الجزائر (CNN)-- انقلبت نعمة قفة رمضان التي توزعها مختلف بلديات الجزائر على الفقراء والمساكين في شهر الصيام إلى نقمة، بعد أن انتشر وسط العائلات المعوزة خبر مفاده أن العديد من القفف التي قدمت لهم كانت إما منتهية الصلاحية أو المواد التي بالقفة لا تصلح لسد حاجياتهم، والأمثلة عن الحادثة عمت مختلف ربوع الوطن، ممّا دفع بالسلطات المحلية لفتح تحقيقات في القضية للتقليل من غضب الشارع الجزائري، وخاصة العائلات المحدودة الدخل والفقيرة على حد سواء.
وأحدث ما شهدته الجزائر هو ما عاشته بلدية "حد الصحاري" الواقعة جنوب ولاية الجلفة، والتي أقدم سكانها على رمي القفف التي وزعت على الفقراء أمام باب مقر البلدية كرد منهم على حالة الغضب التي سادت المواطنين من المواد التي كانت تحملها القفف والتي كانت تشير عبواتها إلى نهاية صلاحيتها.
ومن جانبها لم تحرك مصالح مديرية التجارية ساكنا للقضية، فيما طالبت الحركة الجمعوية والمجتمع المدني والي الجلفة بالتدخل العاجل وفتح تحقيق في من يتلاعبون بأرواح الناس ويعرّضون حياة المواطن للخطر.
وقال اسماعيل زغاي أحد نشطاء جمعية "الأمل": " تحوّلت ظاهرة قفة رمضان إلى بزنسة حيث يلجأ المموّلون إلى تضخيم الفواتير والتلاعب بنوعيتها وكيفية استغلالها"، والدليل على ذلك حسب قوله "الفضائح والتقارير السوداء التي لحقت الداخلية عبر التراب الوطني".
وتسائل المتحدث قائلا :"هل فكرة البطاقة الوطنية للعائلات المعوزة هي حماية للمعوزين حقا؟ ولماذا لا يتم تقسيم منحها على أكثر من وزارة وتدرجها من وزارة التضامن إلى الهلال الأحمر إلى الولايات ثم الدوائر والبلديات؟ وهل وزارتنا تجهل فعلًا التناقض في صرف الملايير كل سنة ونسبة الفقر في ارتفاع سنوي متصاعد؟"
ومن جهة أخرى ذكر أمين بليل أحد أعضاء فدرالية الدفاع عن المستهلك، أن رؤساء البلديات حوّلوا قفة رمضان إلى ورقة رابحة في الحملة الانتخابية، "حيث يشترون الأصوات بالزيت والسكر وبأموال الدولة، وحتى أن هناك من يشارك فقراء بلديته فيها، بينما واجبهم في الحفاظ على كرامة المواطن فهي آخر ما يفكرون به، ونحن نرى ونسمع ونقف دوما على خروقات يندى لها الجبين".
وإذا كانت التعليمات التي بعثت بها وزارة الداخلية والجماعات المحلية والبلديات والولايات من أجل توزيع قفة رمضان أسبوعين قبل حلول الشهر الكريم، فإن الواقع وما يعيشه المواطن الجزائري أسوأ مما يتخيله البعض، فإلى اليوم هناك بلديات في الجزائر العاصمة، حسب ما ذكره رئيس بلدية دالي ابراهيم بأعالي العاصمة، كمال حمزة، الذي قال أن تعليمات الوزارة جاءت متأخرة، خاصة وأنها هذه المرة قررت تحويل قفة رمضان من مبلغ مالي إلى مواد غذائية، وقانون الصفقات يستلزم وقتا طويلا خاصة إذا كانت الميزانية المخصصة لهذه الإعانة ليست بالكافية".
هذا التأخر في تسليم قفة رمضان، والتي كان من المفترض أن تسلم في الأسبوع الأول من رمضان كأقصى تقدير، إلا أن العديد من رؤساء البلديات لا يجدون حرجا في تسليمها في النصف الثاني من الشهر وحتى في ليلة ال27، وهناك من يسلمها بعد رمضان، لتصبح قفة رمضان، قفة شوّال، وطبعا هذا الأمر يؤثر بشكل كبير على المواد التي توزعها البلديات ويتسبب بطريقة أو بأخرى في فساد المواد التي تحملها القفة.
وكانت مدينة الجزائر العاصمة قد شهدت في رمضان 2013 حادثة مؤسفة دفعت السلطات الأمنية للتدخل، وهذا بعد أن اكتشفت علب طماطم مصبّرة ضمن المواد المتواجدة في قفة رمضان منتهية الصلاحية، ما أدخل مديرية التجارة هي الأخرى في قفص الاتهام. ولدى فتح مصالح الدرك الوطني تحقيقا معمقا تبين بعد معاينة الطماطم المصبرة أن هناك محوًا واضحًا باستعمال الدهن الأسود على تاريخ نهاية الصلاحية.