رأي: لو لم تكن السويدية نيفارلاين التي حررها الأكراد من داعش بيضاء البشرة لزجت بالسجن

العالم
نشر
6 دقائق قراءة

رأي لتشارلي وينتر، كبير الباحثين في مبادرة جامعة جورجيا لصراع الثقافات والعنف، وبحثه يركز على الحركات الجهادية العابرة للحدود، ولميا بلوم، بروفسورة الاتصال في جامعة جورجيا صاحبة كتاب "الموت من أجل القتل: جاذبية الرعب من الانتحار" وكتاب "القنبلة: النساء والرعب". يذكر أن ما يرد في هذه المقالة يعبر عن رأي الكاتبين ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) – نشرت قناة Kurdish News K24، مقابلة مع فتاة سويدية تبلغ من العمر 16 عاما، وتدعى مارلين ستيفاني نيفارلاين، كانت قد أنقذت من قبضة داعش في شمال العراق. وتحدثت نيفارلاين في مقابلتها عن "الأوقات العصيبة" التي قضتها خلال وجودها مع التنظيم الإرهابي، وعن الطريقة التي أمنت بها هروبها من قبضته.

وتعتبر المقابلات مع الهاربات من التنظيم نادرة، لذلك تسابقت وسائل الإعلام لتغطية الانطباعات الناتجة عن إنقاذ المراهقة، كما اشتعل نقاش على وسائل التواصل الاجتماعي حول ما إذا كانت نيفارلاين قد عوملت بطريقة مختلفة بسبب عرقها، إذ إنها بيضاء البشرة. وتقول أحد وجهات النظر إنه في حال لو لم تكن نيفارلاين بيضاء البشرة لاعتبرت إرهابية وزج بها في السجن. ولمعرفة ما إذا كانت هذه الادعاءات حقيقية، علينا أن ننظر للماضي القريب والذي يظهر عكس ذلك تماما.

في المجمل، تتعامل وكالات تطبيق القوانين في الغرب مع مناصري داعش، بصرف النظر عما إذا كانوا من الذكور أو من الإناث أو من الذين حاولوا الالتحاق بالتنظيم أو فشلوا في ذلك أو من الذين بقوا مع التنظيم أم هربوا منه، بناء على قصصهم الشخصية وليس على لون بشرتهم كما يدعون.

لنأخذ على سبيل المثال، الفتيات الثلاث اللواتي اختفين من ولاية كولورادو الأمريكية في أكتوبر عام 2014، قبل أن يتم اعتراضهن في مطار فرانكفورت في ألمانيا في عملية ألمانية أمريكية مشتركة. وقد استطعن العودة إلى وطنهن دون أن يتم توجيه تهم الإرهاب إليهن. لا نعرف أسماء هؤلاء الفتيات ولكننا نعرف أنهن لسن من القوقاز بل إن اثنتين منهن صوماليتين الأصل والأخرى سودانية الأصل.

بالمقابل، شانون ماورين كونلي، البالغة من العمر 19 عاما، وهي قوقازية اعتنقت الإسلام، من ولاية كولورادو أيضا، قد تم اعتقالها في يونيو/حزيران عام 2014 على خلفية صعودها على متن إحدى الطائرات المتوجهة إلى تركيا من ولاية دينفر الأمريكية للالتحاق بتنظيم داعش، وقد حكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات بتهمة دعم جماعات إرهابية.

لقد قامت الفتيات بنفس ما قامت كونلي، فقد أصبحن متطرفات ونشرن مواقفهن الداعمة لداعش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن المعاملة القضائية اختلفت بين الحالتين.

وغير هاتين القصتين، هناك الكثير من قصص اللواتي تم التعامل معهن على أنهن ضحايا لا إرهابيات، رغم أنهن لا ينتمين إلى القوقاز. فهناك قصة الفتاة الكونغولية المولد وتدعى صوفي كاسيكي، والتي تم استجوابها من قبل السلطات الفرنسية عند عودتها إلى باريس وحكم عليها بالسجن لمدة شهرين. وها هي اليوم تواجه تهمة خطف طفلها وليس تهمة الإرهاب.

وعند رؤية الصورة الكاملة، يظهر جليا أن قوات الأمن الغربية لا تكترث كثيرا بعرق الشخص المتهم بالانضمام إلى تنظيمات إرهابية، بل يتم التعامل معه بناء على الخطر الذي يشكله على البلاد.

يتم التعامل مع الحالات الفردية للإرهابيين على أسس فردية. فقد قالت وزيرة الداخلية البريطانية، تيريسا ماي، إن المملكة المتحدة ستتعامل مع الأعضاء السابقين في التنظيمات الجهادية بناء على خطورة أفعالهم بصرف النظر عن جنسهم، وسيتم التهاون مع البعض منهم.

وهذا مهم جدا، لأن الحكومات ستستطيع بذلك استخدام هذه الورقة في حربهم ضد داعش، إذ يستطيعون جذب هؤلاء الذين لا زالوا مع التنظيم عن طريق جعلهم يربطون قصصهم بقصص الفارين الذين تعاملت معهم الحكومة بشكل مقبول.

خلال هذا الأسبوع، عقد مركز "كارتر" الأمريكي اجتماعا جمع فيه علماء دين، ورواد مجتمعيين، وأكاديميين، وصناع قرار من حول العالم لبحث الطريقة الأكثر جدوى لمحاربة التضليل الإعلامي الذي يمارسه تنظيم داعش. وأبرز النقاط التي اتفقوا عليها كمنت في اعتبار الفارين من التنظيم كأسلحة يمكن استخدامها في الحرب الفكرية ضد داعش، حقا "يجب اعتبارهم فرصة".

من أكثر النقاط المقبولة بالمجمل هي أن تحارب المجتمع المتطرف بأولئك الذين تركوا التطرف، لأنهم يستطيعون محاربته بفاعلية أكبر بكثير من غيرهم، فأنت تتحدث مع شخص يمتلك تجربة على أرض الواقع مع التطرف والإرهاب، وهذا سيكون أكثر تأثيرا من المحاضرات التي يلقيها أشخاص لم يكونوا يوما في مكان هؤلاء.

لذلك من الأساسي أن تتعامل وكالات وضع القوانين مع الفارين من التنظيمات الإرهابية بالطريقة الصحيحة، حتى لو ظهر الأمر بداية مستندا إلى الحس، لا يجب أن نزج بهم جميعا في السجن.