ليبيا (CNN)-- منذ مصادقة البرلمان على عدم منح الثقة لحكومة الوفاق التي بدأت أعمالها في طرابلس، تبدو ليبيا الآن أمام مفترق طرق جديد، فهذا القرار سيعيد خلط الأوراق من جديد في بلد مازال يعيش انقسامات ويواجه مشكلات في الاستقرار السياسي وعملية انتقال السلطة وبناء المؤسسات.
لا يزال انتقال ليبيا نحو مرحلة سياسية جديدة يواجه تحديات مختلفة، حيث يظل الجدل حول شرعية الحكومتين الموجودتين حاليا في ليبيا قائما مع تمسك البرلمان الذي يتخذ من طبرق مقرا له بعدم منح الثقة لحكومة الوفاق التي يقودها فايز السراج رغم استلامها لمهامها منذ مدة بعيدة مستفيدة من الدعم الدولي التي تحظى به، وهو ما من شأنه أن يضع جهود تحقيق الاستقرار أمام تحّد جديد.
ويطالب أعضاء البرلمان المجلس الرئاسي الليبي بإعادة تشكيل الحكومة حتى تكون حكومة توافقية حقيقية مصغرة تضم من 8 إلى 12 وزيرا في مدة أقصاها من 10 أيام إلى 15 يوما وفقا لما ينص عليه الاتفاق السياسي.
ويخشى المحللون من أن يؤدي هذا الانسداد السياسي إلى مزيد من التناحر والإنقسام والانشغال عن الوضع الأمني في وقت لا يحتمل فيه المشهد الليبي مزيدا من إهدار الوقت مع تواصل التدهور الاقتصادي واستمرار التحديات الأمنية وتردي الظروف المعيشية لليبيين.
المحلل السياسي الليبي أسامة كعبار أكد أن حالة الجمود والانغلاق فى المشهد السياسى الليبى ستزيد من تأزم الوضع الإقتصادى داخل البلاد، مشيرا إلى أن المعرقل للأمور في ليبيا ليس البرلمان بقدر ماهي شخصيات نافذة فى البرلمان إختزلت القرار لصالحها بأساليب بلطجة و خداع .
وبخصوص مصير حكومة السراج التي تم إسقاطها من طرف البرلمان رأى كعبار في تصريح لـCNN بالعربية، إن إعتماد البرلمان لحكومة السراج هو إجراء شكلي في الحقيقة، مضيفا أن حكومة السراج ستستمر في ممارسة مهامها لأنها الحكومة الوحيدة التي تحظى بالشرعية الدولية و بقرارات داعمة لها من قبل مجلس الأمن.
وقال في هذا السياق:" في تقديري الأمور تسير لصالح حكومة السراج، و ستتغير عندما ينتهي الثوار من تحرير سرت و ستنقلب الموازين، و هو مرهون بتفاعل الثوار بشكل إيجابي مع حكومة السراج و المنظومة الدولية".
من جهته انتقد علي الحاسي المتحدث باسم حرس المنشآت النفطية تعنت البرلمان في إسقاط حكومة الوفاق، معتبرا أنه بات واقعًا تحت سيطرة مجموعة هدفها عرقلة الاتفاق السياسي، والضغط في اتجاه الحصول على عدد من الوزارات في أي حكومة تشكل.
وقال الحاسي لـCNN بالعربية إن هذه العرقلة لعمل الحكومة من شأنها أن تزيد من حالة التشضي والتشرذم التي تمر بها البلاد والدخول في حرب أهلية واللعب بمصير الوطن بسبب شخصيات تحاول حكم ليبيا بأية طريقة.
وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق تعهد اليوم الإربعاء في بيان له بالموافقة على طلب البرلمان وعرض تشكيلة وزارية جديدة بعد إجراء مشاورات واسعة مع كافة الفعاليات السياسية والمدنية بهدف توسيع قاعدة التوافق، لكن إمكانية فشل تمريرها سيؤدي إلى سيناريوهات خطيرة قد تنتج إلى عودة الأمور إلى نقطة الصفر.
في هذا السياق يقول صالح إفحيمة النائب في البرلمان لـCNN بالعربية، إن قبول المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق لمقترح البرلمان يجعله في حكم المنتهي قانونا وفقا للمادة الثالثة من الاتفاق السياسي التي تنص على أن منح الثقة يتم بالاجراءات المقرره قانونا، موضحا أن هذه الإجراءات تقضي بسقوط المكلف بتشكيل الحكومة إذا ما فشل في تمرير حكومته مرتين متتاليتين أمام البرلمان وذلك حسب المادة 180 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المعتمدة بالقانون رقم 4 لسنة 2016 .