تونس (CNN)-- يستعد البرلمان التونسي الجمعة القادمة لعقد جلسة منح الثقة على الحكومة الجديدة التي أعلن عن تشكيلتها نهاية الأسبوع الماضي، في وقت مازالت تواجه فيه موجة من الضغوط السياسية والانقسامات حول تركيبتها وتواجه مطالب لتعديلها.
وعقب إعلان تركيبة الحكومة تباينت ردود الفعل من طرف الدوائر السياسية والشعبية في تونس حول الأسس والشروط التي تم على أساسها اختيار الأسماء حيث شكك البعض في نزاهتها وفي كفاءتها وفي تمثيليتها لكل الأطراف وكذلك في قدرتها على النجاح في حلحلة الأزمة التي تمر بها البلاد على جميع الأصعدة وطالب البعض بتعديل بعض الأسماء.
النائب في البرلمان عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية اعتبر أن هذه الحكومة هي "إعادة إنتاج لحكومات سابقة وهي حكومة محاصصة حزبية يطغى عليها الجانب العائلي والجهوي بعيدة كل البعد عن حكومة الوحدة الوطنية ستكرس لسياسة الارتهان والتبعية للدوائر الاجنبية".
وبخصوص آفاق نجاحها أضاف عمروسية في تصريح لـCNN بالعربية أنها ستساهم في "تعميق الأزمة التي تعيشها البلاد"، موضحا أن التعويل هذه المرة على المرأة والشباب هو "خيار غير مدروس يدخل ضمن باب الديماغوجيا ولا يمكن أن يأتي بنتائج إيجابية".
من جهته قال عدنان منصر القيادي في حراك تونس الإرادة، حزب الرئيس السابق المنصف المرزوقي، إنه بعد دراسة تركيبة الحكومة "ليس هناك ما يبشر بالخير"، معتبرا أنه "تم اختيار الأسماء بصفة رعوانية واعتباطية حيث لا أحد من الوزراء مكلف بوزارة من اختصاصه، وهو ما سيجعل البلاد تخسر أشهر أخرى إلى حين تعرّف الوزراء على مشاغل ومشاكل وزاراتهم".
ووصف منصر في حديث لـCNN بالعربية الحكومة الجديدة بـ"المهزلة الحقيقية لأنها محكومة بمبدأ المحاصصة الحزبية القطاعية ولا تتوفر على أدنى شروط حكومة الوحدة الوطنية حيث لم تتم استشارة فيها كل الأحزاب السياسية إضافة إلى ارتباط بعض أسمائها بالفساد متوقعا عجزها على حل مشاكل تونس".
وكان يوسف الشاهد قد دافع عن تركيبة حكومته الجديدة قائلا إنها "ضمت كفاءات حزبية، وشخصيات وطنية مستقلة"، ودعا جميع المكونات السياسية والاجتماعية لدعم حكومته في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، مضيفا أن تونس تعيش مرحلة صعبة وأن التونسيين ينتظروننا ويجب عدم تخييب آمالهم.
غير أن خالد عبيد أستاذ التاريخ السياسي المعاصر اعتبر أن ما يلاحظ منذ الوهلة الأولى في تركيبة حكومة الشاهد أنها "ترضيات حزبية ولا يمكن اعتبارها حكومة وحدة وطنية إضافة إلى أنها خضعت لتغليب الترضيات السياسية على حساب الكفاءة باستثناء بعض الأسماء"، مشيرا إلى أن ذلك يدل على أن "الطبقة السياسية الحالية لم تستوعب بعد مدى استثنائية الظرف السياسي الذي تمر به البلاد".
وشكك عبيد في تصريح لـCNN بالعربية في تمّكن حكومة يوسف الشاهد وقدرتها على النجاح في تحقيق المهام التي أوكلت لها بالنظر إلى أن الظرفية التي تمر بها البلاد معقدة جدا واصفا إياها بـ"الحكومة المتعسرّة" داعيا إلى ضرورة إعطائها فرصة العمل قبل تقييمها بشكل صحيح وبحجج ثابتة.
وكان يوسف الشاهد أكد إن من أبرز الأوليات التي ستشتغل عليها حكومته هي "كسب المعركة ضد الإرهاب وإعلان الحرب على الفساد والفاسدين، إضافة إلى الرفع في نسق النمو لخلق الشغل والتحكم في التوازنات المالية العامة للدولة، إلى جانب مسألة النظافة والبيئة".
لكن حزب آفاق تونس الذي تحصل على حقيبتين وزاريتن تساءل رئيسه ياسين بن ابراهيم، عن قدرة هذه الحكومة على مواجهة الفساد في الوقت الذي تضم فيها أسماء ارتبطت بها شبهات فساد، حيث طالب بتغيير كل من الوزير عبيد البريكي الذي أسندت له وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومقاومة الفساد وكذلك مهدي بن غربية الذي تحصل على وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية.
ويتعين على الحكومة الجديدة وفق الدستور التونسي الحصول على موافقة الأغلبية المطلقة، أي 109 أصوات من بين 217 نائبا في البرلمان.
وضمّت الحكومة الجديدة التي أعلن عن تركيبتها رئيس الوزراء المكلف يوسف الشاهد البالغ من العمر 41 سنة، 26 وزيرا و14 كاتب دولة، أعطت فيها مساحة كبيرة للشباب بـ 14 حقيبة وزارية منهم 5 وزراء دون 35 سنة وكذلك للمرأة بـ 8 كفاءات نسائية، وأبقي فيها على نفس وزراء السيادة في حكومة الصيد مثل الداخلية والدفاع والخارجية.
وبخصوص التقسيم الحزبي للحقائب الوزارية حظي حزب نداء تونس الكتلة الأكبر في البرلمان بـ 4 حقائب وزارية، وهي النقل، والسياحة، والخارجية، والتربية، إضافة إلى 3 كتاب دولة، فيما كان نصيب حركة النهضة 3 حقائب وزارية وهي الصناعة والتجارة، والتكوين والتشغيل، وتكنولوجيا الاتصال و3 كتاب دولة، أما حزب آفاق تونس فكان نصيبه وازرتان وهما الصحة، والتنمية المحلية والبيئة، وكاتبا دولة.
وفي سابقة من نوعها ضمت الحكومة قياديين سابقين في الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة النقابية الأولى في تونس، فيما تم تسجيل غياب عضو الائتلاف الرباعي الذي قاد حكومة الحبيب الصيد السابقة، حزب الاتحاد الوطني الحر.
يذكر أن حكومة الشاهد هي الثانية في عهد الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي والخامسة منذ تولي الرئيس السابق المنصف المرزوقي رئاسة تونس خلفا للرئيس زين العابدين بن علي.