رأي: أمريكا ستصبح أفقر اقتصادا وأقل إنسانية إذا لم تستقبل اللاجئين من سوريا والعراق

العالم
نشر
6 دقائق قراءة
رأي: أمريكا ستصبح أفقر اقتصادا وأقل إنسانية إذا لم تستقبل اللاجئين من سوريا والعراق
Credit: Jeff J Mitchell/Getty Images

مقال لكاثلين نيولاند، المؤسس المشارك وزميل أول في معهد سياسات الهجرة بالولايات الأمريكية المتحدة. المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة ولا يعكس بالضرورة رأي CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- ​ تصدّر إعلان الحكومة الألمانية هذا الأسبوع عن قدرتها على استيعاب نصف مليون لاجئ سنويا على مدار "عدة سنوات" قادمة عناوين الصحف، ورفع من سقف التوقعات لبقية الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

وجاء هذا الإعلان استجابة للأزمة الإنسانية الجارية عبر البحر الأبيض المتوسط، بينما تكافح الأمم الأوروبية للتعامل مع أكبر عدد لاجئين شهدته المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية. وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين الحالي في العالم هو أعلى رقم على الإطلاق.

كل ذلك أثار الجدل حول ما إذا كانت الدول الأخرى قد أدت واجبها نحو هؤلاء اللاجئين، في حين غمر أربعة ملايين لاجئ سوري وعراقي كلا من تركيا ولبنان والأردن.

وفي حين تناقش أوروبا مسألة حصص الدول النسبية من اللاجئين، يتجه البعض للولايات المتحدة لاستيعاب المزيد من اللاجئين. فقد استقبلت أمريكا حوالي ألف وخمسمائة لاجئ سوري من خلال برنامجها لإعادة التوطين، ومنحت حق اللجوء لألف وخمسمائة آخرين. ألا ينبغي إذا أن تبذل جهدا أكبر لمواجهة هذه الأزمة الإنسانية؟

يجب أن يكون الجواب: نعم – وذلك لثلاثة أسباب على الأقل.

السبب الأول هو القيادة. كانت الولايات المتحدة رائدة في مجال الاستجابة الإنسانية منذ خروجها من العزلة في الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين، أعادت الولايات المتحدة توطين أعداد من اللاجئين سنويا أكثر من بقية دول العالم مجتمعة.

وبطبيعة الحال، في ظل الأزمة الحالية، تحمينا الجغرافيا من تدفقات ضخمة من اللاجئين القادمين مباشرة إلى الدول المجاورة وإلى أوروبا لطلب اللجوء. ولكن لا يزال بوسعنا أن نواصل تاريخنا الرائد عن طريق إعادة توطين اللاجئين من مناطق الصراع في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.

ولكن تكمن المشكلة في أن برنامج إعادة التوطين لا تزال تعرقله البيروقراطية والجبن. فلم نتعاف بعد من الهلع الذي تسببت به حادثة الحادي عشر من سبتمبر، والرعب المستمر من احتمال تسلل الإرهابيين إلى الأراضي الأمريكية عن طريق برنامج إعادة التوطين. رغم أن هذا التسلل لم يحدث منذ 15 عاما وجعل التدقيق المتشدد البرنامج أقل المسارات احتمالا لدخول الإرهابيين.

وبأخذ ذلك في عين الاعتبار، سيكون من الحماقة بالنسبة للولايات المتحدة أن تتخلى عن تميزها وريادتها عالميا في إعادة توطين اللاجئين بسبب كابوس يمكنها حماية نفسها منه بسهولة.

أما السبب الثاني الذي يدفعنا لاستقبال المزيد من اللاجئين هو المسؤولية.  فالأزمة السورية في مرحلتها الحالية، حيث يفر نفس عدد الناس من داعش كما يفرون من نظام بشار الأسد الوحشي، ترتبط بحرب العراق وتداعياتها.

والحقيقة هي أن العديد من قادة داعش ينتمون إلى مخلفات الجيش البعثي الذي حلّه الاحتلال الأمريكي بعد سقوط نظام صدام حسين. فتُوفّر الفوضى في سوريا وانتشارها في المناطق السنية في العراق الفرصة التي انتظرها داعش لتقوية نفوذه في البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قبول الولايات المتحدة بحكومة نوري المالكي سمحت بانتشار سُم داعش في العراق، ولذلك ينضم مئات الآلاف من العراقيين الآن إلى اللاجئين السوريين.

تحملت الولايات المتحدة المسؤولية أعقاب الحرب الفيتنامية، وأعادت توطين ما يقرب من مليون شخص من سكان الهند الصينية. ولذلك يمكننا على الأقل استقبال جزء من ذلك العدد من السوريين والعراقيين الذين يشكلون أكبر المجموعات الطالبة للجوء السياسي في أوروبا. لقد ساعدنا بتفاقم المشكلة، لذلك علينا الآن أن نساعد في إصلاح الوضع للناس الذين يدفعون الثمن.

والسبب الثالث لبذل جهد أكبر في مواجهة هذه الأزمة هو المصلحة الذاتية. فقد استفدنا إلى حد كبير من اللاجئين الذين قمنا بإعادة توطينهم. حيث ساعدنا العلماء اللاجئون الألمان على الفوز بالحرب العالمية الثانية، ويملأ أرقى جامعاتنا علماء أوروبا الشرقية الشيوعيين الفارين من الاضطهاد. وساعد اللاجئون الولايات المتحدة على تصدر الصناعات مثل: اللاجئ الهنغاري أندي غروف، رئيس مجلس إدارة شركة "إنتل" السابق، واللاجئ الكوبي كارلوس جوتيريز وزير التجارة الأسبق والرئيس التنفيذي لشركة "كيلوغ"، والطلبة المتفوقون من اللاجئين الصينيين والفيتناميين الذين ساعدوا على تطور شركات التكنولوجيا الفائقة الأمريكية.

تستضيف الولايات المتحدة حاليا ما يقارب 70 ألف لاجئ سنويا من خلال برنامجها لإعادة التوطين. ولكن في عام 1992 كان عدد اللاجئين حينها الضعف تقريبا. لذا فمن المؤكد أننا نستطيع استقبال المزيد من اللاجئين، وينبغي علينا فعل ذلك.

ففي نهاية المطاف، خدم اللاجئون على مدى العقود مصالح الولايات المتحدة الأمريكية مقابل قيادتها الإنسانية. وكنا سنصبح دولة أفقر اقتصادا وأقل إنسانية إذا لم نسمح لهم بالدخول.