الجزائر (CNN)-- بعد أن صدر في حقه سنة 2007 حكما غيابيا بالسجن المؤبد، أصدرت محكمة جنايات مجلس قضاء البليدة بالجزائر حكما بـ18 سنة نافذة على المتهم عبد المؤمن خليفة، الرئيس المدير العام لمجمع الخليفة، كما حكمت عليه بغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري ومصادرة أملاكه وكافة المحجوزات.
وتوبع "الغولدن بوي" أو الفتى الذهبي في قضية "الخليفة" التي انطلقت يوم 4 مايو الفارط، بجناية تكوين جمعية أشرار والسرقة المقترنة بظروف التعدد النصب والاحتيال الإفلاس بالتدليس الرشوة وخيانة الأمانة وتزوير محررات مصرفية، في حين أسقطت المحكمة عنه تهمة استغلال النفوذ.
كما كان النائب العام لهيئة محكمة البليدة قد التمس في جلسة السابع من يونيو الفارط، حكما بالسجن المؤبد في حق المتهم خليفة مع مصادرة أملاكه. وقد توبع في قضية الخليفة 71 متهما بعد وفاة 5 ممّن قاموا بالطعن أمام المحكمة العليا في قرارات محاكمة سنة 2007، علمًا أن من بين المتهمين 21 محبوسا، كما فاق عدد الشهود في القضية 300 شاهدا إلى جانب الطرف المدني والضحايا.
وأهم ما جاء في المحاكمة هو إثبات تهمتي تكوين جماعة أشرار والسرقة في حق المدير الفني للمنتخب الجزائري سابقا، إيغيل مزيان، وإسقاط تهمة خيانة الأمانة عنه، كما أصدر في حقه حكم السجن بثلاث سنوات. فيما استفاد الغالبية الساحقة من المتهمين غير الموقوفين من البراءة.
عبد المؤمن خليفة "المليار دير" الذي نافس أغنى رجال العالم ثراء
تعود قصة عبد المؤمن خليفة الذي بات بين ليلة وضحاها من أكبر أثرياء الجزائر وصاحب نفوذ كبير إلى نهاية سنوات التسعينات من القرن الماضي، حيث بدأ مشواره بتأسيس شركة صيدلة على إثر حصوله على أول رخصة لاستيراد الأدوية لدى عدد من الشركاء الفرنسيين معروفة باسم كا. أر. جي فارما بعد حصوله على خبرة من الصيدلية التي ورثها عن أبيه، ومكّنته هذه الصيدلية من جني أرباح طائلة إلا أنه أوقف نشاطها لأسباب بقيت غامضة.
"الغولدن بوي" عبد المؤمن خليفة دخل عالم المال والأعمال وسنه لم يتجاوز 30 سنة، أنشأ أول شركة طيران خاصة باسم شركة طيران الخليفة وذلك في سنة 1998 مستغلا الفراغ الذي تركه غياب الشركات الأجنبية عن الجزائر، وتحصل على ترخيصها بسرعة البرق، لا سيما وأن وقتها الجزائر كانت تفكر في تغطية توقف شركات الطيران الفرنسية عن التنقل إلى الجزائر إثر حادثة اختطاف طائرة فرنسية منتصف التسعينات بالجزائر، ممّا جعل خليفة يحقق أرباحا وازداد نفوذا كبيرا في الجزائر.
ورغم الثراء الذي بلغه خليفة إلا أن طموحه كشاب لم يتوقف عند شركات الطيران بل لعب لعبة أتت بقدمه في المحاكم، وهي قضية القرن، بإنشائه بنكًا خاصًا به، أطلق عليه تسمية "بنك الخليفة" وحصل في ظرف سريع ووجيز على رخصة من بنك الجزائر.
ورغم أن المجمع كان يتداعى بسبب عملية النهب المنظم لموارده المالية إلا أن مصالح الرقابة لم تتفطن لذلك إلا في نوفمبر 2003 عندما تم توقيف ثلاثة مسؤولين بالمجمع وهم بصدد تهريب مبلغ من العملة الصعبة، وهي الحادثة كانت سببا مباشرا في وضع المجمع تحت التصفية، لتبدأ خيوط الفضيحة تبرز شيئا فشيئا حتى انكشفت أكبر قضية فساد عرفتها الجزائر.
ففي هذه القضية، كان المتهم يُوزع أموال المؤسسات العمومية والخاصة التي كانت تُودع في بنكه، يمينا وشمالا ويفرّقها لأصدقائه وشخصيات ومشاهير فنانين وغيرهم، وكان يتصرف دون ابداء أية شكوك، إلى غاية تفجير التحقيقات المتعلقة بهذه القضية.
وبعد ذلك، فرّ الفتي الذهبي إلى بريطانيا بعد كشف خيوط الفضيحة سنة 2003، ليتم توقيفه بموجب مذكرة توقيف دولية ببريطانيا منذ سنة 2007، إلى غاية سنة 2010 عندما سمحت وزارة الداخلية البريطانية بتسليمه إلى الجزائر، لكن ومنذ ذلك الوقت اعتمد دفاعه عدة اجراءات تسمح بوقف تسليمه للجزائر، وقدم لدى المحكمة العليا البريطانية طلبا بوقف هذا القرار.