مقال كتبه تيم ليستر لـCNN.
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- تقول السلطات المصرية إنه لم يتم العثور على دليل يدعم النظرية التي تقترح أن قنبلة أسقطت طائرة "Metrojet" الروسية التي حلقت فوق شبه جزيرة سيناء المصرية خلال عطلة نهاية الأسبوع. ولكن وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، يقترح غير ذلك.
قال هاموند الخميس: "إذا نظرنا إلى مجمل المعلومات لدينا، نحكم بأن هناك إمكانية كبيرة لأن يكون ذلك بسبب عبوة ناسفة". وإذا أصبح ذلك "الاحتمال الكبير" حقيقة واقعة، سيقع الشك على مجموعة متنوعة من الجماعات الإرهابية الناشطة في تلك المنطقة.
الجماعات التابعة لكل من تنظيم "داعش" وجماعة "القاعدة" لها وجود في مصر، إذ لدى تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، سجل من تمويه القنابل المتطورة وحملها على الرحلات الجوية التجارية.
وحتى بعض الجهاديين الشيشان، الذين لهم الآن دور هام داخل "داعش" في العراق وسوريا، قد يُشتبه في مشاركتهم بطريقة ما، في ضوء رغبتهم المستمرة بضرب أهداف روسية.
وتحطمت الطائرة الروسية في الجو، السبت، وكانت الرحلة متجهة من شرم الشيخ، وهي مقصد سياحي شهير في مصر، إلى سان بطرسبرغ في روسيا، وتوفي الـ224 شخصا الذين كانوا على متنها.
مجموعة واسعة من الجماعات
وحتى الآن، معظم الاهتمام يتركز حول الجماعة التابعة لـ"داعش "، في شمال سيناء، والتي تُدعى "ولاية سيناء"، والتي أثبتت نفسها خصما قويا للدولة المصرية في العامين الماضيين، ونفذت اعتداءات متكررة ضد الشرطة والجيش، واغتالت ضباطا وقضاة.
وأعلنت الجماعة مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة، ولكن يرفض المسؤولون الروس والمصريون هذا الادعاء حتى الآن.
لطالما كان تركيز عمليات "ولاية سيناء" حول منطقة العريش على البحر المتوسط، والتي تبعد كثيرا عن شرم الشيخ. ولكن "ولاية سيناء" أظهرت نفسها قادرة على ضرب ما وراء الصحراء الشمالية في وقت سابق، ففي أغسطس/ آب الماضي، أعلنت مسؤوليتها عن قطع رأس المهندس الكرواتي، توميسلاف سالوبيك، في الصحراء الغربية على الجانب الآخر من القاهرة، ونشرت أدلة فوتوغرافية عن مقتله. (ومع ذلك، كانت هناك، بعض التكهنات بأن عصابة إجرامية اختطفت سالوبيك وسلمته إلى ولاية سيناء).
وأظهرت "ولاية سيناء" أيضا أنها قادرة على القيام بعمليات معقدة، بما في ذلك الاستهداف الناجح لسفينة تابعة للبحرية المصرية في البحر المتوسط باستخدام صواريخ "كورنت" مضادة للدبابات روسية الصنع، وهجوم متعدد الجوانب في يوليو/تموز الماضي على بلدة الشيخ زويد في سيناء والتي أسفرت عن مقتل العديد من الجنود والشرطة، وكان الإحصاء الرسمي للضحايا 23 من عناصر القوات المصرية، وكانت هناك تقديرات أخرى أعلى من ذلك الرقم.
وأثبتت "ولاية سيناء"، التي تستخدم أيضا العبوات الناسفة والتفجيرات الانتحارية في المركبات ضد قوات الأمن المصرية، مرارا وتكرارا أنها تعرف كيفية التعامل مع المتفجرات. واستفادت من تدفق الأسلحة من ليبيا، حيث تمت مداهمة ترسانات حاكم ليبيا الراحل، العقيد معمر القذافي، من قبل مجموعة متنوعة من الجماعات وشحنها في كل اتجاه.
