-- رأي بقلم الصحفي حمزة عتبي، ولا يعبّر عن وجهة نظر CNN بالعربية.
-- انفرط عقد الصحافة الجزائرية لتسقط منه حبة ألماس ثمينة، ليلة السبت 20 أغسطس، مرصعة تراب مدينته سيدي بلعباس في اليوم الموالي، وكما الأبطال، اختار مجاهد الحرف الصادق أن يرحل إلى بارئه في الذكرى المزدوجة في يوم المجاهد، وخضبت أرض مثواه الأخير بجثمانه في انتظار سحب الزمن ممطرة لتنبت مكانها يوم ما أقلام يشع بريقها بمثل بذرتها الأولى.
هو الصحفي القاضي بومضول الذي جاهد بقلمه الذي يتدفق أحرفا من نار في سبيل القضايا العادلة ودفاعا عن كرامة المواطن الجزائري وشرفه، ولم يسجل له التاريخ مرة انه اختبأ وراء قلمه في وقت الجد، إلا أن ورقة العمر يبّسها المرض في صمت وسقطت قبل أن يحل فصل الخريف، تاركا أبناءه الثلاثة أصغرهم لم يتجاوز سنه السبعة أشهر.
ولد فقيد الصحافة الجزائرية في 24 افريل من سنة 1974 بولاية سيدي بلعباس، بدأ تعليمه في مسقط رأسه إلى أن تحصل على شهادة البكالوريا سنة 1992 وانتقل بعدها إلى الجزائر العاصمة ليباشر دراسة العلوم السياسية في جامعة بن عكنون، وفي 1996 دخل الفقيد غمار الصحافة كمراسل لعدة صحف من ولايته الأصلية كجريدة الخبر والرأي والفجر والأحداث والجزائر نيوز.
وفي سنة 2007 التحق بومضول بجريدة الجزائر نيوز بالعاصمة، بطلب من مالكها حميدة العياشي ليعمل فيها كصحفي ثم رئيس قسم ثم رئيس تحريرها لعدة سنوات قبل أن يغادرها في سنة 2011 إلى جريدة الوسط التي لم يستقر فيها ليُغير وجهته بعدها إلى جريدة الجزائر التي وقف على تأسيسها مع صديقه الصحفي هابت حناشي.
وبعد المشاكل التي عصفت بجريدة الجزائر بين شركاء المؤسسة، غادر بومضول بمعية زميليه هابت حناشي وهشام موفق إلى قناة النهار مع بداية سنة 2012 ، إلا أن بقاءهم لم يدم إلا أشهر، ليستقر به المطاف في النصف الثاني من سنة 2012 بمؤسسة الشروق كرئيس تحرير إلى غاية وفاته مخلفا وراءه رصيدا مهنيا حافلا وجيلا من الصحافيين تخرجوا من مدرسته.
وترك رحيله إلى الدار الباقية جرحا في قلوب الأسرة الإعلامية، تعاطى معه زملاء المهنة بكثير من الحسرة والألم وهو ما ظهر جليا في تدويناتهم التي جاءت على شكل اعترافات وشهادات تؤرخ لمسيرة مجاهد الحرف والكلمة، مباشرة بعد إعلان خبر وفاته، وحرص بومضول طيلة فترة عمله أن يكون بعيدا عن الشهرة رغم أن أضواءها كانت تنبعث من بين يديه.
ويُشهد للفقيد باعتراف كل من عاصروه واشتغلوا معه عن قرب، تفانيه في العمل وإتقانه ولو كان ذلك على حساب جهده ووقته وهو الذي سخر نصف عمره في خدمة وطنه من خلال الإعلام، هذا الأخير الذي لم يكن يوما ما وفيا ولا كريما مع أبناءه، فرغم أن الفقيد بومضول قد أعطاه شبابه وطاقته، غير انه لم يجن منه سوى المرض والموت.