مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة وعضو الكنيست الإسرائيلي الحالي، وهو مؤلف كتاب "حليف: رحلتي عبر الفجوة بين أميركا وإسرائيل". المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي CNN.
أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- كيف يمكن لأمريكا أن تساعد إسرائيل للدفاع عن نفسها ضد التهديدات التي ضخمها الاتفاق النووي مع إيران؟ هذا هو السؤال الذي سيناقشه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في البيت الأبيض، الاثنين المقبل.
وناقش مسؤولو وزارة الدفاع من البلدين بالفعل عروضا لتزويد إسرائيل بطائرات متطورة مثل مقاتلات F-35 وناقلات V-22، فضلا عن المعدات العسكرية الأخرى. والتزم الرئيس أيضا بالرد بقوة على أي انتهاكات إيرانية للاتفاق ودعم إسرائيل إذا هوجمت من جانب جماعة "حزب الله".
ولكن وراء هذه التفاهمات الاستراتيجية، يُمكن للاجتماع أيضا أن يُسفر عن تقدم تاريخي، إذ يمكن لأميركا أن تعترف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان.
تمثل هضبة الجولان، التي تبلغ مساحتها ألف و300 كيلومتر مربع، أما ما يزيد قليلا عن حجم نيويورك، قمة شمال إسرائيل القديمة. ومع ذلك، عندما قُسم الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى، تنازل البريطانيون عن المنطقة لفرنسا التي، في عام 1945، أضافتها إلى سوريا التي استقلت حديثا حينها.
وعشية تأسيس دولة إسرائيل، هجم الجيش السوري عبر تلك المرتفعات بهدف تدمير الدولة اليهودية، وقضى السوريون السنوات الـ19 المقبلة يقصفون المزارع الإسرائيلية أدناها دوريا. وأخيرا، في حرب الأيام الستة عام 1967، استولت القوات الإسرائيلية على الجولان بعد قصف واسع النطاق، وصدت هجوما سوريا كبيرا في عام 1973 وأمنّت المنطقة منذ ذلك الحين.
ومع ذلك، لم تضم إسرائيل الجولان إلى دولتها، وبصرف النظر عن فرض قانونها على المرتفعات في عام 1981، امتنعت إسرائيل عن إضافة المنطقة إلى حدودها، وكان السبب في ذلك احتمال تحقيق السلام مع سوريا.
إذ عرض عدد من رؤساء الوزراء الإسرائيليين بمساعدة من وسطاء أمريكيين، مقايضة الجولان مقابل معاهدة مع دمشق، ولكن لم تنجح أيا من هذه المبادرات. حيث لم يكن الديكتاتور السوري، حافظ الأسد، ولا ابنه الوحشي بشار، على استعداد لإنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، حتى في مقابل عودة الجولان إلى حدود ما قبل عام 1967.
ولم يكن ممكنا لإسرائيل أن تكون أكثر حظا، إذ كان من شأن مثل ذلك الانسحاب أن يضع "حزب الله" مباشرة فوق المدن والقرى الإسرائيلية في شمال الجليل. وكان يُمكن لإرهابيي "داعش"، المنتشرين الآن بعيدا عن جنوب الجولان، أن يصلوا إلى الشاطئ الشرقي لبحر الجليل، مما كان سيهدد جزءاً كبيرا من سكان إسرائيل، وكذلك مصدرها الرئيسي للمياه.
ومع ذلك، يزداد الوضع خطورة بصرف النظر عن سيطرة إسرائيل على الجولان، إذ زاد الاتفاق النووي من جرأة إيران، مما ساعدها على إرسال الآلاف من الجنود إلى سوريا، وتحويل حدود عام 1967 إلى جبهة عسكرية بينها وبين إسرائيل.
وحاول قادة إيرانيون كبار، بالتعاون مع "حزب الله"، شن هجمات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية في الجولان. وتتوقع المخابرات الإسرائيلية ارتفاع عدد القوات الإيرانية في سوريا بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة، بالإضافة إلى تلقي "حزب الله"، المسلح حاليا بـ150 ألف صاروخ، عدة ملايين من الدولارات لدعمه بعد رفع العقوبات من رعاته في طهران.
وتفتت وجود الأمم المتحدة في المنطقة بسبب رهبتها وتفوق القدرات العسكرية في المنطقة، وللمرة الأولى منذ أكثر من 40 عاما، قد تصبح الجولان مرة أخرى حافزا للحرب.
هذا ما لم يتم تمكين إسرائيل للحفاظ على السلام، بعد سيطرتها على الجولان مدة تبلغ أكثر من ضعفي فترة حكم سوريا عليها، حولت إسرائيل هذه المنطقة الحربية التي كانت في أحد الأيام قاحلة، إلى مركز زراعي يعتمد التكنولوجيا الفائقة، ومصانع للنبيذ من الطراز العالمي والمحميات الطبيعة.
وعلى النقيض من الضفة الغربية بعددها الكبير من السكان الفلسطينيين، الذي هم غالبا عدائيون، الجولان هي موطن لعدد قليل من الدروز الذين يرتبطون ارتباطا وثيقا بأقاربهم الفخورين بهويتهم الإسرائيلية. وعلى إسرائيل أن تستمر في ملأ الجولان بأولئك المتعهدين بالدفاع عنها وتنميتها. والولايات المتحدة لديها كل المصلحة في تشجيع هذه الجهود.
وباستقبال أوباما لنتنياهو، قد يعترف بحقيقة أن الجولان لم يعد من الممكن مقايضتها بالسلام مع سوريا لأن سوريا لم تعد موجودة. وقال إنه يمكن أن يعترف بمساهمات إسرائيل الهائلة لأمن المنطقة والأخطار التي تهددها على نحو متزايد.
ومن خلال دعم ادعاءات إسرائيل التاريخية، يمكن للولايات المتحدة أن ترسل رسالة قوية إلى الشرق الأوسط برمته، وهي أن هضبة الجولان لن تعود أبدا إلى ساحة معركة.