الجزائر (CNN)-- بعد 25 سنة كاملة عن توليه زمام أقوى جهاز أمني في الجزائر، وضع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حدًا لمهام قائد جهاز المخابرات العسكرية الفريق محمد أمين مدين الملقب بالجنرال توفيق أو كما يسميه الجزائريون "صانع الرؤساء" محيلا إياه على التقاعد، في حملة وصفت بالإصلاحات العسكرية التي يجريها بوتفليقة على أعلى جهاز الأمن في البلاد بعد أن أحال في الساعات الماضية قائد الدرك الوطني محمد بوسطيلة على التقاعد هو الآخر.
وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية الأحد أن بوتفليقة أنهى مهام رئيس قسم الاستخبارات والأمن توفيق "محمد مدين" صاحب 76 سنة، محيلا إياه على التقاعد، معيّنًا مكانه عثمان طرطاق اللواء المتقاعد الذي كان يشغل منصب مستشار لدى رئيس الجمهورية رئيسا لقسم الاستخبارات والأمن، فيما ذكرت تقارير إعلامية أن الجنرال توفيق قدم استقالته قبل أيام وقبلها منه بوتفليقة قبل أن يعلن عنها رسميًا الأحد.
وكان الجنرال يعدّ الرجل القوي في البلاد ويعتبره الكثيرون أنه "معين الرؤساء في قصر المرادية" ولكنه لم يظهر ولا مرة إعلاميًا أو أدلى بتصريح بل الأكثر من ذلك هو الجنرال توفيق لم ترد أي صورة شخصية له إلا مرتين فقط كانت أولها في تسعينيات القرن الماضي والمرة الأخيرة بصور نقلتها قناة "النهار" الخاصة.
وبدت المعارضة في الجزائر غامضة الموقف حيث صرح الأمين العام لحركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري لـ"CNN" بالعربية أن التغيير ليس مفاجئًا والجميع كان ينتظره، مضيفًا :"الجميع يعلم بالصراع القائم في دواليب السلطة لكنها تبقى قضية غامضة لأن أسبابها تبقى مجهولة التفاصيل، لهذا فما علينا إلا الانتظار وترقب ما سيحدث لاحقا لنفهم بحق ما الذي يجري، لأن هذه التغييرات لا تهم الطبقة السياسية والمجتمع بل هي أخبار منحصرة في دواليب الحكم ينتظر أن تعود بالخير على البلاد مستقبلا".
في حين علق رئيس حزب "جيل جديد" سفيان جيلالي أن التغيير يدخل في إطار جملة من الإصلاحات التي تمس كل المؤسسات وخص بالذكر المؤسسة العسكرية ومصلحة الاستخبارات، والأيام القادمة كفيلة لتكشف لنا الأسباب الرئيسية لهذه التغييرات التي يقوم بها النظام".
ومن جانبه ثمن عمر بن جانة، الخبير الأمني، قرارات التغيير التي قام بها بوتفليقة وقال في هذا الشأن :" أعتقد أن التغييرات تدخل في صلاحيات الرئيس بوتفليقة بحكم أنه رئيس البلاد ووزير الدفاع وقد مست التغييرات إطارات تقدمت بها السن قد تكون بطلب من هذه الإطارات للطلب بالتقاعد، وقد تكون لخلفيات سياسية أجهل تفاصيلها، وما يمكنني قوله هو أن التغييرات من صلاحيات الرئيس ومن دون شك ستكون في الاتجاه الإيجابي نحو تشبيب مؤسسات الدولة".
وفي السياق نفسه أوضح الأستاذ عمر خبابة محامي وناشط سياسي أن التغيير على جهاز الأمن العسكري "يندرج ضمن سياق منطقي لوقائع وإجراءات شاهدناها منذ شهور، وعلى سبيل المثال ما مس المؤسسة العسكرية من تغيير قيادات الأمن الداخلي والخارجي، وحل المصلحة المركزية لأمن الشرطة والتغيير الذي مس الأمن الرئاسي والجمهوري وكذا مجموعات التدخل الخاص والوقاية الإقتصادية وأخيرا التغير الذي مس الدرك الوطني كلها إصلاحات عسكرية".
وبالنسبة لتحليله ونظرته لهذه المتغيرات في الجزائر خاصة على هرم الجناح العسكري أضاف :"سبق وأن قلت إنه لا يمكننا تحليل موقف ما أو إجراء إلا بعد اكتمال السلسلة، فقد شارفنا اليوم على اكتمالها وهذا ما يوضح فعلا أن النظام برمج لإعادة هيكلة مصلحة الاستعلام ومصلحة الجيش".
وتابع خباية:" هناك عملية ممنهجة ودقيقة لمصالح الجيش تمكننا بالتكهن بمردودية واسعة، لكن عندما تكون هناك مصالح تعمل تحت إطار القانون ولا نرى تدخلًا في شؤون الأحزاب والجمعيات ولا تضييق على النشطاء الحقوقيين وتزول المضايقات والرخص يمكننا وقتها أن نقول إن التغييرات هي مكاسب للجزائر".