المقالة التالية بقلم جوليان زيلزر، بروفيسور التاريخ والشؤون العامة بجامعة بريستون، له عدة مؤلفات حول تاريخ السياسة الأمريكية منها "جيمي كارتر" و"حكم أمريكا".. والآراء الواردة بالتقرير لا تعبر عن آراء CNN بل تخص كاتبها.
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- يبدو أن هيلاري كلينتون قضت أسبوعا جيدا، فقد بدت مفعمة النشاط في ظهور مفاجئ بالحلقة الأخيرة من برنامج "ذا فيو" الذي تقدمه باربرا وولتر، التي مازحتها قائلة: لماذا لا تأخذين مكاني في تقديم العرض؟" كما ألقت كلمة حماسية خلال المؤتمر السنوي لـ"مؤسسة أمريكا الجديد" شددت فيها على الحاجة لتخفيف عدم التكافؤ الاقتصادي وإحياء الحلم الأمريكي بأن العمل الجاد خلاصته حراك اقتصادي، مضيفة: "من صميم اعتقاداتي بأمريكا.. لا يهم من انت.. ومن أين أتيت إذا عملت بجهد والتزمت بالقوانين سوف تتاح لك فرصة بناء حياة طيبة لك ولعائلتك."
ورغم أن وزيرة الخارجية السابقة لم تقرر دخول الحملة الرئاسية الانتخابية عام 2016، لكن سلسلة التقارير السلبية التي تواترت مؤخرا، قد تعزز فرص دخولها السباق، فظاهريا قد لا تبدو كأخبار طيبة، لكن بعض مراقبين، يرونها، من منظور مختلف وعقلاني، وكتبت ماغي هابرمان من صحيفة "بوليتيكو": في حين تأخذ خطوات واضحة نحو مستقبلها السياسي.. صوت صدى الماضي يبدو طاغيا في الوقت الراهن."
جلسات الاستماع حول أحداث بنغازي تحمس لها الجمهوريون الساعون للتحقيق حول أخطاء ربما ارتكبتها إبان توليها حقيبة الخارجية، كما تساءل منتقدوها عن أسباب تراخي الوزارة في إدراج جماعة بوكو حرام كمنظمة إرهابية، وهي الجماعة المسؤولة عن اختطاف قرابة 300 طالبة نيجيرية.
وقال السيناتور الجمهوري، ماركو روبيو، إن كلينتون تستحق أدنى الدرجات عن أدائها خلال قيادة وزارة الخارجية، فجلسات الاستماع بجانب التساؤلات المطروحة بشأن السياسة الخارجية تعتبر بمثابة تذكير للأمريكيين بشأن نوعية الهجمات السياسية القوية، التي قد تتعرض لها كلينتون حال قررت دخول السباق الرئاسي.
المقالة التي كتبتها مونيكا لوينسكي، أعادت إحياء ذكريات مؤلمة أواخر التسعينيات في القرن الماضي، بتفجر فضيحة علاقتها مع الرئيس، التي شارفت الإطاحة بولايته، كما أن نشر المزيد من وثائق أرشيف الرئيس كلينتون، قد يفجر المزيد من القصص حول تلك الفترة.
وكأن ذلك ليس بكاف، فتلميحات كارل روف بأن دماغ كلينتون تعرض لضرر بعد سقوطها، أثارت المزيد من الجدل حيال إذا ما كانت لائقة طبيا للرئاسة، كما أعرب حاكم ماساشوستس، ديفال باتريك، المرجح دخوله السباق الرئاسي كذلك، خلال حديث لـCNN، عن قلقه من اعتبار البعض بحتمية دخول كلينتون، مضيفا: أعتقد أنه قد ينفر الناخب."
كافة هذه الأنباء، التي قد تبدو سلبية في ظاهريا، ربما تعمل لصالحها، من أبرز سمات كلينتون كونها مرنة تتمتع بقدرات تحمل فائقة بمواجهة القضايا السياسية الصعبة، فإعادة إحياء ذكريات فترة التسعينيات، كثير من هذه القصص قد يعيد التذكير بجّلد كلينتون.
