هذا المقال بقلم خالد أشيبان، ناشط سياسي مغربي، ولا يعبّر عن وجهة نظر CNN.
--عندما يتعلق الأمر بالإجهاز على حقوق الفقراء، والزيادة في الأسعار، وتمديد سن التقاعد، والتقليص من ميزانية الاستثمار العمومي، وإلغاء صناديق الدعم، وغيرها من الإجراءات التي تمس المواطنين البسطاء وتشدد الخناق على الطبقة المتوسطة، لا يتردد السيد بنكيران، رئيس حكومتنا المحترم، في التوقيع دون تفكير، ويجد ما يكفي من الشجاعة والمبررات ليتحدى الجميع و يتعنت و يقسم بأغلظ الأيمان أنه لن يتراجع و لو سقطت حكومته.
وعندما يتعلق الأمر بمحاربة الفساد، واسترداد الأموال العامة المنهوبة، ومتابعة مهربي الأموال، وتطبيق القانون على الجميع، وإقرار إجراءات تضمن الشفافية في تمرير الصفقات العمومية، وغيرها من الإجراءات التي وعد بها الحزب الحاكم الشعب المغربي، يبلع رئيس حكومتنا لسانه ويتحول إلى "مجرد رئيس حكومة لا حول له ولا قوة" كما وصف نفسه يوماً على إحدى القنوات العربية.
هذا هو حال رئيس حكومتنا اليوم، وهذا ما يقع منذ شهور في قضية عشرة آلاف أستاذ متدرب وجدوا أنفسهم، بعد أن نجحوا في المباراة، أمام الأمر الواقع عندما قرر رئيس الحكومة، بشكل انفرادي، أن يقلص منحتهم إلى النصف وأن يلغي قاعدة التوظيف المباشر بعد التكوين دون إخبار مسبق.
هكذا وجد عشرة آلاف شابة وشاب أنفسهم أمام قرار ظالم، يحرمهم من حق استفادت منه جميع الأفواج التي سبقتهم. والغريب في الأمر هو أن قطاع التعليم في المغرب يعاني من خصاص حاد في الموارد البشرية، يقدره المختصون بعشرات الآلاف من المناصب. كل هذه القرارات تثبت توجه الحكومة الحالية نحو خوصصة قطاع التعليم، وهو ليس بشيء غريب على حكومة همها الوحيد هو تطبيق أوامر صندوق النقد الدولي بالحرف. علما أن رئيس حكومتنا يتوفر على مجموعة مدارس خاصة، هو ومعظم قياديي حزبه.
قضية الأساتذة المتدربين قضية عادلة، فهؤلاء الشباب ليسوا مجرمين أو ثوريين يريدون إسقاط النظام وإشاعة الفوضى. هم ببساطة شباب من بين خيرة شباب هذا الوطن، لم تسعهم الفرحة يوم وجدوا أسماءهم ضمن لائحة المقبولين ليصبحوا أساتذة. مثلهم مثل كل أولئك الشباب المغاربة الذين فقدوا الثقة في كل شيء اليوم، وينتظرون نصف فرصة للالتحاق بأسلاك الشرطة أو الدرك أو القوات المساعدة أو الجمارك. عائلات هؤلاء الشباب تعتبر توظيفهم فرصة لتحسين وضعيتهم، وإخوانهم وأخواتهم تنفسوا الصعداء لأنهم سيجدون حولهم من يمدهم ببضعة دراهم نهاية كل شهر. ليأتي السيد بنكيران، في نهاية المطاف وبجرة قلم، ويحول حلم عشرة آلاف عائلة إلى كابوس.
هو ببساطة نفس السيناريو يتكرر، منذ خمس سنوات، كلما تعلق الأمر بالإجهاز على حقوق الفقراء والطبقة المتوسطة. بنفس تلك الطريقة قرر رئيس الحكومة الزيادة في أسعار المحروقات سنة 2012, وتقليص ميزانية الاستثمار العمومي سنة 2013, وإلغاء الدعم كلياً سنة 2014, والرفع من سن التقاعد سنة 2015, وممارسة جميع أنواع التنكيل والاستعلاء على الأساتذة المتدربين سنة 2016. بنفس الطريقة تعاملت الحكومة المغربية مع الشعب طيلة خمس سنوات، بالاقتطاع من أجور المضربين ومنع الاحتجاجات السلمية والكذب والترويج في كل مناسبة لإنجازات وهمية.
هذه هي خلاصة خمس سنوات من حكم الإسلاميين في المغرب : الحكومات في العالم وجدت لخدمة الشعوب، وعندنا يريدونه شعبا في خدمة الحكومة، وإن لم تكن معهم فأنت ضد الله .
https://www.facebook.com/KhalidAchibane
https://twitter.com/achibanekhalid