الجزائر (CNN)-- استبعد هشام عبود، النقيب السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الجزائرية، أن تكون لديه أي خلافات شخصية مع عائلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كاشفا في هذا الحوار الذي أجرته معه الـ CNN بالعربية، أن عائلة الرئيس كانت طيبة معه وأن شقيق الرئيس عرض عليه طائرة خاصة لحضور جنازة والدته، كما دافع عن الشيخ علي بن حاج واعتبر أن المعارضة والإعلام متواطئان مع السلطة بصمتهما عما يحدث للشيخ كل يوم جمعة.
هشام عبود الذي مارس الصحافة داخل المؤسسة العسكرية، حيث اشتغل رئيسًا لتحرير مجلة الجيش، لسان حال وزارة الدفاع الجزائرية، هو نقيب سابق في دائرة الاستعلامات والأمن، وبعد مغادرته سلك المخابرات الجزائرية، أسس عدة عناوين صحفية منها الأصيل وصولا إلى صحيفتي "جريدتي ومونجورنال"، كما وُجهت له عدة في قضايا القذف والإساءة للمؤسسة التي كان أحد أبناءها وبرأته المحكمة لعدم كفاية الأدلة.
وألح عبود على أن المشهد الإعلامي الحالي لم تعرفه الجزائر منذ استقلالها، مشيرا إلى أنه "في زمن الحزب الواحد كان هناك نوع من حرية ولم تُدجن الصحافة ولا الصحفي عكس ما يحدث اليوم، حيث أُفسدت الصحافة بالمال"، واعتبر أن التعدد المبالغ فيه للصحف التي تجاوز عددها 170 ، جعل الساحة الإعلامية فيها نوع من التمييع وبالتالي يصعب على أي جريدة أن توصل رسالتها".
واستثنى عبود عملية التدجين التي تعرضت لها الصحافة الجزائرية وفقا لتعبيره، إلا جريدتين هما "الخبر" و"الوطن"، معللا كلامه "لأنهما تمكنتا من الإفلات من الاحتكار واحتفظتا بحرية التعبير بفضل امتلاكهما لموزعين ومطابع خاصة بهما"، عكس الصحف الأخرى التي تعتمد على مطابع الدولة.
غير أن عبود يعتبر أن إنشاء قناة تلفزيونية من طرف مسؤولي مجمع الخبر يعد "خطأ فادحًا أوصلها إلى أزمة مالية، كادت أن تعصف بها ككل وبالتالي لم يجد المجمع ملجأ إلا بيع أسهمه إلى رجل لديه خبرة في مجال الإعلام لأنه من الأوائل المالكيين للجرائد وكان ذلك بأمواله وليس بأموال وكالة الأنباء والإشهار، وذلك بتأسيسه جريدة ليبرتي"، على حد تعبير عبود.
ويرى عبود أن صفقة الخبر مع يسعد ربراب هي "صفقة تجارية.. يكفي أن الطرفين احترما فيها القانون، وهي صفقة تجارية على اعتبار أن المالك الجديد أنقذ المجمع من الإفلاس"، لكنه استدرك قائلا "وبما أن ربراب أنقذ المجمع، الذي يعدّ شوكة في حلق النظام الذي كان يتمنى أن تنطفئ شمعة الخبر، فقد أصبحت صفقة سياسية، وبالتالي النظام هو الذي سيّس الصفقة".
وفي موضع آخر عن المضايقات التي يتعرض لها الرجل الثاني في حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، علي بن حاج، بعد منعه حتى من أداء صلاة الجمعة، يرى عبود أنه "تعبير عن تعسف نظام استبدادي"، متأسفًا عن أن "كل هذا يتم بتواطؤ أحزاب المعارضة والإعلام وكل من يدعي الديمقراطية، لأنهم كلهم صامتون أمام هذا الاعتداء السافر الذي يتعرض له أسبوعيًا الشيخ علي بن حاج".
وتابع عبود حديثه عن الرجل الثاني للجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، قائلا: "لست أنا الذي يقول إن علي بن حاج قد ظُلم، بل لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة هي التي تقول إنه ظلم وحكمت على الجزائر أن تُعوضه، ولا يمكن لي أن أعرض قرارًا صدر عن لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة" .
