تحليل: ما هي أسباب التقارب الإيراني-الجزائري إزاء الأزمات الإقليمية؟

العالم
نشر
6 دقائق قراءة
تقرير حمزة عتبي
تحليل: ما هي أسباب التقارب الإيراني-الجزائري إزاء الأزمات الإقليمية؟
الرئيس الإيراني حسن روحاني والوزير الأول الجزائري عبد المالك سلالCredit: ATTA KENARE/AFP/Getty Images

الجزائر (CNN)-- تعرف العلاقات الجزائرية الإيرانية، توافقًا واضحًا في مواقف البلدين تجاه كثير من الأحداث الدولية، خلال السنوات الأخيرة، وهذا ما أرجعه المتتبعون للشأن الدولي، إلى حجم الزيارات الرسمية المتبادلة بين الطرفين، وزادت انتعاشا ودينامكية جديدة اثر زيارة النائب الأول للرئيس الإيراني "إسحاق جهانغيري" للجزائر نهاية السنة الفارطة.

وتزامنا مع رفع العقوبات ضد طهران على خلفية ملفها النووي، تسعى الجزائر إلى استغلال عودة إيران إلى التعاملات الدولية من أجل تكثيف علاقاتها، اعتمادا على العلاقات السياسية الجيدة التي تجمع البلدين، مؤكدة بذلك – حسب بعض المحللين السياسيين- استقلالية مواقفها ووقوفها إلى جانب محور الممانعة الذي يشمل دمشق وطهران وموسكو والوقوف ضد مشاريع دول الخليج.

وهذا ما تؤكده الزيارات الأخيرة كالتي قام بها عبد القادر مساهل، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، إلى سوريا وبعدها إلى لبنان، وتلتها زيارة أداها الوزير الأول عبد المالك سلال إلى روسيا، ثم زيارة وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب إلى إيران بداية الأسبوع الجاري.

وعلى غرار التعاون المشترك في الملفات الاقتصادي بعد إبرام عدة اتفاقيات في هذا المجال الحيوي، تتطابق وجهات نظر البلدين حول العديد من القضايا العربية الإقليمية والدولية، كالحرب في سوريا والحرب على اليمن ومحاولة تصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية، وكذا القضية الفلسطينية وهذا ما يطرح عديد التساؤلات حول تقارب مواقف البلدين الذي يصل أحيانا إلى حد التطابق.

وعن هذا، يبرر الدبلوماسي الإيراني السابق هادي افقهي، قائلا: "هناك متشابهات كثيرة بين البلدين شعبا وتراثا وجهادا، ومن هنا نستطيع أن نقارن عدة قضايا بين إيران والجزائر"، التي تعد الجانب التاريخي أحد ابرز محطاتها، وفقا لمحدثنا، كـ: "تأثر الثورة الإسلامية الإيرانية بالثورة الجزائر التي قدمت أكثر من مليون ونصف مليون شهيد".

ويرى افقهي في حديثه لـ CNN بالعربية أن احد القضايا التي ساعدت على تقارب مواقف البلدين هو "موضوع الإرهاب"، فالجزائر، حسبه، عانت من الإرهاب سنوات التسعينات وهي بذلك كإيران التي عانت هي الأخرى من "بعض المنظمات الارهابية على الحدود الشرقية التي تأتي من باكستان وأفغانستان المدعومة من الدول العظمى وبعض دول المنطقة".

وتقاطعت وجهة نظر افقهي مع المستشار الثقافي للسفارة الإيرانية بالجزائر أمير موساوي في موضوع استقلالية القرار ، الذي اكتفى، في حديثه لـ CNN بالعربية، بالقول إن "القيادتين أبناء ثورتين حقيقتين وليستا مصطنعتين ويفهمون جيد اللعبة الدولية ولا ينجرون إلى المهالك وبوصلتهما فلسطين ويقفون أينما كانت، بالإضافة إلى استقلالية القرار لدى القيادتين".

وعند استحضار تاريخ العلاقات بين البلدين، يطفو إلى السطح، حدثان بارزان، الأول توّسط "الجزائر" بين إيران والعراق سنة 1975، حين تم وضع حد للخلاف الحدودي بين البلدين، والثاني يتمثل في رعاية الجزائر للمصالح الإيرانية في واشنطن بعد قطع العلاقات الدبلوماسية الإيرانية الأميركية سنة 1980 .

وأوعز يحي بوزيدي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الشلف وقوف الجزائر إلى جانب محور طهران المضاد لمحور السعودية، إلى "الخلافات العربية-العربية التي تستثمر فيها القوى الإقليمية، والتي تتمحور حول الزعامة حيث تسعى كل دولة لفرض نفسها في الإقليم، ومع الوضع الذي آلت إليه العراق ومصر وحتى سوريا، أضحى التنافس في الريادة الإقليمية العربية محصورا بين المملكة العربية السعودية والجزائر".

مما يجعل الجزائر متخندقة في محور إيران، في نظر بوزيدي هو: "صراع الملكيات والجمهوريات حيث تميل الأنظمة السياسية لتأييد نظيراتها في الدول العربية كنوع من التضامن الذي يكفل استمرارهما"، ويرى بوزيدي في حديثه لـ CNN بالعربية أن "المواقف الإيرانية المعلنة المعادية للغرب وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تنسجم مع التوجهات العامة للسياسة الخارجية الجزائرية منذ الاستقلال".

كما مرّت العلاقات الجزائرية الإيرانية بمرحلة فتور، بعدما اتهمت الحكومة الجزائرية في عهد رئيس الوزارء الجزائري الأسبق رضا مالك إيران بدعمها السياسي والإعلامي للجبهة الإسلامية للإنقاذ آنذاك، وانتهى الأمر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ سنة 1993 واتهام طهران بالتدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية، قبل أن تعود المياه لمجاريها.

وعلى خلاف ما سبق ذكره، لا يستغرب الباحث في العلوم السياسية الدكتور عبد الله بلغيت، في حديثه لـCNN بالعربية، أن تصير المواقف الجزائرية الإيرانية إلى تقارب أكبر في الوقت الراهن، لكنه استدرك قائلا "بالرغم من التقاطع الكبير بين البلدين في السياسة الخارجية، إلا أنها تعاني في بعض الأحيان من تباعد في المواقف السياسية".

 واستشهد المتحدث بعدة قضايا، خاصة ما تعلق برفض الجزائر المستمر لتدخل إيران في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية "خاصة ما حدث بلبنان واليمن، على اعتبار أن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ظل يشكل أحد أبرز مبادئ السياسة الخارجية الجزائرية".