الرباط، المغرب (CNN)—هي واحدة من ذوي الاحتياجات الخاصة. لا تستطيع الأكل ولا الشرب بمفردها، لا تدرك ما يجري حولها، ولا تستطيع لا النطق ولا الحركة. غير أن المحنة لم تتوقف عند هذا الحد، بل وصلت حد اغتصابها من مجهول، لتلد قبل أيام طفلها الأول في ظروف تقف الكلمات عاجزة عن وصفها.
فوزية الدمياني، الإسم الذي احتل عناوين عدد من وسائل الإعلام المغربية، شابة تبلغ من العمر 33 سنة، تسكن ببلدة نواحي مدينة الجديدة (96 كيلمترًا عن الدار البيضاء)، منذ أن خرجت إلى هذا العالم وهي تعاني شللًا كاملًا زاد من أهوال الفقر التي تحيط بأسرتها البسيطة، لتكتمل فصول المعاناة، باغتصابها من طرف مجهول استغل خروج والدتها ذات يوم إلى عملها في تنظيف المنازل.
"اكتشفت أن الحالة الصحية لابنتي تدهورت في إحدى الفترات، فقرّرت نقلها إلى المستشفى معتقدة أن الأمر يتعلّق بإصابتها بمرض السرطان الذي سبق أن قضى على شقيقها. غير أن الطبيب أكد لي أن ابنتي حامل في الشهر السادس. أغمي عليّ في تلك اللحظة، ثم حاولت الانتحار بعدها، إلّا أن ابني أنقذني من الموت" تقول مليكة، والدة الضحية.
وتتابع مليكة في تصريحات هاتفية لـCNN بالعربية، من داخل مستشفى محمد الخامس بالجديدة: " اشتبهت قوات الدرك الملكي في البداية بأحد حفدتي، إلّا أنه أبدى استعداده للقيام بتحاليل الحمض النووي، ثم اشبتهت في رجل له ثمانية أبناء، والآن هناك مشتبه ثالث.." ينقطع الاتصال عندما بدأ الرضيع محمد أمين بالصراخ، قبل أن تعود الجدة للحديث مرة أخرى:
"لديّ أربعة أبناء آخرين، ثلاثة منهم رفضوا المجيء إلى المستشفى خوفًا من العار، أما الرابع فهو من وقف بجانبي طوال هذه المحنة. أعيش مع فوزية في فقر مدقع داخل سكن عشوائي بعدما اختار أبنائي الرحيل عن البلدة الرحيل بحثًا عن لقمة العيش. كنا نعيش حالة من الألم الشديد، لكن التضامن الكبير الذي لاقيناه، أعاد لنا الكثير من الأمل" تتحدث مليكة، البالغة من العمر 62 سنة.
وزادت مليكة أن فوزية لا تدرك أيّ شيء، وغير قادرة على استعادة ما وقع، بيد أنها تحس بأمومتها:"عندما تحمل ابنها بعيدًا عنها، يمتعض وجهها وتحرّك رأسها دلالة على الرفض.. إصرار ابنتي على الحياة جعلني أرفض بشكل قاطع التخلي عن الحفيد، فسأضحي بما تبقى من عمري من أجل محمد أمين، تمامًا كما استطعت رعاية أبنائي الخمسة، وكما ساهمت في رعاية حفدة من ابني الراحل".
وقد أعلن مجموعة من المغاربة عن وقفة بالرباط ليلة الثلاثاء تضامنًا مع فوزية ومع كل ضحايا الاغتصاب. وفي هذا السياق، تقول رقية أشمال، إحدى منظمات الوقفة: " سنحتج لأجل المطالبة بالعمل على توقيف الجاني، واتخاذ التدابير الكفيلة لأجل الحد من ظاهرة الاغتصاب، ولأجل ضمان الرعاية الاجتماعية للضحية، ولأجل التعجيل بإخراج قانون محاربة العنف ضد النساء".
وتابعت رقية لـCNN بالعربية: " على وزارة التضامن أن تعجل بحماية فوزية من التشرّد، وأن تضع التدابير الكفيلة برعاية الأشخاص في وضعية إعاقة، وكذا ندعو المشرّع المغربي إلى إعادة النظر في بنود القانون الجنائي، من خلال ردع المغتصبين وضمان كرامة نساء وفتيات وأطفال هذا الوطن".
كما أعلنت عدة جمعيات عن حملات لجمع تبرعات لفائدة فوزية، منها حملة أُطلقت على الانترنت، وتمكن من التبرّع بسهولة عبر بوابة رقمية خاصة بالتبرّعات، كما أعلن مجموعة من المغاربة عن تنظيم زيارة لبيت فوزية مباشرة بعد خروجها اليوم الثلاثاء من المستشفى.
هذا وقد نقلت مواقع مغربية خبر اعتقال مصالح الدرك الملكي لابن أخ الضحية، اليوم الثلاثاء، بسبب تطابق نتائج حمضه النووي مع تلك الخاصة بالرضيع، وقد كان هو المشتبه الأول به في القضية، ممّا يضيف فصولًا جديدة من المعاناة في قصة فوزية، إذ إن طفلها أتى من علاقة جنسية في إطار "زنا المحارم"، بعدها اختار المتهم اغتصاب عمته واستغلال عجزها.