ليبيا (CNN)-- تواجه حكومة الوفاق الوطني في ليبيا عقبات كبيرة تتعلق بتسلمها السلطة ودخولها العاصمة طرابلس لمباشرة مهامها في ظل انقسام داخلي حولها بين مؤيد لها ومعارض، واقع أثار مخاوف من إمكانية اندلاع مواجهات داخلية وقيام حرب جديدة في دولة باتت مرتعا خصبا لتنظيم داعش ومصدر قلق للدول المجاورة لها.
ومن المتوقع أن تحل حكومة الوفاق التي تشكلت عقب اتفاق سياسي برعاية الأمم المتحدة محل حكومتين متنافستين واحدة في طرابلس والأخرى في طبرق شرق البلاد، إلا أن تعنت الأطراف السياسية والمسؤولين الحاليين داخل ليبيا ورفضهم لتركيبة الحكومة عطّل الانتقال السلس للسلطة ولم يسمح للإدارة الجديدة بممارسة مهامها.
وفشلت محاولات حكومة الوفاق إلى حد الآن في الانتقال إلى طرابلس ، بسبب معارضة كبيرة من مجموعات مسلحة تسيطر على المناطق الحيوية بالعاصمة أين قامت بإغلاق المجال الجوي بمطار معيتيقة الدولي لمنع هبوط طائرة وفد الحكومة التي قد تقلهم من تونس المقر المؤقت لها.
وكانت حكومة الوفاق الوطني أعلنت نيتها الانتقال للعمل في طرابلس عقب تلقيها دعما قويا من قبل دول الجوار الليبي في الاجتماع الثامن لوزراء خارجية دول الجوار الذي استضافته تونس الاسبوع الماضي، وتمتعها بتأييد ودعم الدول الكبرى ومنظمة الأمم المتحدة.
هذا القرار خلف انقساما شديدا في الداخل الليبي خاصة بين المجموعات المسلحة الموجودة في طرابلس ما بين رافض لدخولها ومؤيد لذلك، كما قوبل بمعارضة شديدة من الحكومتين وصلت حتى التهديد باستعمال الأسلحة لمنع دخولها واعتقال أعضائها.
وفي هذا الجانب تعهدت مجموعات مسلحة تنتمي لمصراتة بطرابلس بمساندة وتأييد حكومة الوفاق الوطني واستعدادها فسح المجال أمامها للدخول إلى العاصمة، بينما عارضت مجموعات مسلحة متشددة مرتبطة بحكومة طرابلس وجود هذه الحكومة وهو ما أدى إلى حصول اصطدام واشتباكات بينهما بالسلاح نهاية الاسبوع الماضي.
وفي هذا السياق، يخشى الليبيون خاصة سكان طرابلس اندلاع مواجهات عنيفة بين مختلف التشكيلات المسلحة المسيطرة على العاصمة ما ينتج عنه حالة من الفوضى واللااستقرار ومزيد من سفك الدماء في حال حاولت حكومة الوفاق الوطني دخول طرابلس بالقوة وقبل التوصل إلى توافق.
المحلل السياسي عبد الباسط بن هامل اعتبر في تصريح لـ CNN بالعربية أنه في حال دخول حكومة فايز السراج إلى طرابلس ستكون المواجهة بين الميليشيات أمرا واقعا قد ينتج عنه تدمير العاصمة، مشيرا إلى أن سبب فشل هذه الحكومة في الوصول الى العاصمة إلى حد اليوم هو تحالفها مع المليشيات التي أعلنت تأييدها لها واستقوائها بهم رغم أنهم يعدون جزءا من المشكل الذي تعيشه البلاد.
وأمام المعارضة التي وجدتها حكومة الوفاق من حكومتي الشرق في طبرق والغرب في طرابلس، لجأت إلى بعض التشكيلات المسلحة الأخرى و أجرت معها محادثات وأبرمت اتفاقيات تضمن قبول الحكومة الجديدة وتأمين عملها في طرابلس وتمهيد الطريق أمام وزرائها.
من جهته توقع الباحث السياسي عزالدين عقيل أن تحدث معركة قصيرة من أجل تأمين دخول حكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس لتسلم السلطة، مشيرا إلى أن تنصيبها لن يغير أي شيء في البلاد لا من الناحية الأمنية ولا الاقتصادية، لأنه حسب رأيه باستثناء رئيس الحكومة فايز السراج فإن بقية الأعضاء ينتمون إلى نفس المنظومة السابقة.
وتتكون تشكيلة حكومة الوفاق التي تم الإعلان عليها منذ منتصف شهر فبراير/شباط من 13 وزيرا و5 وزراء دولة من بينهم 3 نساء فشلت إلى حد اليوم في كسب ثقة مجلس النواب بسبب خلاف حول بعض الأسماء الموجودة خاصة حقيبة وزارة الدفاع.
في المقابل يرى الناشط السياسي سعد الدينالي أن فرص دخول هذه التشكيلة الى العاصمة تبقى ضئيلة بالنظر إلى حجم العوائق التي تعترضها خاصة معارضة المجموعات المسلحة الموالية لحكومة طرابلس والتي تتحكم في الأرض، مشيرا إلى أنه كلما تأخر دخولها تقلصت فرص وجودها وتعطل عملها، إلاّ في حال الرضوخ لمطالب هذه المجموعات التي تمنع دخولها.
وأمام هذه الصعوبات التي تعترض تسوية الأزمة الليبية ومع وجود 3 حكومات، يشعر المواطن الليبي بالتعب والقلق إزاء غموض مستقبله في البلاد في ظل تضخم لمشاكله ومعاناته اليومية وغياب أي بوادر ومؤشرات إلى حد الآن لحلها في وقت يقول فيه الأهالي أن الأسوأ قادم.
ويقول في هذا الجانب حكيم الفاخري، 37 سنة، سائق شاحنة من الزنتان لـCNN بالعربية وهو يتحسر على بلده: "في الوقت الذي كنا ننتظر فيه حكومة واحدة نصطف وراءها لحل أزماتنا ومواجهة الأخطار المحيطة بناء وإعادة بناء ما هدم، أصبح لدينا 3 حكومات متنافسة وشعب منقسم بينهم، حقيقة لا نعرف ماذا سيحل بنا وإلى أين نحن ذاهبون؟ "