ولكن "ولاية سيناء" لم تنفذ هجمات في الجنوب البعيد قرب شرم الشيخ، حيث ترتفع مستويات الأمن لحماية المنتجعات السياحية الهامة. ولكن الإرهاب في مصر وصل إلى أبعد من سيناء هذا العام، ووصل إلى العاصمة القاهرة. حيث حدث تفجير قنبلة ضخمة أمام القنصلية الإيطالية في يوليو/ تموز الماضي، والذي ادعى أعضاء الجماعة الإرهابية لاحقا أنه كان باسم داعش. وقبل ذلك بـ12 يوما، اغتيل النائب العام المصري في هجوم بسيارة ملغومة. وذلك الهجوم زعمت مجموعة غير معروفة تسمى "المقاومة الشعبية للجيزة" أنها مسؤولة عنه، والذي يُعتبر دليلا على أن هناك جهات فاعلة أخرى في مصر إلى جانب "ولاية سيناء".
وادعت جماعات مجهولة أخرى عدة هجمات بالقنابل البدائية الصنع في فبراير/ شباط الماضي، ويُرجح ألا تكون لديها الخبرة لزرع جهاز على متن طائرة تجارية في الطرف الآخر من مصر. وقد تكون بعض هذه الهجمات من عمل خلايا جهادية في وادي النيل، والتي ترى نفسها جهات فاعلة مستقلة تدعم "داعش"، بدلا من الانتماء إلى فرع سيناء.
ووفقا لدراسة حديثة أجراها الباحثان مختار عوض وصامويل تادرس في مركز مكافحة الإرهاب مجلة، الملقب بـ"Sentinel": "سافر المجندون الجدد إلى سيناء لتلقي التدريب على الأسلحة والمتفجرات، في حين انضم عدد قليل من الآخرين لفترة وجيزة للجهاد السوري قبل أن يعود بالخبرة ومهارات القتال في المناطق الحضرية ".
وهناك أيضا الخطر المتزايد من "ولاية الدولة الإسلامية" في ليبيا، التي استهدفتها في بعض الأحيان القوات الجوية المصرية المجاورة.
ولم ينقرض تنظيم "القاعدة" في مصر، والذي يتزعمه المصري أيمن الظواهري، إذ أعلنت جماعة تدعى "المرابطون" ولاءها لأيمن الظواهري في وقت سابق من هذا العام، ويشتبه تنفيذهم محاولة القيام بهجوم انتحاري في معبد الكرنك في مدينة الأقصر في يونيو/ حزيران الماضي. ويقود الجماعة هشام عشماوي، الجندي السابق بالقوات الخاصة المصرية.
إذن لا يوجد هناك نقص في الجماعات الجهادية داخل مصر أو الدول المجاورة، وأغضب التدخل الروسي في سوريا جميعهن. والسؤال هو من منهم لديه الموارد والقدرة على اختراق أمن المطار بعبوة ناسفة وتهريبها على متن طائرة.
الطائرات هي "الكأس المقدسة"
إن العديد من الجماعات الجهادية على حد سواء لديها الدافع والرغبة في مهاجمة طائرة ركاب. ولكن تنظيم "القاعدة" هو الوحيد الذي يحفل سجله بالقيام بذلك النوع من الهجمات في السنوات الأخيرة، رغم أن النساء الشيشانيات الانتحاريات أسقطن طائرتين روسيتين في وقت واحد تقريبا في عام 2004.
وأظهرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر أن أولوية "القاعدة" هي اختطاف وتفجير طائرات مدنية، ففي عام 2002، أطلقت صاروخين مضادين للطائرات على طائرة إسرائيلية أثناء إقلاعها من مومباسا في كينيا، ولكن الطائرة لم تصب.
وجاء بعدها مجموعة متنوعة من المؤامرات في آسيا وأوروبا، والتي أحبطت جميعها، قبل ظهور تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية وخبيرها في صنع القنابل، إبراهيم عسيري. وكان مسؤولا عن القنابل في "الملابس الداخلية"، والتي هددت طائرة ركاب أمريكية أثناء هبوطها في مدينة ديترويت الأمريكية يوم الكريسماس عام 2009.
ويُعتقد أيضا أن العسيري صمم أجهزة أكثر تطورا في عام 2010 متخفية داخل الطابعات وشحنها من صنعاء باليمن، متجهة إلى الولايات المتحدة. ولكن بلاغا من السلطات السعودية أدى إلى اكتشاف القنابل، والتي وصلت إحداها إلى المملكة المتحدة.
وكررت "القاعدة في جزيرة العرب" استهدافها مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك. والآن، بعد تدخل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في سوريا، حيث استهدفت القوات الجوية الروسية جماعة "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" من بين المجموعات الأخرى، أصبحت الأهداف الروسية أولوية للجماعات التابعة لتنظيم "القاعدة".
وهناك أيضا بعض الأدلة على وجود "القاعدة في جزيرة العرب" داخل مصر أو علاقات مع جماعات داخلها. إذ أدت الغارة التي شنتها قوات الأمن المصرية في القاهرة قبل ثلاث سنوات إلى العثور على كمبيوتر تابع لمحمد جمال الكاشف، والذي وجّه من خلاله رسائلا لزعيم تنظيم "القاعدة"، أيمن الظواهري. وفي واحدة ذكر أنه "حصل على مبلغ من المال من إخواننا في اليمن"، وتحدث عن علاقة طويلة الأمد له مع قيادة "القاعدة في جزيرة العرب"، وجمال الآن في السجن المصري.
الضرر الاقتصادي
إن اختيار مقصد للعطلات مثل شرم الشيخ يُغري أيضا الجماعات الإرهابية كهجوم رفيع المستوى على كل من دخل الدولة وصورة البلد التي يحكمها ما يصفوه بأنه "نظام مرتد". وأدى ذلك إلى هجومين ضد السياح في تونس هذا العام، وادّعت جماعات تابعة لـ"داعش" مسؤوليتهما، فضلا عن هجمات الدار البيضاء في 2007 ومراكش في 2011 بالمغرب.
كما كانت هناك هجمات إرهابية ومؤامرات ضد السياحة في مصر في العقد الماضي، بما في ذلك شرم الشيخ. إذ قُتل 88 شخصا في يوليو/ تموز 2005، جراء ثلاث قنابل انفجرت في شرم الشيخ. واتهمت السلطات المصرية متطرفين من البدو بالعمل مع ميليشيات إسلامية للقيام بالتفجيرات. وتشكو العديد من القبائل البدوية في سيناء من الإهمال وغلظة الأمن. وتحول بعض من جيل الشباب إلى جماعات مسلحة، وفقا لجماعات حقوق الإنسان. وسيناء أيضا تشتهر بتهريب كل شيء من الأسلحة والسجائر والمهاجرين.
وفي العام الماضي، هاجم انتحاري حافلة سياحية في طابا، مما أسفر عن مقتل ثلاثة مواطنين من كوريا الجنوبية. وزعمت جماعة "أنصار بيت المقدس" أنها قامت بالهجوم، وفي وقت لاحق في عام 2014 أصبحت تلك الجماعة "الدولة الإسلامية في شمال سيناء". وكان ذلك علامة تُشير إلى أن الجماعة يمكنها أن تعمل خارج شمال سيناء.
وأظهرت "ولاية سيناء" أيضا أن لها مصالح في استهداف الاقتصاد المصري الهش عن طريق قتل العمال الأجانب. إذ سبق قتل سالوبيك، قُتل مواطن أمريكي يُدعى وليام هندرسون بالرصاص في حادثة سرقة السيارة. وبعد أشهر، نشرت جماعة "أنصار بيت المقدس" صورا لجواز سفر هندرسون وبطاقات هوية أخرى، مدعية أنها قتلته.
وفي حال اتضح أن رحلة "Metrojet" أسقطها انفجار قنبلة، لن يكون هناك نقص في المشتبه بهم أو دوافعهم.
وكما اختتم الباحثان تادرس وعوض بحثهما: "القاعدة التي تُعتبر رائدة مجال الأعمال الأبرز من أي وقت مضى، والقيادة 'الأساسية' للدولة الإسلامية من غير المرجح أن تغفل عن مصر، التي هي منبع الإسلام والبلد العربي ذو أعلى نسبة سكانية، والتي هي تمثل هدفا واعدا في دفع عجلة المشاري العالمية للجماعتين على حد سواء ".