رأي.. "هل ساهم "داعش" من دون قصد بإنقاذ العالم؟"

العالم
نشر
6 دقائق قراءة
رأي.. "هل ساهم "داعش" من دون قصد بإنقاذ العالم؟"
Credit: JUAN BARRETO/AFP/Getty Images

كاتبة المقال: فريدا غيتيس، وهي تكتب مقالات لصحيفة "The Miami Herald" و "World Politics Reveiw، عملت صحفية ومراسلة سابقة لـ CNN، مؤلفة كتاب " The End of Revolution: A Changing World in the Age of Live Television"، الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر لـ CNN.

من المرجح بأن المخططين التابعين لتنظيم "داعش" لم يفكروا بالتغيير المناخي عندما اختاروا توقيت الهجمات على باريس خلال شهر نوفمبر/تشرين ثاني، وبالتأكيد بأنهم لم ينظروا إلى تاريخ تنفيذ الهجمات التي استهدفت العاصمة الفرنسية قبل أسبوعين فقط من أهم اجتماع للعالم للتحدث عن التغير بالمناخ.

ولكن بالوقت ذاته، عند مهاجمة التنظيم لباريس، فإن التنظيم ساهم بشكل غير متعمد بزيادة فرص نجاح الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ أو "COP21" اختصاراً.

فالدماء التي سكبت على أيدي "داعش" توجت باريس كمسرح درامي رئيسي، وبالتصادف مع هذا التوقيت، أصبح المؤتمر المناخي لاعباً آخر بهذه المسرحية التاريخية، العنف المدمر ضد الحفاظ على الكوكب، ليتحول الكوكب إلى ساحة حرب لقتال الإرهاب.

وعندما التقى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض بعد فترة قصيرة تلت الهجمات، حمل معه مطالب برفع دور الأمم المتحدة بالقتال ضد "داعش"، ليعتبر أوباما مؤتمر "COP21" جزءاً من الحرب ضد "داعش"، قائلاً: "سيكون رداً قوياً على الإرهابيين،" مضيفاً: "عندما يقف العالم بأسره كشخص واحد ونريهم بأنه لن يقف أحد في طريقنا لتوفير مستقبل أفضل لأطفالنا."

ومع هذا الضغط السياسي، سيتوجب على قادة العالم حضور المؤتمر، من بينهم أوباما، للحصول على النتائج المرجوة منه، لتتحول رسمية السبب من وراء الحضور، فعدد المسؤولين الذين أعلنوا حضورهم للحدث تضاعف بسرعة، إذ أعلنت الأمم المتحدة قبل أقل من أسبوع بفخر حضور أكثر من 120 مشاركاً "لإظهار تضامنهم مع فرنسا."

في عام 2009، ضم مؤتمر المناخ الذي عقد بمدينة كوبنهاغن، 60 فقط من قادة العالم، وعندما افتتح باب المشاركة بمؤتمر "COP21" أعلن ما يقارب 150 رئيساً ووزيراً انضمامهم.

لكن التأثير الحقيقي للهجمات يتعدى مجرد عدد الحضور، لأن المؤتمر تحول لرمز لمقتال "داعش"، بالتالي فإن نتائجه يجب أن يكون لها وقع رمزي كبير، وهنالك ترتبات سياسية على فشل مثل هذا الحدث.

فمثلاً عندما ننظر إلى ما فعله الرئيس الأمريكي، فإننا سنرى بانه حال وصوله إلى باريس توجه ليقدم احترامه لضحايا مسرح باتاكلان، الذي شهد الوقع الأكبر من الهجمات، ووصف مجدداً عقد المؤتمر بباريس على أنه "تصرف يجسد التحدي"، بوصله بين هجمات "داعش" والاجتماع العالمي، ليشدد مجدداً على العواقب السياسية الناجمة عن احتمالية فشل المؤتمر.

موقف أوباما أتى دفاعياً، بالأخص بعد أن أطلق تصريحات أكد فيها على "احتواء" التنظيم، ليطلق "داعش" هجماته بباريس بعد ساعات فقط، التوقيت الخاذل أتى ليدعم الانتقادات الموجهة لأوباما بفشله بمواجهة تحدي قيادة العالم، واليوم باريس، التي شكلت نقطة كذبت خطاباته، أتت لتساعده إصلاح الأمور.

قد لا يحقق أوباما نجاحاً كبيراً فيما تبقى بفترة رئاسيته بما يخص قتال "داعش"، لكن إن تمكن من الإمساك بمجريات الأمور بباريس، فلديه فرصة على الإقل بإظهار تمكنه من قيادة العالم.

ولديه فرصة يتقدم فيها بخطوة للأمام، أكثر من ذي قبل، ففي مؤتمر التغير المناخي السابق، تصادمت الولايات المتحدة مع الصين حول الاستراتيجية الصحيحة التي يتوجب اتباعها لمعالجة مشكلة ارتفاع درجات الحرارة في العالم، لكن بدلاً من تناثر الشكوك والحدة بالخطابات بين الطرفين، وصل الرئيس الصيني تشي جينبينغ، إلى باريس بروح من الوحدة، وكأنه يعزي أصدقاءه بما فقدوه.

الصين التي سلبت الولايات المتحدة المرتبة الأولى بنسبة التلوث، صعقت لترى مقتل مواطنيها على أيدي إرهابيي "داعش."

وبعد مذبحة باريس بقليل، أعلن "داعش" بأن عناصره "أعدموا" فان جينغهوي، أول مواطن صيني يقتل من قبل التنظيم، ليصدم الشعب الصيني مجدداً من خبر اقتحام تنظيم القاعدة لفندق راديسون بلو في عاصمة مالي، باماكو، واحتجاز 170 رهينة، لينتهي الحصار بمقتل 22 شخصاً، بينهم ثلاثة صينيين، ليظهر الصينيون غضبهم، وتتوعد الحكومة الصينية بالتصرف.

 المفاد بالنهاية هو أن الصين أيضاً، انضمت للجهة المضادة لداعش، فالمسؤولون الصينيون أتوا إلى باريس في الوقت الذي قرر فيه الإرهابيون ربط العواطف بين الخصوم للاتفاق حول كيفية محاربة الإرهاب.

لكن هل سيكفي هذا كله للتغلب على أي عقبات فعلية تقف أمام اتفاق حول المناخ؟ ليس هنالك أي ضمانة هنا، لكن يجب علينا ألا نستخف باللمسة الإنسانية في المحادثات الدبلوماسية.

فبدلاً من الوصول إلى باريس بخطابات حادة للدفاع عن المصالح والتقليل من النفقات المتعلقة بالحصول على اتفاقية خاصة بالمناخ، ستتقادم الوفود من 195 دولة إلى مدينة الأضواء دون أي شك بدخولهم مسرح جريمة شهد مذبحة، ومواجهة تاريخية للعالم المتحضر، وعندما يجلسون إلى الطاولة سيعلمون إلى صالح سيناقشون أجندتهم.

فالإرهابيون أوضحوا بأن زوار المؤتمر سينضمون لجانب واحد.. إنقاذ العالم.