نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- أفرجت السلطات الأمريكية عن الجاسوس الإسرائيلي، جوناثان بولارد، من سجن بولاية كارولينا الشمالية، بعد أن أمضى حكما بالسجن لمدة 30 عاما، حسبما قال مسؤول محكمة أمريكية لشبكة CNN.
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بيان عن إطلاق سراح بولارد عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، جاء فيه: "شعب إسرائيل يرحب بالإفراج عن جوناثان بولارد، ونتمنى أن يجلب هذا السبت لجوناثان بولارد الكثير من الفرح والسلام الذي سيستمر في السنوات والعقود المقبلة."
وقبل أكثر من ربع قرن كان بولارد شخصية محورية في العلاقات بين واشنطن وإسرائيل، فقد كان يعمل في مجال تحليل المعلومات بالبحرية الأمريكية عند القبض عليه بتهمة تسريب بيانات لصالح إسرائيل عام 1985، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدى الحياة عام 1987.
والآن، بولارد في الـ61 من عمره، هو أحد أبرز الجواسيس في العالم، وقد أمضى ما يقرب من نصف حياته في السجن. وهو الآن يقضي فترة خمس سنوات من الإفراج المشروط في الولايات المتحدة بينما يرتدي جهاز رصد إلكتروني على كاحله، تراقب السلطات من خلاله تحركاته.
ووصف بولارد حياته في ولاية انديانا بأنها كانت "صراع مؤلم بين قيم متنافسة،" وجاء ذلك في تقرير لوكالة المخابرات المركزية (CIA) لتقييم الأضرار التي تسببت بها أنشطة تجسسه، والذي تم نشره أخيرا للجمهور في عام 2012، بعد 25 عاما من تجميعه.
ويُذكر أن بولارد درس بجامعة ستانفورد، وأصبح في نهاية المطاف متخصصا في أبحاث الذكاء في مركز البحرية الأمريكية بقسم مراقبة المعلومات في عام 1979. وكان هذا هو المكان الذي يعمل فيه عندما ألقي القبض عليه في عام 1985.
وفي وقت اعتقاله، كان لدى بولارد مستوى عال من حرية الوصول إلى معلومات سرية كمتخصص في الاستخبارات، وعمل كمحلل بشؤون الأنشطة الإرهابية وعدم الاستقرار بشكل رئيسي في أمريكا الشمالية والبحر الكاريبي.
وبعد سنوات من العمل في مجتمع الاستخبارات البحرية، قال إنه كان يشعر بأن زملاءه كان لهم مواقف معادية لإسرائيل، وأخبر المحققين أن ذلك هو ما دفعه للتجسس لصالح إسرائيل.
وتعامل بولارد مع كبار مسؤولي الاستخبارات الإسرائيليين، وقدم لهم عدة حقائب تحتوي على وثائق سرية حول خصوم إسرائيل العرب والدعم العسكري الذي تلقوه من الاتحاد السوفياتي في غضون سنة ونصف. وقال تقرير وكالة المخابرات المركزية إن بولارد "عرّض معلومات استخبارية مهمة للمخابرات الأمريكية ومصالح السياسة الخارجية للخطر."
وشكّت وحدة الاستخبارات البحرية في تصرفاته في خريف عام 1985، بسبب تعامله مع كميات كبيرة من المعلومات السرية حول مناطق خارج نطاق صلاحياته، وواجهه المسؤولون بعد أن شهدوه يأخذ وثائق سرية خارج مبنى البحرية.
وبعد ثلاثة أيام، تم القبض عليه وزوجته، آن هندرسون بولارد، خارج السفارة الإسرائيلية في واشنطن، بعد أن رفضت السفارة قبول طلبهم باللجوء، وفقا لوكالة الاستخبارات المركزية.
واعترف بولارد بأنه مذنب بتهمة التآمر لارتكاب التجسس، وأقرت زوجته بأنها مذنبة بتهمة التآمر للحصول على ممتلكات حكومية مختلسة وأنها شريكةً بعد وقوع الفعل بحيازة وثائق أمن قومي.
وتوّصل بولارد مع الحكومة الأمريكية إلى اتفاق مع الادعاء بأنه إذا تعاون وزوجته، فسيُعفى من السجن مدى الحياة وسوف تتلقي زوجته حكما بالسجن لمدة أقل من 10 سنوات.
ولكن القاضية، أوبري روبنسون، رفضت صفقة الإقرار بالذنب، وحكمت على بولارد بالحد الأقصى للعقوبة، والتي لها في القضايا الفيدرالية حداً أدنى إلزامي بمدة 30 عاما.
وقال بولارد إنه يشعر بالأسف إزاء ما فعله في مقابلة مع قناة التلفزيون الإسرائيلي في عام 1998، وتمنى لو انتقل إلى إسرائيل لتقديم المساعدة بدلا من اللجوء إلى التجسس.
وأضاف: "استندت في القرار الذي اتخذته على الخوف والقلق ... كانت تلك هي المشاعر التي تغلبت علي، وكان يجب عليّ أن أعود إلى موطني بدلا من اتخاذ تلك الخطوات."
وتابع بولارد، اليهودي الأرثوذكسي، بأنه أعطى أسرار لإسرائيل لأنه كان يريد أن يساعد الدولة اليهودية وشعر بأن الولايات المتحدة كانت على خطأ بإبقاء معلومات قيمة من حليفتها إسرائيل، ومع ذلك، تبين أنه حصل على مبلغ 1.5 إلى 2.5 ألف دولار شهريا مقابل تجسسه.
ويُذكر أن هناك عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين عارضوا الإفراج عن بولارد، بما في ذلك ديك تشيني نائب الرئيس السابق جورج بوش، ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد.