نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- طائرة آلية صغيرة لا يزيد طولها عن قدمين اثنين تحطمت في فناء البيت الأبيض، لتتزايد الأسئلة حول إمكانية استخدام هذا النوع من الطائرات في هجمات إرهابية تستهدف البيت الأبيض يوما ما، أو ربما مؤسسات أمريكية حساسة.
وقد وقعت حادثت سقوط الطائرة في نفس اليوم الذي نفذت فيه طائرات دون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA غارات في اليمن هي الأولى لها منذ قرابة شهرين، والأولى كذلك منذ إخراج الحوثيين الحكومة اليمنية والرئيس عبدربه منصور هادي من السلطة. وقد دلت تلك الغارات على أن برنامج CIA الخاص باليمن مستمر رغم التبدلات السياسية بذلك البلد.
وقضية استخدام الطائرات العاملة بدون طيار في العمليات العسكرية ليست قديمة، بل تعود إلى فترة ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إذ قبل ذلك التاريخ كان الأمر أشبه بالخيال العلمي، ولم تكن أمريكا تمتلك إلا حفنة من تلك الطائرات، ولكنها اليوم تدير سبعة آلاف طائرة منها تستخدمها بعملياتها العسكرية، بينها 200 طائرة مسلحة.
وما من شك أن الطائرات العاملة دون طيار ستلعب في المستقبل أدوارا حاسمة في الحروب تشبه أدوار الدبابات في الحرب العملية الثانية، ومن المتوقع ألا تقتصر الاستعانة بها على أمريكا فحسب، بل قد تلجأ دول أخرى مثل الصين وروسيا إليها، إلى جانب حركات إرهابية مثل حزب الله اللبناني، الذي استخدمها لقصف أبنية كانت تتمركز فيها مجموعات من جبهة النصرة في سوريا بسبتمبر/أيلول الماضي.
وتعتبر إيران الدولة الراعية الأساسية التي تقف خلف حزب الله، وقد سبق لها هي أيضا أن أعلنت خلال السنوات الماضية عن تطوير طائرات دون طيار لأهداف عسكرية، ولكن استخدام الحزب لتلك الطائرات شكل علامة فارقة بتاريخ العمليات العسكرية، إذ أنها المرة الأولى التي يقوم بها حزب إرهابي باللجوء لغارات الطائرات الآلية بنجاح.
بالطبع، ستحتاج دول العالم – ناهيك عن التنظيمات الإرهابية – إلى سنوات للوصول إلى مستوى التطور التقني الذي تمتلكه الطائرات الأمريكية أو معادلة قدرتها على تنفيذ ضربات في أماكن بعيدة، خاصة وأن الولايات المتحدة تدير قواعد للطائرات الآلية في السعودية وأفغانستان وجيبوتي.
علاوة على أن استخدام الطائرة الآلية لأهداف عسكرية أمر بالغ التعقيد، إذ يجب تعزيز تصميم الأجنحة بحيث تتحمل ثقل الأسلحة والاهتزازات الناتجة عن إطلاق صواريخ، كما يجب توفير أنظمة إلكترونية بالغة التطور لأجهزة الإطلاق والرصد.
ولكن رغم تلك المعوقات، فإن السباق لامتلاك الطائرات العاملة بدون طيار يشتد، وتشير التقارير إلى أن أكثر من 80 دولة تسعى لتطوير قدرات من هذا النوع خاصة على ضوء الحملة القوية والناجحة التي تشنها الطائرات الأمريكية من هذا النوع ضد أهداف لتنظيم القاعدة والمتشددين بدول مثل اليمن.
المشكلة الوحيدة أن النمو السريع لهذه الصناعة لم يترافق مع تطور مماثل في الهيكل القانوني الذي يُنظم عملها ويبيح لها استهداف المشتبه بهم، وربما تكون حادثة سقوط الطائرة الآلية في فناء البيت الأبيض فرصة لتوسيع النقاش حول كيفية مجابهة احتمال أن تستهدف طائرة مماثلة بالفعل البيت الأبيض.. وتكون مسلحة هذه المرة.