ليبيا (CNN)-- تسعى بعض القبائل في الشرق الليبي إلى تهيئة الأجواء المناسبة لعودة أرملة القذافي صفية فركاش وأحفادها للعيش والاستقرار في بلدتها، فهل ستلبي الممرضة التي حكمت ليبيا أربعين عاما هذه الدعوة وتعود للعيش في بلد فقدت فيه أبناءها وشهد مقتل زوجها، وتفتح بذلك أبواب المصالحة أمام باقي رموز وأتباع القذافي المهجرين منذ سنوات؟
في الفترة الأخيرة اتسعت دائرة الحديث في ليبيا عن إمكانية عودة أرملة القذافي وأحفادها إلى مدينة البيضاء مسقط رأسها للاستقرار فيها خاصة بعد تلقيها دعوات إيجابية في هذا الاتجاه من أعيان القبائل في الشرق الليبي وذلك في أول خطوة نحو المصالحة الوطنية وفي إطار لم شمل المُهجّرين.
وكان مجلس حكماء مدينة البيضاء أصدر بيانًا نهاية الأسبوع الماضي أكد فيه أنه في إطار مساعي الخير من أجل المصالحة الوطنية ولم شمل الليبيين بعودة المهاجرين والنازحين وبمناسبة صدور قانون العفو العام رقم 6 لسنة 2015 عن مجلس النواب، فإن مجلس حكماء مدينة البيضاء بمباركة المجلس البلدي أجمعت على عودة صفية فركاش وأحفادها إلى مسقط رأسهم معززين مكرمين.
ولعبت صفية فركاش السيدة الأولى لليبيا منذ سنة 1970 دورا كبير في حياة القذافي فهي من أهم النساء التي رافقته طوال سنوات حكمه، ورغم أنها خُيّرت منذ البداية الابتعاد عن الظهور في وسائل الإعلام وفي المناسبات العامة مقابل الاهتمام بتربية أبنائها السبع وابنتها، إلا أنه وبمرور الوقت أصبحت لها مشاركات في بعض الأنشطة الاجتماعية إلى حين بداية الثورة الليبية عندما ظهرت بقوة خلف معمر القذافي لدعمه والدفاع عن خياراته وعن عائلتها.
ومع تطور الأحداث وتقدم الثوار تراجعت صفية فركاش إلى الوراء وأُجبرت على الافتراق عن زوجها وأبناءها وغادرت مع ابنها هنيبعل وابن زوجها محمد وابنتها عائشة إلى الجزائر، لتشاهد بعد أقل من شهرين عبر شاشات التلفزيون مقتل كل من زوجها وأبناءها خميس والمعتصم وسيف العرب، ثم اعتقال ابنيها سيف الإسلام والساعدي ووضعهم في السجن في ليبيا أين يواجهون أحكاما بالإعدام.
وبين من يمانع في رجوعها إلى ليبيا بسبب تصريحاتها المعادية للثورة ومن يؤيد ذلك لبراءتها من أفعال زوجها، لم تبدِ صفية القذافي التي أصبحت تقيم في سلطنة عمان إلى حد اليوم أي ردة فعل تجاه ذلك، حيث لا يزال اهتمامها ينصب في البحث عن ملابسات مقتل زوجها وأبنائها والعثور عن أماكن جثتيهما، كما تسعى إلى فتح قنوات تواصل مع أبنائها المعتقلين في ليبيا.
وفي هذا السياق طالبت صفية القذافي المجتمع الدولي بالكشف عن مكان جثتي زوجها معمر القذافي وابنها المعتصم اللّتين تم دفنهما في مكان مجهول، من أجل تسليمهم إلى ذويهم ليقوموا بدفنهم في المكان الذي يريدون، كما طالبت المنظمات الحقوقية والانسانية بمساعدتها في الاتصال بابنها سيف الاسلام المعتقل في أحد السجون الليبية.
واستبعد المحلل عزالدين عقيل أن تلبي زوجة القذافي الدعوة التي وُجهت لها للعودة إلى بلادها، مضيفا أن تطبيقها صعب في الوقت الحالي وغير ممكن، موضحا أنه إذا قررت يوما الرجوع إلى ليبيا فستعود إلى الاقامة في سرت أو طرابلس شرط حصول اتفاق مصالحة بين أنصار القذافي والسلطة الحالية تراعى فيه شروط الطرفين.
وبدوره يرى المدون علي الفيتوري أن صفية القذافي لن ترضى العودة إلى ليبيا دون كافة عائلتها وأقربائها، مضيفا أنه اذا تواصلت حالة اللا أمن ولا استقرار في البلاد فإن صفية لن تقدم على هذه الخطوة لأنها ستخشى على حياتها وحياة عائلتها في ظل استمرار النزعة الانتقامية في البلاد، متوقعا أنها لن تدخل البلاد إلا بعد تلبية مطالبها وكذلك بعد بناء أجهزة الدولة.
.من جهته قال مصطفى مصراتي أحد المهجرين في تونس إنه إن عادت زوجة القذافي فهي مرحب بها لأنها لا تعتبر جزءًا من مشاكل ليبيا باعتبار أنها لم تشارك في الحرب ولا في إراقة الدماء، أما إن رفضت العودة فقد تكون استصعبت الأمر لأن أي واحدة في مكانها من الصعب أن تتأقلم من جديد دون عائلتها وتتكيف مع الوضع الجديد للبلاد.
وبخصوص ما إذا كانت دعوة زوجة القذافي إلى ليبيا يمكن أن تعد خطوة ودلالة على أن البلاد تسير في اتجاه المصالحة مع أنصار القذافي المهجرين ورموزه وأقربائه، اعتبر الناشط السياسي سعد الدينالي أن موضوع المصالحة مازال شائكا خاصة في المنطقة الغربية نظرا لما حصل إبان الثورة من انتهاكات ومن تغول قبائل ومدن على حساب قبائل ومدن أخرى مما سبب في تعميق هوة الخلاف.
واعتبر أن دعوة زوجة القذافي وأحفادها للعودة إلى بلادهم تندرج ضمن مبادرة من قبيلتها في الشرق الليبي أين المصالحة تكون أسهل لأن السائد هو حكم العرف القبلي أي أن من تتعهد قبيلته بعودته و عدم ارتكابه لأي أعمال مخلة بالقانون فهو مرحب به.