أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- صلاح عبد السلام، المشتبه به الوحيد من منفذي سلسلة هجمات باريس الذي تعلم السلطات أنه على قيد الحياة، لا يزال طليقاً، كما لايزال إلى حد كبير جوهر اللغز.
بعد مرور تسعة أيام على الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة 130 شخصاً، تظهر صورة أكثر وضوحا لتحركاته، إذ يبدو أن عبدالسلام هرب من المدينة في وقت متأخر من ليلة الـ13 من نوفمبر/ تشرين الثاني في حالة من الذعر.
وترسم معلومات من مصادر قريبة من التحقيق صورة لرجل هارب تطارده السلطات، وكيف بدأت هذه المطاردة.
كان يُعتقد أن عبدالسلام، البالغ من العمر 26 عاماً، سائق سيارة "رينو كليو" السوداء، التي حملت ثلاثة انتحاريين قرب استاد فرنسا، مساء يوم الهجمات.
ثم قاد سيارته حوالي خمسة كيلومترات باتجاه الجنوب، وتقول مصادر إنه ربما كان في الطريق عندما فجر شقيقه الأكبر إبراهيم نفسه في مقهى فولتير.
وبعد أربعة أيام، يوم الثلاثاء الماضي، عُثر على السيارة مهجورة في ضاحية "ألبرت كان" في باريس، كان يبدو أنه أوقفها على عجل على عبور المشاة.
وهنا يبدأ اللغز، هل كان عبدالسلام يسعى لتنفيذ هجوم منفصل؟ أم للانضمام إلى الرجال الذين اقتحموا مسرح باتاكلان؟ أم العودة إلى بروكسل، حيث كان يعيش، للتخطيط لهجوم آخر؟
وقالت مصادر إنه أيا كانت الخطة، بقي عبد السلام مختفيا عن الأنظار لمدة أربع ساعات وسط الفوضى التي سادت العاصمة الفرنسية. ويُزعم أنه أجرى اتصالا لمعارفه في العاصمة البلجيكية وطلب منهم أن يأتوا لأخذه، في قرابة الساعة الثانية صباحا.
ووصل محمد العامري البالغ من العمر 27 عاما، وحمزة عطّو من أصل مغربي والذي يبلغ من العمر 21 عاما، إلى باريس في قرابة الساعة الخامسة صباحا، وأخذا عبد السلام من منطقة باربس، القريبة من المنطقة التي ترك فيها سيارته.
وبدأوا فورا برحلة العودة، ولكن لم تكن رحلتهم خالية من الحوادث، إذ أوقفت الشرطة سيارتهم على مقربة من كامبراي، التي تقع بالقرب من الحدود البلجيكية، وتحققوا من وثائقهم. ولكن في ذلك الوقت، قرابة التاسعة صباحا، لم تكن السلطات الفرنسية قد أثبتت هوية الذين نفذوا الهجوم، وسمحوا للرجال الثلاثة بالمواصلة إلى بروكسل.
وقال مصدر قريب من التحقيق لشبكة CNN: "أدركت الشرطة أن واحدا منهم كان له سوابق جنائية، ولكن لم يكن هناك شيء يربطه بالهجمات".
وأدركت الشرطة الفرنسية في وقت لاحق تورط عبدالسلام المزعوم، ربما بعد اكتشاف سيارة أخرى كان قد استأجرها والتي وُجد فيها ثلاثة رشاشات "AK-47S."
وبحلول ذلك الوقت كان عبدالسلام قد اختفى، في حين ألقي القبض على العامري وعطو بعد عودتهما إلى بروكسل، ومنذ ذلك الحين وجهت إليهما تهمة "التواطؤ في هجمات إرهابية والمشاركة في أنشطة المنظمات الإرهابية."
وأضاف مقطع فيديو، نشره تنظيم "داعش"، يدعي فيه مسؤولية هجمات باريس، إلى الغموض الذي يحوم حول دور عبدالسلام المزعوم.. إذ أشار الفيديو إلى "ثمانية أشقاء"، في حين شارك سبعة فقط في الهجمات الفعلية، وفقا للشرطة.
ومجد "داعش" في المقطع المنطقة الـ10 والـ11 والـ18، إلا أنه لم يكن هناك عملية في الدائرة الـ18، حيث يُزعم أن عبدالسلام أوقف سيارته.
وقال مصدر مطلع على سير التحقيقات لـCNN: "تحركاته لم يكن لها أي معنى، وطريقة تركه السيارة والساعات التي مرت قبل إجرائه مكالمة لأشخاص هم الآن متآمرون مزعومون، واستخدامه طرق السيارات الرئيسية (الطرق السريعة) في بلجيكا، يبدو أنه فقد السيطرة ".
ويصر محامو العامري وعطو أنه لم يكن لدى موكليهما أي علم بما كان يُشتبه قيام عبدالسلام به في باريس.. وقالت كارين كوكليت، التي تمثل عطو، إن موكلها وجد عبدالسلام "في حالة من الهياج الشديد، وربما كان على استعداد لتفجير نفسه."
وقالت متحدثة مع شبكة "LCI" الفرنسية، إن عطو ذكر حمل عبدالسلام "سترة كبيرة وأشياء أخرى، وربما شيء يشبه الحزام الناسف، أو شيء من هذا القبيل."
ولكنه كان هادئا عند نقاط التفتيش التي مر بها الثلاثة في طريق عودتهم إلى بروكسل، وفقا لما قاله عطو.. وسألت كوكليت بعد ذلك الأسئلة التي ربما تشغل عقل المحققين الفرنسيين والبلجيكيين خلال عملية البحث عن عبدالسلام.
وقالت: "هناك بضع احتمالات يجب أن تؤخذ في الاعتبار، هل كان جزءًا من مجموعة (الإرهابيين)؟.. وهل كان يقدم الدعم اللوجستي؟.. هل كان من المفترض أن يفجر نفسه؟.. هل كان من المفترض أن يفجر نفسه ولم يجد الشجاعة للقيام بذلك؟.. نحن لا نعرف."