الجزائر (CNN)— يشكّل تعويد الأطفال على الصيام، أحد أبرز العادات التي تحرص عليها العائلات الجزائرية من خلال خلق جو احتفالي، احتفاء بصغير العائلة الذي استطاع صيام يوم كامل، بعدما خاض عدة محاولات بصيام نصف يوم وهي طريقة تعتمدها العائلات لتعويد أبناءها على الصيام، ليبقى الصيام الأول عند الأطفال يوما مشهودا لا يزال يحظى بمكانة خاصة لدى العائلات الجزائرية.
وتشجع العائلات صغارها على الصوم ولو لنصف يوم دون إرغامهم على صيام اليوم كله، كخطوة أولى لاكتشاف ماهية الصيام، ثم كخطوة ثانية تحرص على صيام صغارها في يوم ما لتفطره اليوم الثاني، حتى يتعوّد عليه، وغالبا ما يفضل الأولياء الأيام العشر الأولى من شهر رمضان لصيام أولادهم، على اعتبار أن النصف الثاني تنشغل فيه العائلة في تحضيرات عيد الفطر.
ولا تجد للأطفال الصائمين حديثا سوى التباهي بعدد الأيام التي يصومها كل واحد منهم والتنافس بين أطفال العائلة وكذا أطفال الحي، ومن العادات المتوارثة أنه لما يُضبط الطفل متلبسا ببقاء أثر الطعام على فمه في عزّ أيّام الصّوم ،عليه إخراج لسانه مرغما لتأكيد صيامه، وهذا ما يضمن للطفل مكانة واحترام بين أترابه.
ويعتبر اليوم الأول من صيام الأطفال يوما مميّزا بالنسبة للطفل في حدّ ذاته، حيث يلقى اهتماما كبيرا من طرف الكّل خاصة الآباء الذين يقومون باصطحابهم للتسّوق والتجوّل، في الوقت الذي تقوم فيه الأم بتحضير وجبة الإفطار التي تكون على غير العادة، حيث تعطى الأولوية للأطباق التي يحبّذها الطفل الصائم.
وتختلف عادات الجزائريين بهذه المناسبة من منطقة لأخرى، ففي مدينة البليدة (50 كلم عن العاصمة) تحتفي العائلات بأوّل صيام لأطفالهم بتقليد مميز و أصيل، تروي رزيقة قويدر رابح لـ CNN بالعربية، أن الطفلة الصائمة تقوم بتحضير "الحشيوة " رفقة والدتها، وتُفطر الطفلة الصائمة على سطح المنزل على كأس "الشربات"، الذي يوُضع بداخله خاتما من الفضّة، "حتّى تكبر على الصفاء و نقاوة القلب و علوّ الشأن".
أما في ولاية ميلة بالشرق الجزائري، يقام للأطفال احتفال مميز كخطوة أولى لتشجيعهم على الصوم، ويحصل لهم شرف تناول الإفطار على مائدة رمضان مع الأهل، ليبدأ إفطارهم بكوب من اللبن والتمر، وتحضر له وجبة خاصة تكون من المأكولات التي يفضلها، ليختتم في السهرة بالحلوى تسمى "الطمينة"، وفق ما رواه نوفل بن احمد لشبكتنا.
وصوم الطفل لأول مرة له مكانة خاصة عند العائلات الصحراوية، يقول الحمدي عبد الله، أحد سكان أدرار، لـ CNN بالعربية، أن الطفل الصائم يُحلق رأسه ويلبس "الشاش"، ويُذبح على شرفه خروف، أما في وقت الإفطار، يضيف محدثنا، يتم رمي الحلويات من فوق رأس الطفل الصائم مع ترديد أدعية ويضع في عينين الطفل الكُحل وفي يديه ورجليه الحناء.
ومن العادات التي تشترك فيها العائلات الجزائرية هي تزيين الطفلة الصائمة مثل عروس صغيرة. ففي شرق البلاد تلبس جبة ''الفرفاني'' المطرزة بخيوط الذهب، وفي العاصمة وما جاورها تلبس "البدرون"، أما بالغرب الجزائري يتم إلباس الفتاة الصائمة ''الشدّة''، ويكسو هذه الألبسة أنواع الحلي التقليدية من رأسها إلى أخمص قدميها.