مقال لدانييل بليتكا، نائب رئيس الدراسات السياسة الخارجية والدفاع في معهد أميركان إنتربرايز، والمقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- مرّ عام على قطع الرأس الوحشي للصحفي الأمريكي الإسرائيلي الأصل، ستيفن سوتلوف، لتصدم صوره التي أصبحت شائعة للغاية الشعب الأمريكي وبالتالي رئيس الولايات المتحدة، مما أدى إلى رده على الذعر الذي أثاره داعش في الشرق الأوسط. ولكن بعد وقوع المزيد من حوادث قطع الرؤوس التي لا تعد ولا تحصى، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الاعتداءات الأقل وحشية ولكن لا تقل عنها دناءة، ليواصل داعش ازدهاره.
ليست لدى الولايات المتحدة استراتيجية ضد الجماعة الإرهابية، والتكتيكات التي تتبعها إدارة أوباما تفشل في تحقيق النتائج.
أعلن الرئيس الأمريكي، في أوائل شهر يوليو/ تموز، أن كل شيء على ما يرام في المعركة ضد داعش، قائلا: "كما هو الحال مع أي جهد عسكري، سيكون هناك فترات من التقدم، ولكن ستكون هناك أيضا بعض الانتكاسات -كما شهدنا من تقدم داعش في الرمادي في العراق ووسط وجنوب سوريا."
نعم، يا سيد أوباما، كانت هناك انتكاسات بالفعل، وليست هذه الانتكاسات أسوأهن.
داعش، المعروف أيضا باسم الدولة الإسلامية، والدولة الإسلامية في سوريا والشام، استولى على الموصل والرمادي في العراق وتدمر في جنوب سوريا وله نفوذ في اليمن وليبيا ومصر وأفغانستان والجزائر وغيرها.
ويصر المسؤولون في إدارة أوباما أن داعش ليس بالحجم الذي يصور نفسه به، وأنه يواجه المصاعب أيضا. حيث قتل عدد من كبار قادته باستخدام الطائرات بدون طيار، وتواجه الجماعة صراعا خطيرا مع تنظيم القاعدة، كل هذا صحيح ولكن داعش يواصل تجنيد المقاتلين الأجانب.
يعترف مسؤولون في المخابرات أنه ورغم ما يزيد عن مقتل 10 آلاف من الجنود في تنظيمه، لا تزال تقدر قوة الجماعة بنحو 20 إلى 30 ألف جندي، بكلمات أخرى ليس هناك تغيير ملحوظ منذ بدأت الولايات المتحدة عملياتها المكثفة ضد الجماعة في 2013.
يصر الجنرال المتقاعد جون ألين، مبعوث إدارة أوباما الخاص، على أن داعش يخسر، وهو على حق على الصعيد الوجودي له. فداعش لن يحكم العراق أو اليمن أو سوريا في أي وقت قريب، ولكنه لا يزال يسيطر على محافظات في العراق وسوريا ويؤسس الدولة التي يدّعي إدارتها.
والأسوأ من ذلك، وما تدّعي الإدارة الأمريكية أنه خبر سار، هو مشاركة المملكة العربية السعودية وتركيا في هذه الحرب، فكل من العاصمتين، الرياض وأنقرة، دعمت بعض جماعات منها جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة بسوريا، وأستيقظ الأتراك للخطر الذي يمثله داعش على أمنهم، ولكنهم لازالوا أكثر اهتماما باستخدام شراكتهم الجديدة مع أمريكا لمهاجمة الجماعات الكردية التي تستولي على الأراضي السورية.
بمعنى آخر، ومن خلال اتفاقيات عقدناها مع دول أخرى لتنفيذ سياسة الأمن القومي -يا لها من مفاجأة– اكتشفنا أن هذه الدول لا تشاركنا وجهة نظرنا بالعدو.
لا يزال داعش يسيطر على مناطق كبيرة وهامة في العراق. ورغم الجهود التي تبذلها حكومة العبادي في بغداد، لم يتم إحراز تقدم كاف في المصالحة بين الطائفتين السنية والشيعية، التي سمح خلافهما المستمر لداعش بالازدهار.
ولم تستطع الميليشيات الشيعية التغلب على داعش، رغم دعم الولايات المتحدة لهم بقوات جوية والاستشارات العسكرية المقدمة من الحرس الثوري الإيراني لهم، والذي يُعتبر من أغرب الشراكات بين جمهورية إيران وإدارة أوباما في العراق.
وفي اليمن تتكرر القصة ذاتها تقريبا.
الانهيار البطيء في البلاد، ففي حين لم يحتل العديد من عناوين الصحف مثل حال سوريا، إلا أنه حرّض السعوديين ووكلائهم ضد إيران ووكلائها، وكانت أبرز نتائج هذا الصراع انتفاع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وفرع داعش في اليمن.
تنقسم ليبيا أيضا بين الحكومة الحقيقية والحكومة الأكثر اعتدالا التي تتحصن الآن في طبرق، والحكومة الإسلامية في طرابلس وتنظيم داعش وغيرهم من الجماعات المتنامية المرتبطة بتنظيم القاعدة.
في ضوء الكوارث المتصاعدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا يمكن استخدام نفس الاستراتيجية ضد جميع تلك الجماعات. ومن الواضح أن هناك حاجة إلى بذل جهود مكثفة لمساعدة الجيش العراقي والتفاوض مع السنة في العراق. وعلى الأرجح يحتاج العراق إلى المزيد من المساعدات العسكرية، والمساعدات العينية وانخراطا أكبر من الولايات المتحدة.
ولكن هذا ليس كافيا، كان يتوجب البدء بتشكيل حكومة انتقالية مقبولة من قبل الولايات المتحدة والشعب السوري في آن واحد، في الواقع كل دولة تتطلب استراتيجية منفصلة خاصة بها، ولكن هناك عنصر مشترك واحد يتمثل بأن واشنطن لا يمكنها التدخل فقط عندما تتصدر الأخبار السيئة الصفحات الأولى بوسائل الإعلام، كما فعلت عندما لاقى ستيفن سوتلوف وجيمس فولي وبيتر كاسيج حتفهم المروع.
من السهل أن نتوقع قدرة كل دولة على مواجهة التحديات الخاصة بها، ولكن ليس هناك ذرة دليل تدعم هذه الفكرة، وبينما يصر البعض على أن الكابوس الذي دفع 11 مليون شخص للهرب من منازلهم ليس مشكلة أميركا، إلا أن واقع تزايد قوة داعش وتنظيم القاعدة يعني أن هؤلاء الإرهابيين سيأتون لعتبة بابنا عاجلا وليس آجلا.