الرباط (CNN)—ككل عام بمناسبة عيد الأضحى، يتجدّد النقاش حول إمكانية تخدير الأضاحي قبل ذبحها ومدى ملاءمة ذلك للتشريعات الدينية، خاصة مع استمرار الكثير من دول أوربا والعالم في سن قوانين ترفض القيام بعمليات ذبح للأضاحي دون تخديرها، لما لذلك من "رحمة للحيوانات وتجنيبها الإحساس بألم الذبح ومفارقة الحياة".
ولا تزال الكثير من الدول الإسلامية ترفض سن أيّ قانون في هذا الاتجاه، إذ يمكن للمواطنين ذبح أضاحيهم في منازلهم، سواء بالاستعانة بجزار أم لا، فيما خفّ النقاش في أوروبا حول أسباب فرض التخدير على الأضاحي، ولم تحصل احتجاجات كبيرة على هذا القرار كما وقع العام الماضي ببلجيكا عندما دعت جمعيات إسلامية إلى مقاطعة العيد رفضا للتخدير الذي يتم غالبًا بالصعق الكهربائي.
ويرى رشيد لبيض، كاتب مغربي، أنه لا "يمكن لمن يتوّفر على حسّ إنساني سليم ألا يرى في طريقة الذبح المتبعة حاليًا إلحاق أذى بالغ بكائن يشاركنا الحياة على هذا الكوكب"، معتبرًا أن عامة المسلمين "يناقضون وصية نبيهم، بما أن الحديث النبوي تضمن الرحمة بالأضحية"، وأن تخدير الأضحة "لا يتنافى مع منطق الشريعة الإسلامية".
ويقول لبيض في مقال له تحت عنوان " تَخْدِيرُ الأُضْحِيَةِ قَبْلَ ذَبْحِهَا... وَاجِبٌ شَرْعِيٌ وَإِنْسَاِنيٌ"، شاركه مع CNN بالعربية، أن الإنسان يستفيد من تقنية التخدير التي تسبق أي عملية علاجية حتى يتجنب الألم، وبالتالي فـ"بأي منطق يستفيد المسلم من تقنية التخدير عند خياطة جرح ألمّ به تجنبا للألم و يسمح لنفسه بالمقابل أن يذبح كائنا حيّا بدون تخدير متسببا له في أذى رهيب؟".
غير أن الفقيه المغربي، محمد الفزازي، يرى أنه لا وجود لأي داعٍ شرعي لتخدير الأضحية قبل ذبحها، متحدثًا لـCNN بالعربية عن أن الحديث النبوي "واضح باعتماد الذبح، ولا يمكن أن يكون الذبح الإسلامي غير رحيم بالحيوان"، مستدلًا على كلامه بما اعتبرها أبحاثًا علمية أثبتت أن الذبح الإسلامي يرفق بالأضاحي.
وأضاف الفيزازي: "ثم ما هو الضمان بعدم تسبّب التخدير بالأذى للأضاحي؟ فاحتمال وقوع الأذى بواحد في المئة يمنع استخدام التخدير، وهو ما يدخل في باب الفقه بسد الذرائع"، متابعًا:" في كل الأمم هناك ذبح للمواشي، والله سخر الأضاحي للإنسان وأمره بنحرها. أما فتح الباب أمام التفلسف، فيمكن أن يكون ذلك في أمور أخرى وليس فيما هو واضح".
وكانت دار الإفتاء المصرية قد أجازت استخدام التخدير قبل ذبح الأضاحي إذا اقتصرت آثاره على إضعاف مقاومتها وتخفيف ألمها، أما إن جرى استخدام طريقة ما للسيطرة على الحيوان قبل ذبحه، بشكل يترتب عنه خروجه الحيوان من الحياة المستقرة إلى الموت أو إلى حركة مذبوح لا يتحرك بالإرادة، فذلك يتعارض مع شروط الذبح على الطريقة الإسلامية، تقول الفتوى المنشورة على موقع دار الإفتاء.