الرباط (CNN)— تعرّض آخر بيان من الديوان التونسي للإفتاء إلى انتقادات واسعة من منظمات نقابية وحقوقية ومستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما دعا المفتي العام، عثمان بطيخ، إلى تعليق الاحتجاجات والتركيز على العمل، وقد دفعت الانتقادات مكتب ديوان الإفتاء إلى توضيح ما جاء في حديث بطيخ.
أول الانتقادات أتت من الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر مركزية نقابية في البلاد، إذ استغرب الأمين العام المساعد، بوعلي المباركي، ما جاء على لسان بطيخ، مطالبًا إيّاه بالنأي عن الحركات الاحتجاجية والاعتصامات، وعدم الزج بالديوان في تحليل أو تحريم ما يخصّ الاحتجاج الذي يكفله الدستور.
وقال المباركي لوكالة الأنباء المحلية إن تدخل بطيخ في شؤون العمال من شأنه الإساءة إلى ديوان الإفتاء وتحييده عن مهامه الرئيسية، متحدثًا عن أن الديوان قد يكون مدفوعًا للتدخل في المسائل الاجتماعية من قبل أطراف سياسية معينة.
كما استنكر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كلام عثمان بطيخ، معتبرًا في بيان له أن مؤسسة الإفتاء تدخل في مجال يتجاوز اختصاصاتها، محذرًا من خطورة توظيف السلطة الدينية لمفتي الجمهورية في مجال التحركات الاجتماعية، ومن تبرير المفتي لسياسة رسمية تهدف إلى تجريم مثل هذه التحركات.
غير أن ديوان الإفتاء عاد إلى التوضيح بأن ما جاء في بيان عثمان بطيخ ليس فتوى تحلّل أو تحرم، بل يتعلّق الأمر برأي أبداه المفتي في تفاعل معه مع الأحداث والأوضاع العامة بالبلاد من باب الشعور بالمسؤولية الوطنية، وأن المفتي نشر النصيحة بمبادرة شخصية منه.
وأوضح مسؤول من الديوان للوكالة ذاتها أن بيان المفتي لم يكن استجابة لطلب صادر من أيّ طرف، بل هو رأي يبتغي تقديم الإفادة للجميع ولا يحمل صلاحيات النهي أو الأمر، معتبرًا أن ما جاء من تأويل لبيان المفتي لا علاقة له بالمضمون الذي حمله.
وكان ديوان الإفتاء التونسي قد طالب أمس الاثنين من المواطنين أن يصرفوا "جهودهم كاملة إلى الإقبال على العمل وعلى الدراسة وأن يجتهدوا في تحسين مردودهم وتطوير مجهودهم"، وذلك عبر "ترك الاحتجاجات العشوائية والاعتصامات المعطلة للعمل والإنتاج وسد الطرق والإضرار بالملك العام".
وقال بيان عن الديوان، أصدره الاثنين المفتي العام للجمهورية، عثمان بطيخ، إن تونس تشهد صعوبات جمة، خاصة في المجال الاقتصادي، مع ما يؤثره ذلك على الوضع الاجتماعي العام، لافتًا إلى أن الظروف الحالية تحتم تكاثف الجهود بين الجميع وفي كل المناطق والجهات، والواجب المقدس في حماية الأطفال يفرض التوقف عن هذه الاحتجاجات.