنه ما من ضير في المحاولة باعتبار أن شرف السعي نحو الهدف هو ما يجعل أمريكا دولة عظيمة، ولكن في الشرق الأوسط، وخاصة في القضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن المحاولة الفاشلة قد تكون أسوأ من عدم المحاولة على الإطلاق.

لقد أدت المحاولات الفاشلة في الماضية إلى إثارة موجات من العنف والانقسام، كما حصل خلال "الانتفاضة" التي أعقبت جهود الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، لإحراز اتفاق سلام، كما أن سنوات الجمود التي عاشتها العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين خلال السنوات التي سبقت محاولة كيري الفاشلة كانت من بين السنوات الأكثر سلاما منذ عقود، خاصة في ظل ما كانت المنطقة تعيشه على خلفية ما يسمى الربيع العربي.

بالطبع، الامتناع عن قتل الطرف الآخر ليس أمرا يستحق جائزة نوبل للسلام، ولكنه أفضل بكثير من التعرض للقتل خلال المفاوضات. وبما أن الطرفين اجبرا على إجراء التفاوض لوحظ تصاعد العنف، فخلال الأسبوع الماضي مثلا أطلقت جماعات مسلحة في قطاع غزة عدة صواريخ على إسرائيل.

والآن، وبعد انتهاء المهلة المحددة من قبل كيري، وجه كيري المرهق انتقادات للطرفين، أما الرئيس باراك أوباما، فقد رأى أن الجانبين لم يُظهرا التصميم السياسي المطلوب لاتخاذ "قرارات صعبة" غير أن هذه الانتقادات الأمريكية للطرفين ليست جديدة على الإطلاق، فهما لم يشعرا بالرضا حيال حال الجمود في عملية السلام، ولكن تلك الحالة كانت أفضل من الخيارات البديلة، وهي أفضل بالتأكيد من العنف الدموي، هذا العنف الذي يمكن أن يتفجر ثانية عبر المساومات الخطيرة التي تهدد بتمزيق المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي.

الإسرائيليون والفلسطينيون ليسوا أطفالا في نهاية المطاف، هم يجيدون لعب السياسة والقيام بالحسابات المناسبة لمصالحهم واختيار البدائل الأقل سوءا، وقد لا تكون تلك البدائل متوافقة مع ما تفضله الأطراف الخارجية، ولكن من حقهما اختيار ما يناسب مصالحهما، وهما على وعي تام بالقرارات التي يجب عليهما اتخاذها من أجل التوصل إلى اتفاق سلام كامل يعترف بحق الشعبين في الأرض، وإذا فشلا في اتخاذ تلك القرارات فهذا لا يعني بالضرورة أنهما لا يعرفانها.

في يوم من الأيام سيحصل توافق سياسي وجيوبوليتيكي، وسيكون السلام ممكنا، ولكن حتى تحل تلك اللحظة لن تنفع الجهود الخارجية في دفع الطرفين إلى اتخاذ القرارات التي ليس لديهما استعداد لاتخاذها.

الآراء الواردة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعكس بالضرورة رأي CNN.