فيما تكتم المتحدث عن ذكر أسباب تأخر إصدار كتاب عن حياة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سبق وأعلنه، مكتفيًا بالقول: "لست مُطالبا بتبرير التأخر في كل مرة وعلى الذين يسألون عن تأخر إصدار الكتاب أن يقوموا بما أقوم به"، مستبعدا في حديثه إلى شبكتنا أن يكون الغرض من الكتاب هو تصفية حسابات شخصية مع عائلة الرئيس بوتفليقة أو شقيقه.
وقال في هذا الصدد: "ليست لي علاقة مع عائلة الرئيس، بالعكس عائلته كانت طيبة معي حينما قدمتْ لي العزاء في موت والدتي فكيف لي أن تكون لي تصفية حسابات معها؟"، موضحا: "السعيد بوتفليقة اتصل بي شخصيا وقدم لي العزاء وهو مشكور على ذلك وعرض علي طائرة خاصة لحضور جنازة والدتي، لكني رفضت لأني لو قبلت ذلك سوف يجردني من سلاحي الذي هو مبادئي، وأخبرته بذلك، فأبلغني أن هذا خارج الصراع القائم بيننا".
أما عن أسباب غلق صحيفتي "جريدتي ومونجورنال" اللتين كان يملكهما، أوضح عبود: " نشرنا خبرًا مفاده عودة الرئيس بوتفليقة من باريس يوم 15 ماي وإن حالته الصحية تدهورت وأعيد إلى فرنسا في 20 ماي، فطُلب منا سحب الموضوع، بعدها رفضت سحبه، لأن لا أخلاقي ولا أخلاقيات المهنة تسمح بذلك".
ويتابع عبود: "على خلفية هذا تم توقيف الإشهار العمومي عن الصحيفتين وتمت ملاحقتي بتهم المساس بالوحدة الوطنية والمساس بحسن تسيير مؤسسات الدولة والمساس بالوحدة الترابية، ولما وقفت أمام قاضي التحقيق قمت بدحر تلك التهم وخرجت من مكتبه حرا كما سُجل ذلك في المحضر".
واستطرد عبود قائلا: "بعد توقيف الإشهار عن الجريدة كنت حينها مُخيّرًا بين تسديد رواتب العمال أو تسديد مصاريف المطبعة، واستقررت على الخيار الأول إلى غاية أن تم توقيف الجريدة تحت حجح تجارية، لأني رفضت المساومة"، موضحا أن مغادرته التراب الوطني بعد توقيف الجريدة كانت "بطريقة قانونية ولم يهرب".
وأكد عبود عن هذا الموضوع إنه كان حاضرًا أيام رمضان بمسقط رأسه وبعد العيد تنقل إلى ولاية تبسة المتاخمة للحدود التونسية ومن ثمة فَضل التنقل إلى فرنسا عبر تونس بطريقة قانونية بحكم المسافة القريبة التي تربط هذه الولاية بتونس
ووصف عبود الأصوات التي تتهمه بالاندساس في صفوف المعارضة بالخارج وتقديم تقارير لمؤسسة المخابرات، التي كان احد عناصرها بـ "الغباء والجبن"، وأضاف: "من يدعي هذا الكلام عليه أن يقدم الدلائل في أي حزب أنا منخرط ، أو إن كانت لي علاقات مع معارضين في الخارج"، نافيا أن تكون لديه أي علاقات مع أي معارض جزائري منذ وجوده في فرنسا منذ 1997.
وسبق لعبود أن عاد إلى أرض الوطن سنة 2011 بعد فترة قضاها في المهجر، مع العلم أنه كان ملاحقا في عدة قضايا اختفت بمجرد دخوله لأرض الوطن وهذا ما ربطه البعض بوجود صفقة مع بعض الجنرالات. وعن هذا الأمر، فند عبود كل هذه الادعاءات قائلا: "من يعتقد بأن لي علاقة بالجنرال توفيق، فقد انتقدت هذا الجنرال أيام كان في عزّ قوته ولكم أن تتأكدوا فيما كتبت على صفحات جريدة الوطن وكتاب مافيا الجنرالات".