الرباط (CNN)—يترّقب المغاربة ما ستسفر عنه المشاورات التي يعقدها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المتصدّر للانتخابات التشريعية، مع الأمناء العامين للأحزاب الكبرى والمتوسطة حول تشكيل الحكومة المقبلة، خاصة وأن هذه المشاورات ستساهم بشكل واسع في تحديد الوزارات القادمة التي ستدبّر الشأن العام بالمغرب، إذ شهدت حكومات المغرب على الدوام اختلافات واضحة في تحديد الوزارات بين الإبقاء على بعضها أو حذف البعض الآخر أو إضافة أخرى جديدة.
وتتكوّن حكومة بنكيران الأولى التي لم يبق لها سوى بضعة أيام قبل أن يتم استبدالها بأخرى جديدة من 39 وزيرًا ووزيرة، بينهم عدد من الوزراء المنتدبين. ويعدّ هذا الرقم مرتفعًا مقارنة مع النسخة الأولى من حكومة بنكيران ، وكذا مع حكومة عباس الفاسي التي تكوّنت عام 2007. ويشهد المغرب في كل فترة تشكيل حكومة نقاشًا حول صلاحيات وزارات يظهر أن دورها غير مهم في الخارطة التدبيرية للمملكة، خاصة مع ازدياد المطالب بتخفيض نفقات الدولة.
هل تتم التضحية بالوزراء المنتدبين؟ يتفق كل من عبد الرحيم العلام، وسعيد تمام، وأمين السعيد، وكلهم باحثين في العلوم السياسية بالمغرب، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن غالبية الوزارات المنتدبة (يصل عددها إلى 14) يمكن إدماجها مع الوزارات الأساسية التابعة لها، بحيث يبقى الاستثناء محصورًا في نماذج معنية كالوزارة المنتدبة المكلّفة بالدفاع التابعة للداخلية، نظرًا لأدوار هذه الوزارة ووجودها في أكثر من بلد. وتتعدد أسباب إدماج هذه الوزارات المنتدبة من إمكانية تنصيبها كمديريات وأقسام داخل الوزارات الأصل لما لذلك من اختزال في التدبير وتقليل من المصاريف، زيادة على ضعف المردودية لعدد منها، فمثلًا كان من النادر أن يسمع المغاربة نشاطا للوزارة المنتدبة المكلفة بالمقاولات الصغرى وإدماج القطاع غير المنظم. ويتحدث سعيد تمام عن أن التحالفات لتشكيل الحكومة تبنى بشكل واسع على الترضيات بين الأحزاب، ممّا يؤدي إلى "تفريخ وزارات لا تؤدي في النهاية سوى أدوار مديريات مركزية"، وهو تحدٍ على بنكيران مواجهته في الحكومة المقبلة حتى تبنى الحكومة على الكفاءات وليس تعددّ الوزارات، يقول تمام، مستدركًا بأن العدد الكبير للوزارات في المغرب لا يشكّل استثناء في حد ذاته مقارنة بدول الجوار، فتونس تتوّفر على 40 وزيرًا والجزائر على 31 وزيرًا. ويضع عبد الرحيم العلام سؤالا دستوريا بخصوص وجود الوزراء المنتدبين، فالدستور المغربي لا ينص على هذا المنصب ويقتصر في أعضاء الحكومة على رئيسها والوزراء وكتاب الدولة، متحدثًا عن أن هذا المنصب يثير إشكالات دستورية ولم يستطع بنكيران الدفاع عن إلغائه ما دام قد قبل وجود رفيق دربه الراحل، عبد الله بها، في منصب وزير دون حقيبة، مشيرًا إلى أن الغرض من وجود الوزراء المنتدبين في بعض القطاعات هو مراقبة عمل من يترأسون الوزارات الأساسية، خاصة عندما يتعلّق الأمر بوزراء منتدبين تكنوقراط. تجميع وزارات على شكل أقطاب أما في الوزارات القائمة الذات، فهناك الكثير من النماذج التي يشير الباحثون إلى إمكانية دمجها مع وزارت أخرى، ويبقى من أهمها وزارة الاتصال التي يثار على الدوام نقاش حول وجودها بالنظر إلى غيابها في الكثير من الدول الديمقراطية، وهناك وزارة الصناعة التقليدية التي يمكن دمجها مع وزارة الصناعة الأم. وتوجد كذلك وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني التي يمكن دمجها مع وزارة السكنى وسياسة المدينة، والوزارة المكلفة بمغاربة الخارج وشؤون الهجرة التي يمكن أن تندمج في إطار وزارة الخارجية خاصة مع وجود مجلس للجالية المغربية بالخارج، وهناك الوزارة المكلفة بالبرلمان والمجتمع المدني التي يمكن أن تندمج مع الأمانة العامة للحكومة. ويشير الباحثون الذين استقينا آراءهم إلى أن التوجهات الدولية الحديثة تروم تقليل عدد القطاعات الوزارية وتكريس أقطاب وزارية تجمع مجموعة من الوزارات بما يقلّل رقمها ويتيح للرأي العام متابعة أفضل للعمل الحكومي ويتيح نجاعة في التدبير وربطًا للمسؤولية بالمحاسبة وتقليصًا للمصاريف، ومن ذلك خلق قطب وزاري واحد يجمع الوزارتين المتعلقتين بالتربية والتكوين المهني والتعليم العالي، وما يمكن أن يساعد في هذه الأقطاب هو دراسة دقيقة وشاملة لأداء الوزارات وتقييم بقائها من عدمه في الخارطة الحكومية المقبلة.