الجزائر (CNN)— يواصل الأساتذة المتعاقدون في مختلف الأطوار التعليمية لليوم العاشر على التوالي حركتهم الاحتجاجية، مطالبين وزارة التربية بإدماجهم في مناصبهم "دون قيد أو شرط"، وكنوع من التصعيد، دخل أول أمس المحتجون في اضراب عن الطعام، بعدما فشلت كل مساعي الحوار التي بادرت بها الهيئة المعنية، في الوقت الذي يتشبث فيه الأساتذة بمطالبهم.
وكانت قد انطلقت يوم 27 مارس/آذار الماضي مسيرة "الكرامة والصمود" على الأقدام من مدينة بجاية (400 كلم عن العاصمة الجزائر) مرورا بولاية البويرة باتجاه العاصمة، غير أن مصالح الأمن سارعت الى بلدية "بودواو" (10 كلم عن العاصمة والتابعة إداريا الى ولاية بومرداس)، لمنعهم من مواصلة المسيرة ودخول العاصمة التي يحضر فيها التجمعات والمسيرات منذ سنة2001.
وبسبب هذا المنع، قرر المحتجون الدخول في اضراب عن الطعام، وهذا ما أكده منسق ولاية بجاية "مورجيحان سليمان" في حديثه لـ CNN بالعربية، قائلا "لما وصلنا الى مدينة بودواو منعتنا قوات الأمن من مواصلة المسيرة باتجاه العاصمة وهذا ما ادى بنا الى اتخاذ قرار الاضراب عن الطعام كنوع من التصعيد والاحتجاج لتلبية مطالبنا"، وقدر محدثنا عدد المحتجين بـ أكثر من 2500 أستاذ.
وتربط الاساتذة المتعاقدين عقود استخلاف مع المؤسسات التربوية في مختلف الاطوار، ويقارب عددهم، استنادا لوزارة التربية، 50 ألف أستاذ، وحسب شهادات متطابقة للمحتجين جمعتها CNN بالعربية، هناك من فاقت مدة تعاقده 16 سنة، على غرار الأستاذة "فاكية" من ولاية عنابة التي تعمل بنظام التعاقد منذ سنة 2000.
ووفقا للمعطيات التي استقتها شبكتنا من الوسط التربوي، فإن المسابقة التي اجريت سنة 2015 قد تلقى فيها الاساتذة المتعاقدون ضمانات من الوزارة المعنية بتثمين الخبرة، لكن تبين بعد النتائج، حسب محدثينا من الأساتذة المحتجون، أن اغلب الناجحين لا يحوزون الخبرة فيما تم اقصاء ذوي الخبرة.
إلى جانب كل هذا، يعاني هؤلاء المحتجون من مشكل عدم صب الرواتب في وقتها المطلوب، فأجورهم لا تضخ شهريا بل تصرف لهم بعد سنتين الى ثلاث سنوات، مما أدى بهم الى اللجوء الى الاستدانة لمزاولة عملهم وتغطية مصاريف النقل و الاطعام، في حين لا يحصلون على معظم المنح التي يتحصل عليها الاساتذة المرسمون، وفق تصريحات المحتجين التي جمعتها CNN بالعربية.
ولا تعد هذه المرة في الاحتجاج، فقد سبق لهؤلاء الاساتذة القيام بوقفات سلمية أمام مختلف مديريات التربية الخمسين، ثم انتقلوا للتظاهر في العاصمة أين تعرضوا لتفريق احتجاجاتهم بالقوة، بعد مطالبتهم بالإدماج المباشر وغير المشروط في مناصب عملهم، على حد تعبير الأستاذة ايمان حبّاش في تصريح لشبكتنا.
ويصر المحتجون على مواصلة الاحتجاج بطرق سلمية الى غاية تلبية مطلبهم الوحيد والمتمثل في "الادماج دون قيد او شرط"، حسبما صرح به بشير سعيدي الناطق باسم للتنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين لـ CNN بالعربية، وتابع قوله "لن نوقف الاضراب عن الطعام الا بتحقيق مطالبنا، الادماج او الموت".
وكانت الوصاية قد أوفدت لجنة من إطارات الوزارة الى مدينة بودواو من أجل الجلوس مع ممثلي المحتجين على طاولة الحوار قصد إيجاد صيغة توافقية، إلّا أن ممثلي الأساتذة وبعد التشاور، رفضوا فتح الحوار، حسب سعيدي، لكون هذه اللجنة لا تمتلك القرار مطالبين بمقابلة الوزير الأول أو ممثلين عن الوزارة الأولى.
من جانبها اعتبرت وزارة التربية الوطنية على لسان مدير اعلامها لمين شرفاوي في اتصال مع CNN بالعربية، أن قرار تثمين الخبرة المهنية للأساتذة المتعاقدين تطلب "جهدا كبيرا" من الوظيفة العمومية، مؤكدا بأن الإدماج المباشر لهذه الفئة غير ممكن لتعارضه مع القانون الذي يشترط إجراء مسابقات قصد المرو إلى التوظيف.
غير أن هذه الحجة لم يتقبلها ممثلو الاساتذة، وقال سعيدي في هذا الشأن "في سنتي 2011 و2012 تم ادماج اساتذة مع العلم أن القوانين هي نفسها ورئيس الجمهورية هو نفسه، ما الذي تغير؟".
وأمام هذا الوضع، يستبعد شرفاوي ان يكون هناك ادماج آلي، "لا اعتقد ان القرار السياسي قادر على الدوس على قوانين الجمهورية المعمول بها"، مبررا كلامه قائلا "يقدر عدد الاساتذة المتعاقدين في الجزائر بحوالي 50 الف استاذ في حين يتوفر 28 الف منصب هذه السنة، وبالتالي من المستحيل سلك هذا الخيار".
وأضاف شرفاوي "القانون الحالي يضمن المساواة بين الجميع ولا يمكن التفاضل بين الفئات فقوانين الوظيف العمومية جاءت لتضمن مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة".