الرباط (CNN)— خصّ الملك محمد السادس الجزائر بجزء هام في خطابه الموجه لشعبه مساء السبت، إذ دعا إلى إعادة بعث الروح التضامنية بين الشعبين "لرفع التحديات التنموية والأمنية المشتركة"، كما انتقد بشدة انتشار فكر التطرف والتكفير، منددًا بالأساليب التي يستغلون بها دعاة "الإرهاب" الشباب.
وتحدث العاهل المغربي بمناسبة الذكرى الـ63 لثورة الملك والشعب المصادفة لإحياء الذكرى المزدوجة لليوم الوطني للمجاهد في الجزائر، عن ضرورة "استلهام الدروس والعبر من التاريخ المشترك للبلدين"، وحمل خطاب الملك محطات تاريخية مشتركة جمعت الشعبين المغربي والجزائري.
وعاد ملك المغرب إلى مسار بلاده والجزائر لأجل الاستقلال عن فرنسا، متحدثًا عن أن هذه المرحلة تميزت بـ"التنسيق والتضامن بين قيادات المقاومة المغربية وجبهة التحرير الجزائري"، مما نتج عنه اتفاق "لجعل الذكرى الثانية لثورة 20 غشت، مناسبة لتعميم الثورة في الأقطار المغاربية. فقامت انتفاضات شعبية بمختلف مناطق المغرب والجزائر".
وذكّر محمد السادس بالدعم المادي والمعنوي الذي قدمته المقاومة المغربية للثورة الجزائرية مما ساهم هذا التضامن "في إعادة الروح لها"، وأضاف قائلا "ما أحوجنا اليوم لتلك الروح التضامنية، لرفع التحديات التنموية والأمنية المشتركة"، متطلعا "لتجديد الالتزام، والتضامن الصادق، الذي يجمع على الدوام، الشعبين الجزائري والمغربي".
واغتنم حاكم المغرب المناسبة ليُدين " بشدة قتل الأبرياء"، معتبرا أن "قتل راهب حرام شرعا وقتله داخل كنيسة حماقة لا تغتفر، لأنه إنسان، ولأنه رجل دين، وإن لم يكن مسلما والإسلام أوصانا خيرا بأهل الكتاب"، وأوضح في هذا المقام أن "الإرهابيين باسم الإسلام ليسوا مسلمين، ولا يربطهم بالإسلام إلا الدوافع التي يركبون عليها لتبرير جرائمهم وحماقاتهم".
وتساءل العاهل المغربي في جزء من خطابه خصصه للجهاد: "متى كان الجهاد هو قتل الأبرياء؟ هل من المعقول أن يأمر الله، الغفور الرحيم، شخصا بتفجير نفسه، أو بقتل الأبرياء؟ وهل يقبل العقل السليم أن يكون جزاء الجهاد هو الحصول على عدد من الحور العين ؟ وهل يقبل المنطق بأن من يستمع إلى الموسيقى ستبلعه الأرض، وغيرها من الأكاذيب".
وتحدث الملك محمد السادس عن أن الجهاد في الإسلام "يخضع لشروط دقيقة من بينها أنه لا يكون إلا لضرورة دفاعية، ولا يمكن أن يكون من أجل القتل والعدوان، ومن المحرمات قتل النفوس بدعوى الجهاد، وأن تكون الدعوة إليه هي من اختصاص إمارة المؤمنين. ولا يمكن أن تصدر عن أي فرد أو جماعة".
وأمام هذا الوضع، يرى الملك محمد السادس أن الجميع من مسلمين ومسيحيين ويهود، مدعوون لـ "الوقوف في صف واحد من أجل مواجهة كل أشكال التطرف والكراهية والانغلاق"، لافتا إلى أن "الحضارة الإنسانية حافلة بالنماذج الناجحة التي تؤكد بأن التفاعل والتعايش بين الديانات يعطي مجتمعات حضارية منفتحة تسودها المحبة والوئام والرخاء والازدهار".