تقرير: منية غانمي
ليبيا (CNN)-- تنامي عدد الجهاديين التونسيين في ليبيا المنتمين لتنظيم داعش ووقوفهم وراء أغلب العمليات الارهابية في ليبيا التي استهدفت مواقع حيوية ومدنيين وأمنيين، وضع العمالة التونسية في موقف صعب ومقلق مع بروز مطالب تنادي بضرورة ترحيلهم وعودتهم الى وطنهم.
وقد أدى مقتل أكثر من 70 شخصا وإصابة نحو 100 جراء تفجير سيارة مفخخة في أحد معسكرات تدريب خفر السواحل بمدينة زليتن، إلى تعالي أصوات بطرد التونسيين وترحيلهم من ليبيا باتجاه بلدهم خاصة بعد التأكد من أن منفذه تونسي الجنسية ينتمي إلى تنظيم داعش ويدعى أبو يقين التونسي.
الصحفي أحمد العيساوي من مدينة الزنتان أكد إن حكومة الانقاذ الوطني الموجودة في طرابلس تقف وراء هذا القرار، متوقعا أن يشمل هذا القرار التونسيين صغار السن الذين لا يمتلكون إقامة في ليبيا، مقابل استثناء التونسيين المتزوجين بليبيات أو العكس، مشيرا إلى أن العمالة التونسية تتواجد في كل المدن الليبية ولا يقتصر وجودها على طرابلس التي تسيطر عليها حكومة الانقاذ.
وانتقد العيساوي في تصريح لـCNN بالعربية هذا الإجراء، مشيرا إلى أنه إذا كان منفذ الهجوم تونسي الجنسية فهو لا يعني أن الشعب التونسي أو الحكومة التونسية تود الضرر للشعب الليبي أو حكومته، بل إن هذا الشخص يحمل فكرًا متطرفًا خاصًا به لا يستطيع أي شخص عاقل ان يضعه على شعب كامل، متوقعًا أن تكون لهذا القرار تداعيات سلبية على العمال التونسيين في ليبيا وإمكانية تعرّضهم لأعمال انتقامية.
وكشفت الهجمات الإرهابية المختلفة التي تبناها فرع الدولة الإسلامية في ليبيا عن وجود العديد من المقاتلين التونسيين المنضوين تحت لواء التنظيم والذين نفذوا أبرز العمليات الانتحارية والتفجيرات سواء ضدّ فجر ليبيا أو قوات الجيش أو مدنيين أو منشآت، ورغم أنه لا توجد أرقام رسمية عن عدد التونسيين الذين يقاتلون في صفوف داعش في ليبيا، لكن عدة تقارير كشفت أنهم يتصدرون المشهد وأن عددهم يفوق الألف.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس لجنة التفاوض التونسية - الليبية مصطفى عبد الكبير، أن ذلك لا يمكن أن يبرر قرار الترحيل لأن هذا الموقف لن يزيد إلا من تأزم الوضع، وتدهور العلاقات التونسية الليبية، قائلا إن التفكير في القضاء على الإرهاب في ليبيا لا يأتي بطرد التونسيين أو المصريين أو السودانيين، بل بتعقب الليبيين الحاضنين للإرهابيين والداعمين لهم والمتسترين عنهم.
وبدّد محمد أقميع المدون الليبي من المخاوف تجاه إمكانية تعرض التونسيين للأذى بسبب تنامي ظاهرة الجهاديين التونسيين في ليبيا، مؤكدا إن ما يمكن أن ينعكس سلباً على العمال التونسيين في ليبيا هو التصريحات اللامسؤولة لبعض السياسيين التونسيين والحملات غير المبررة لوسائل الإعلام التونسية ضد الليبيين.
وأضاف أقميع لـCNN بالعربية" أعتقد أنه لولا تحريض السياسيين وتحريض الاعلام التونسي لما تعرّض التونسيون للأذى والضرب والخطف، لأن الجمهور الليبي أثبت أنه يتصرف وفق طبيعة المُحرّضَات الاعلامية والسياسية التي يتعرّض لها وليس بسبب ما يتعرّض له من فواجع مهما كانت مؤلمة وعنيفة".
وتواترت في الآونة الأخيرة أخبار خطف التونسيين في العديد من المدن الليبية من قبل مليشيات مسلحة وصلت في إحدى المرات إلى احتجاز 170 تونسياً يعملون على الأراضي الليبية، وتلتها عمليات اختطاف أخرى وكانت أغلبها تهدف إلى الضغط على الحكومة التونسية من أجل الافراج عن شخصيات ليبية محتجزة في السجون التونسية بتهم إرهابية، وهو ما دفع وزارة الخارجية التونسية إلى تحذير رعاياها من السفر الى ليبيا وإغلاق قنصليتها في طرابلس.
لكن تحذيرات وزارة الخارجية، لم تمنع علي البغولي (43 سنة ) من اجتياز الحدود بحثا عن العمل وهربا من البطالة رغم خطورة الرحلة والمغامرة، فعلاوة على أنه سيكون هدفا للمليشيات والمجموعات المسلحة في كل لحظة، فإن الأحداث الأخيرة في ليبيا ومطالب الترحيل جعلت حالة العالة التونسية أكثر صعوبة.
يقول علي" نظرة الليبيين تجاهنا تغيرت بسبب أن أغلب مقاتلي داعش هم تونسيين، هنا يكفي أن تتكلم باللهجة التونسية حتى تصبح محل استجواب وعرضة لمساءلات لا تنتهي عن علاقاتنا ببعض الارهابيين التونسيين المطلوبين هنا، أحيانا نتعرض لمضايقات كبيرة وحالات تفتيش في كل مكان، لكن هذا طبيعي، فعندما تعيش في دولة تفتقد لكل مقومات الأمن، يجب أن تجهز نفسك لكل السيناريوهات لأنك معرض لكل شيء".
ووفق آخر الإحصائيات، تقدر عدد العمالة التونسية في ليبيا بنحو مائة ألف، معظمهم يشتغلون في التجارة وشركات المقاولات وقطاعي الصحة والإعلام، فمنذ سنوات السوق الليبية تمثل الحل الأمثل للباحثين عن العمل في تونس، لأنها توفر لهم إمكانات كبيرة في التشغيل في جميع المجالات، على غرار معتز بجاوي (26 سنة ) الذي يعمل في محل نجارة في مدينة الخمس منذ أكثر من 3 سنوات بعد أن عجز عن إيجاد موطن شغل في بلده، لذلك ليبيا كانت الخيار الوحيد بالنسبة له لأنها أنقذته من بطالة مرة وفقر مدقع.
يتحدث لـCNN بالعربية قائلا "تركت عائلتي وبلدي وجئت هنا لا لسبب إلا للبحث عن لقمة العيش والكسب الحلال، فوجدت نفسي أبحث كذلك على الأمن والراحة، من المؤسف جدا أن يعتبرونا إرهابيين ويطالبوا برحيلنا، يجب التروي ومراجعة هذا القرار من أجل مصلحة ومستقبل الجميع في البلدين".