وفي وقت أبدى فيه ديمقراطيون استيائهم بكيفية إحباط الكونغرس الديمقراطي لهذه الإدارة، يبدو السجل الشخصي والمهني لهيلاري كلينتون، كسيدة أولى سابقة وكعضوة في مجلس الشيوخ ووزيرة للخارجية، يبدو مشرفا للغاية، وكنموذج جذاب في وقت يختار فيه الديمقراطيون زعيما لقيادة حزبهم في الحرب الحزبية المحتم استمرارها في السنوات المقبلة.
التقارير بشأن مونيكا لوينسكي وصحة كلينتون، سوف يساعدا كذلك في إضفاء صفة إنسانية عليها، واحدة من العراقيل امام كلينتون، هي صعوبة إيضاح جانب من حقيقة شخصيتها للشعب، الذي يراها أحيانا كآلة باردة.. كيفية تحملها للاختبارات التي تعرضت لها حياتها الزوجية والهجمات على شخصها إبان فترة التسعينيات، من المؤكد أن تدر تعاطف العديد من الأمريكيين، وعلى الأقل، تقدم صورة أوضح للناخب عن شخصيتها.
وبالنظر إلى الكيفية التي اضطر فيها الأمريكيون طويلا للمعاناة من الهجمات الحزبية الشرسة خلال السنوات الماضية، قد تدفع بكثيرين للتعاطف معها إزاء ما تحملته خلال عدة عقود مضت. وفي الوقت الذي تستعد فيه تشيلسي لولادة أول طفل لها، تتحدث هيلاري كلينتون بإسهاب عن بهجة كونها والدة وجدة في القريب العاجل، فهذه تجارب تجعلها أكثر إنسانية في نظر الأمريكيين.
الاضطرابات التي رافقت نشر الأرشيف والضجة الحتمية التي قد ترافق ترشحها للانتخابات، ليس بالضرورة أمر سيء، فوسائل الإعلام، والناخب، إلى حد كبير، يميلون عادة لمن صارع لتحقيق النصر، ففي انتخابات 2008، تشبث انصار باراك أوباما بحقيقة أن كلينتون هي المرشح المحتوم، وقدموها على أنها المرشح التقليدي، وتصويره على أنه المحارب، والشخص الذي صارع بإتجاه تحقيق النصر في منافسة مثيرة.
الهجمات التي تعرضت لها كلينتون، خلال الأسابيع الأخيرة، بجانب الأسئلة المثارة بشأن ترشحها للرئاسة، بمثابة تذكير للناخب بأن مسار رحلتها للنجاح لم يكن ممهدا أو سهلا ويظهرها كمحارب متمرس وناج من تلك الحملة.
جلسات استماع بنغازي، بجانب تلك التي تناولت "وكالة العائدات الداخلية" تزيد تأكيد القناعة بأن الجمهوريين "حزب تحقيقات" مهووس بالفضائح وبحالة بحث مستمر لإيجاد أدلة ضد قادتنا.. هذه الجلسات زادت من تلطيخ الصورة المتضررة بالفعل للحزب الجمهوري. لا يتمتع أحد بالقدرة على استغلال سانحة ضعف الحزب سوى هيلاري كلينتون، التي كانت ضمن فريق البيت الأبيض في استخدام هذه الصورة ضدهم أواخر التسعينيات.
وفي نهاية المطاف، فأنه من الأفضل إزاحة كافة هذه المسائل مبكرا قبيل إعلان ترشحها للانتخابات، الحقيقة البديهية الوحيدة في السياسة الأمريكية، أن كل ما هو سيء سيطفو دونما شك، لهذا من الجيد دوما، التخلص من كافة الأنباء السيئة قبل وقت طويل من بدء اللعبة الحقيقية، فنحن مازلنا في منتصف موسم الحملة الرئاسية لعام 2016، من الأفضل تداولها الآن قبل تنبه الكثير من الأمريكيين لها مع بدء المنافسة الجدية.
لهذه الأسباب مجتمعة، كافة هذه الأنباء السيئة تبدو جيدة لهيلاري كلينتون، إذا كانت مستعدة لدخول السباق، الانقضاض بهجمات وتحديات عليها ربما مجرد تذكير الديمقراطيين بحاجة إليه... هيلاري كلينتون هي الأكثر كفاءة لهذا المنصب.