ليبيا (CNN)-- سيطرة جيش الجنرال خليفة حفتر على منطقة الهلال النفطي دفعت المجتمع الدولي إلى مراجعة مواقفه تجاه الأزمة الليبية لأجل إعطاء دور أكبر لحفتر في مستقبل العملية السياسية في ليبيا وإشراكه في عملية بناء البلاد وذلك كمحاولة جديدة لتحقيق وفاق ومصالحة بين الفرقاء في الشرق والغرب.
وتحمست الدول الغربية في الفترة الأخيرة باتجاه إشراك القائد حفتر في المرحلة المقبلة لليبيا وعدم استبعاده هذه المرة من المفاوضات، كما طالبت بضرورة تمكينه بدور مهم يضطلع به في الحكومة القادمة.
ويأتي تغير مواقف بعض الدول عقب الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش الذي يقوده حفتر والقيمة الاستراتيجية التي اكتسبها عقب سيطرته على منطقة الهلال النفطي أين يتم استخراج وتصدير الجزء الأكبر من النفط الليبي، إضافة الى الوزن الداخلي الذي أصبح يتمتع به هذا الجنرال العسكري المدعوم من عديد القبائل وجزء من الشعب الليبي.
وفي هذا السياق دعت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان مارك إيرولت في اجتماع باريس الأخير بشأن ليبيا رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، إلى "إيجاد مكان مناسب للمشير خليفة حفتر، في الحكومة المقبلة باعتباره يمثل قوة عسكرية في الواقع، وجمع الأطراف الليبية كافة في التشكيلة الحكومية المقبلة من أجل تطوير البلاد ومكافحة الارهاب".
وموقف فرنسا ليس معزولا فالعديد من الدول تشاركها فيه على غرار إيطاليا التي طالبت على لسان وزير الخارجية جانتيلوني بضرورة انخراط حفتر في دور مناسب لإدارة أمن الدولة إضافة إلى ألمانيا كذالك والولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة التي نادت بضرورة إشراك حفتر في إعادة بناء المنظومة الأمنية في ليبيا تحت مظلة المجلس الرئاسي.
وعقب هذه الدعوة والاعتراف الدولي بأهمية دوره في ليبيا، يتجه القائد خليفة حفتر إلى الدخول في مفاوضات في المرحلة المقبلة حول مشاركته في الحكومة المقبلة حسب ما صرح به وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة محمد الدايري الذي أكد أن حفتر أحال إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مهمة التفاوض مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بخصوص مشاركته في الحكومة المقبلة.
وأشار الدايري في تصريح صحفي على "وجود اتفاق على أن يلعب قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، دوراً في حكومة وفاق ليبية موسعة تنال الثقة من البرلمان" مضيفا أن الدول الغربية باتت تدرك " أن الليبيين يريدون أن يكون للمؤسسة العسكرية الليبية التي يقودها المشير حفتر، موقع متميز في ليبيا الجديدة وفي المرحلة الانتقالية المقبلة، خصوصاً وأن هناك تحديات خطيرة تخص الإرهاب وتنظيم داعش".
ويرى بعض المراقبين أن حفتر لن يرضى المشاركة في أي حكومة وفاق وطني مقبلة أو أي عملية سياسية قبل الاستجابة لشروطه خاصة المتعلقة بإبعاد الميليشيات والمتمثلة في الجماعات الإسلامية والتي يرى بأنها دعمّت عمل المجموعات الإرهابية وساهمت في انتشار الارهاب في ليبيا.
وفي هذا السياق يقول الكاتب الصحفي حمد ابراهيم المالكي "إن دعوة بعض الدول للقائد العام خليفة حفتر في أن يكون له دور في المرحلة القادمة لا تعد الأولى وهي تنازلات تعودت الدول الغربية تقديمها كلما تقدم الجيش نحو السيطرة التامة على ليبيا"، مشيرا إلى "أن الجيش أو القائد حفتر لن يرضى بمثل هذه الإغراءات سواء الداخلية أو الخارجية".
وتساءل في حديث مع CNN بالعربية: "كيف لهذا الجيش وقيادته المتمثلة في شخص القائد العام خليفة حفتر أن يرضى بمثل هذه الإغراءات وهو الآن يمتلك القوة والرجال والشرعية. لقد قال حفتر في لقاءاته الصحفية بمنتهى الصراحة إن الإخوان المسلمين نبتة خبيثة يجب اقتلاعها من أرض الوطن، فكيف سيرضى بمجلس رئاسي يضم الاسلاميين؟ "
وبخصوص إذا كان تمسك حفتر بشروطه وعدم رضوخ الشق المناهض له علامة من علامات اتجاه البلاد إلى مزيد من الانقسام، أضاف المالكي "أن كل المعطيات تشير أن الحل سيكون عسكريا، موضحا أن كل مدينة ليبية تقع تحت سلطة المليشيات خاصة طرابلس ستكون تحت أنظار قوات الجيش الوطني".
من جانبها ترفض حكومة الوفاق الوطني التخلي عن القوات العسكرية التي تدعمها والتي تتكون أساسا من قوات تنتمي إلى التيار الاسلامي والتي تتوّلى في الوقت الحالي مسؤولية حماية وتأمين المقرات الحكومية في طرابلس ومحاربة داعش في سرت .
وإلى جانب حل المليشيات واستبعاد الإسلاميين من المشهد، رفض حفتر سابقا الانخراط في أي حكومة قبل تعديل الاتفاق السياسي الأممي، خاصة المادة الثامنة والتي تنص على "نقل كل صلاحيات المناصب الأمنية والعسكرية إلى سلطة مجلس رئاسة وزراء حكومة الوفاق بما فيها منصب القائد العام للجيش" وهو ما ترفضه حكومة الوفاق.
في المقابل لا تمانع هذه الحكومة ورئيسها فايز السراج، ضمّ حفتر إلى التشكيلة القادمة، شرط أن تبقى قيادة الجيش تحت السلطة السياسية، لأنه لا توجد في أي دولة حديثة سلطة عسكرية لا تمتثل للسلطة السياسية حسب وزير الخارجية المفوض بحكومة الوفاق الوطني محمد سيالة الذي أضاف أن الحكومة ليست في خلاف مع حفتر الذي عين بأداة تشريعية صحيحة من قبل مجلس النواب المنتخب من الشعب.
من جهته انتقد النائب في البرلمان صالح فحيمة دعوة بعض الدول الغربية تمكين القائد حفتر من دور أكبر في الفترة القادمة، مشيرا إلى أن هذا الاقتراح ليس مقدمة لحل الأزمة الليبية، لأن القائد حفتر ليس رجل ميليشياوي حتى يتم التعامل معه على أنه جزء من المشكلة وليس رجل يملك قوة خارجة عن القانون ويجب تحييدها من خلال إشراكه في السلطة.
وأضاف لـCNN بالعربية قائلا: "يجب على كل من يريد فعلا حل الأزمة الليبية أن يساعد الليبيين في الوصول الى وفاق حقيقي لا أن يقوي طرف على طرف أو أن يؤجل الصراع بين الأطراف بأن يعيّن شخصيات من كلا الطرفين تضمن تحييد قواهم".