إسماعيل عزام، الرباط (CNN)— انتشرت أخبار في المغرب عن انتحار طفل بسبب عدم توفره على محفظة وأدوات مدرسية، وخلّفت الأخبار استياءً واضحًا في الشبكات الاجتماعية في فترة الدخول المدرسي، غير أن المعلومات القادمة من جماعة واد إفران إقليم إفران، حيث توفي الطفل، تحمل نوعًا من التضارب.
القصة بدأت تغزو مواقع التواصل الاجتماعي يوم الاثنين 26 سبتمبر، بعد دفن الطفل أحمد الذي توفي عن سن 10 سنوات. انتشر بشكل واسع أن الطفل كان يعيش الفقر والحرمان ولم يجد غير توديع الحياة بعدما عجزت أسرته عن توفير ثمن كتبه المدرسية. الخبر نقلته كذلك منظمة "ما تقيش ولدي" التي حملت الحكومة مسؤولية ما وقع، غير أن المنظمة قالت إنها نقلت الخبر من وسائل إعلام ولم تتأكد منه.
انفصل والده عن والدته منذ ثماني سنوات دون أن يصل ذلك لطلاق رسمي، أحمد هو أصغر أشقائه، كان يدرس في الخامس ابتدائي، بينما يدرس شقيقه الأكبر يدرس في السنة الأولى بالتعليم الثانوي، وشقيقته بالسنة الثانية إعدادي، ولديه شقيقة من والده تدرس في الجامعة. انتحر يوم الأحد في الظهيرة، مستغلا انشغال والدته في السوق الأسبوعي.
محمد، والد الطفل، نفى في اتصال مع CNN بالعربية أن يكون خبر انتحار طفله يعود إلى العجز المادي: "يمكنكم زيارة المنزل وسترون التجهيزات التي يتوفر عليها.. هناك من يريد تصفية حساباته السياسية ويستخدم هذه الأسرة. أوّفر لأولادي كل ما يحتاجونه في دراستهم، ورغم انفصالي عن أم أحمد منذ 8 سنوات، وعيشي في الرباط مع زوجة أخرى، إلّا أن ذلك لم يجعلني أنقطع عن أبنائي في واد إفران".
يقول والده : "حتى ولو كان طفلي فقيرا، وهو أمر غير صحيح في كل الأحوال، ففي المغرب هناك برامج لتوزيع الكتب والدفاتر وهناك برامج لمساعدة التلاميذ. للأسف هناك من يقدم معلومات مغلوطة لا تضرب فقط سمعة الأسةر بل كذلك سمعة المغرب"، نافيًا أن يكون ابنه يعاني من مشاكل نفسية: "لو كان ذلك صحيحًا، فهل كان سيحوز شواهد تقديرية على نباهته في الفصول الدراسية؟".
وقد تداولت مواقع إخبارية خبر وجود رسالة بخط يد الطفل الراحل وجدها أخوه، يطلب فيها من الأم السماح، كما لم تخرج والدته بأي تصريح في الموضوع، إذ أخبرنا والده أنها في حالة نفسية صعبة لا تسمح لها بالحديث، في حين نقل مستشار جماعي من المنطقة لـCNN بالعربية أن قصة المحفظة صحيحة، غير أن المعطيات التي قدمها لنا لم تكن مترابطة.
وقال شقيق الطفل إن الراحل ترك رسالة وحيدة بعد انتحاره هي "أحبك أمي وأخي وأختي"، متحدثًا لـCNN بالعربية عن أن انتحار أحمد كان مفاجأة بعدما قرّر العودة لوحده إلى البيت يوم الأحد، رغم أنه كان في طريقه مع الأسرة لشراء ما يحتاج من لوازم مدرسية.
ونفى إسماعيل أن يكون الفقر سببًا لانتحار شقيقه، متحدثًا عن أن أوضاع الأسرة مستقرة ماديًا، وعن أن شقيقه لم يبدِ ما يدّل على حزن أو مشاكل نفسية قبل الانتحار، معربًا عن استغرابه من ربط وفاة الراحل بالمحفظة.. مردفًا: "سر انتحاره أخذه معه ولا نعلم عنه شيئًا".
مصدر من جمعية آباء وأولياء التلاميذ بالجماعة، وهو كذلك مقرّب من الأسرة، نفى أن تكون وفاة الطفل ناجمة عن عجز أسرته توفير الأدوات والكتب له: "أعرف الطفل جيدا، من المرجح أن يكون انتحاره ناجم عن أسباب نفسية بسبب توتر علاقة والديه، فالأب يعيش مع زوجة أخرى في الرباط، ولا علاقة لوفاته بالعجز المادي، فوالده كان يوفّر له كل شيء".
المصدر ذاته الذي طالب بعدم الكشف عن اسمه قدم معلومات أخرى عن الطفل أحمد: "كان يدرس في مدرسة تابعة لمؤسسة مجموعة بنكية، هي "مدرسة. كم"، الدولة هي من تسيرّها الآن. توفر هذه المدرسة تحفيزات كثيرة للتلاميذ الذين يستفيدون من برامج الدولة كبرنامج مليون محفظة".
ويتابع المصدر ذاته: "كنت أول من اتصل بالسلطات الأمنية لتحضر لأجل معاينة انتحار الراحل، فقد شنق أحمد نفسه بكابل مطبعة الحاسوب، ولا يمكن لأسرة وفرت لطفلها حاسوبا ألّا توّفر له الكتب".