هل يدفع الوضع الاقتصادي المترّدي إلى انفجار اجتماعي بالجزائر؟

العالم
نشر
5 دقائق قراءة
هل يدفع الوضع الاقتصادي المترّدي إلى انفجار اجتماعي بالجزائر؟
Credit: FAYEZ NURELDINE/AFP/Getty Images

الجزائر (CNN)—دفع انهيار سعر النفط المتواصل الحكومة الجزائرية إلى اتخاذ العديد من التدابير التقشفية لمعالجة آثار الأزمة الحالية وتصحيح الاختلالات المالية في البلاد، ممّا قد يمس بالوضع المعيشي للطبقات المتوسطة والفقيرة، خاصة أن الحكومة تفكر في فرض رسوم وضرائب جديدة وزيادة في أسعار بعض المواد الاستراتيجية.

هذه التدابير التي أدت إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطن قد يترتب عنها انهيار في الوضع الاجتماعي، إذ لا يستبعد المتتبعون وقوع انفجار اجتماعي في الأشهر المقبلة، في حال إصرار الحكومة على تبني التوجه نحو المزيد من التقشف ورفع أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع.

وفي ظل استمرار تراجع ايرادات الخزينة من الجباية البترولية، نظرا لانخفاض أسعار المحروقات، ارتأت الحكومة الجزائرية البحث عن مصادر تمويل أخرى للاقتصاد، حيث بادرت باستقطاب أموال المواطنين الموجودة في السوق السوداء وعمدت إلى تخفيض قيمة الدينار، كما أوقفت بعض المشاريع وجمدت عمليات التوظيف التي كانت مفتوحة للشباب من قبل.

وصرح القيادي في حركة النهضة الجزائرية المعارضة محمد حديبي، لموقع CNN بالعربية، أن ما ترتقبه الجزائر في القريب هو أخطر من انفجار اجتماعي، إذ يرى أنه لا يوجد ميثاق وطني لحماية الدولة بعد تفكك الثقة بين الشعب والسلطة من جهة، وبين هذه الأخيرة و المعارضة من جهة أخرى.

ويتوقع السياسي وضعًا أخطر من ثورة شعبية في البلاد، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور، خاصة مع الوضع الإقليمي غير المستقر، إذ قال إنه إذا لم يتم وضع خارطة طريق للخروج من الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد فسوف تكون "الكارثة"، متوقعا "سيناريو تدخل أجنبي"، خاصة من الجانب الفرنسي الذي طالما دعم "لوبيات الفساد" حسب قوله.

وما يخيف المتتبعين والمهتمين بالشأن الداخلي في الجزائر، هو توجه البلاد إلى مسار محفوف بالمخاطر، نظرا لما تضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2016 الذي يحمل في بنوده العديد من الزيادات في الرسوم وأسعار المواد الاستراتيجية، على غرار الكهرباء والماء والوقود.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي محمد حميدوش، لموقع CNN بالعربية، إن الجزائر تعاني من عدم وجود رؤية اقتصادية واضحة للحكومة، ونقص في التكوين للإعلاميين، هذان العاملان حسب الخبير الاقتصادي، هما من روجا لوجود أزمة اقتصادية في البلاد، فهو يعتبر أن الجزائر لا تعاني من أزمة بمعناها الحقيقي، فهي لم تسجل مستوى نمو سالب خلالي الثلاثي الأول و الثاني من السنة، أو ركود اقتصادي، مشيرا أن نسبة النمو في الجزائر بلغت 3 بالمائة.

واعتبر حميدوش أن الجزائر إذا استمرت في هذا المسار الذي هي عليه اليوم دون رؤية اقتصادية واضحة ودون توجيه لاقتصادها، سوف تستهلك الاحتياطات في المستقبل القريب، وسوف تنخفض احتياطاتها من العملة الصعبة، داعيًا السياسيين إلى عدم التدخل في توجهات البنك المركزي، ومشيرا إلى ضرورة إجراء تعديل هيكلي في الاقتصاد الوطني وإطلاق السوق.

و أوضح الخبير الاقتصادي أنه لا بد أيضا من إعادة النظر في سوق العمل والنظام الضريبي وفي القانون التجاري وقانون الاستثمار، مضيفا أن الحكومة تقدم 60 مليار دولار كدعم غير موجه ينتج عنه فائض في الاستهلاك- أي بمعنى استهلاك غير عقلاني، وعليه يقول الخبير، إنه يجب على الدولة أن توجه الاستهلاك وجزء من أموال الدعم في مشاريع منتجة.

وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد كشف خلال لقاء نظمه المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي مؤخرا عن تراجع مداخيل الجزائر من النفط إلى ما يعادل 35 مليار دولار خلال العام الحالي مقابل 53 مليار دولار العام الماضي، ودعا الجزائريين إلى عدم التبذير ولمح في الوقت ذاته إلى إمكانية رفع الأسعار مستقبلا.

من جانبها حذرت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، من "انفجار ثورة" في البلاد في حال تم تطبيق التوجه الموجود في قانون المالية لسنة 2016 والرامي إلى فرض المزيد من التقشف والرفع من أسعار المواد الاستراتيجية. وقد وذكرت نفس المتحدثة في لقاء جمعها بإطارات حزبها بالعاصمة الجزائر، مؤخرا أن البلاد أصبحت في مفترق الطرق وهي مقبلة على العديد من المخاطر التي تتهددها بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي الهش.