الرباط (CNN)—بعدما تبادلوا الاتهامات أكثر من مرة، ووصلت حد أوصاف من قبيل و"الداعشي" و"عميل الموساد" والناطقون بالسفاهة، ظهر عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، المكلّف بتشكيل الحكومة، وعدد من أمناء أحزاب المعارضة في صور ودية وهم يتصافحون ويخطبون الود لبعضهم البعض لأجل إخراج الحكومة الجديدة إلى الوجود.
وفي تأكيد على مقولة تشرشل بأنه في السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم بل مصالح دائمة، رفع بنكيران يده مع يد حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال أول أمس الاثنين، في إشارة واضحة لدخول مرتقب لحزب الاستقلال إلى الحكومة، ثم ظهر أمس الثلاثاء بنكيران إلى جانب إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهما يتبادلان المدح والثناء والتقدير.
واكتمل اليوم الأربعاء فصول ترطيب الأجواء بين رئيس الحكومة والأمناء العامون لأحزاب المعارضة، باستقبال محمد ساجد، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، كما استقبل بنكيران الأمينين العامين لحزبي "التقدم والاشتراكية" و"الحركة الشعبية"، حليفيه في الحكومة التي شارفت أيامها على الانتهاء.
وخلقت صور بنكيران مع زعماء المعارضة ضجة واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وعاد عدد من المستخدمين إلى تصريحات سابقة للمعنيين، كانوا خلالها ينتقدون بعضهم بعضَا لدرجة التهجم واستخدام مفردات غريبة أو سيناريوهات مثيرة للجدل، ومن التصريحات التي تعود فقط إلى أيام خلت، ما صرّح به إدريس لشكر من أن استمرار الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية قد يتجه بالمغرب نحو السيناريو السوري، ودعاه إلى الاستقالة أكثر من مرة.
ويعدّ حميد شباط أكبر من تفننوا داخل المعارضة البرلمانية في جلد بنكيران وحزب العدالة والتنمية، فقد طلبه ذات مرة بالكشف عن علاقته مع "داعش" والاستخبارات الإسرائيلية، كما قال إن بنكيران نذير شؤم أينها حلّ إلا وتقع الكوارث، وأخرج مسيرة احتجاجية ضد بنكيران استخدمت فيها الحمير، كما ساند في حوار سابق مع شبكتنا إحراق صور بنكيران واعتبر ذلك فعلا احتجاجيا مقبولا.
ووقع حميد شباط وإدريس لشكر ومحمد ساجد، إلى جانب مصطفى الباكوري، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، رسالة وجهوها إلى ملك البلاد في أبريل/نيسان 2015، طالبوا من خلالها بالتحكيم الملكي بسبب "تصريحات بنكيران المنافية للدستور وإقحامه للمؤسسة الملكية في المنافسة السياسية وهجومه على المعارضة".
بدوره، سبق لبنكيران أن وصف كلام المعارضة بالـ"السفاهة" ممّا تسبّب في توقيف جلسة برلمانية، كما وصف حميد شباط بـ"هبيل فاس" (أحمق مدينة فاس)، كما قال عن إدريس لشكر بأنه طاغية الاتحاد الاشتراكي والرجل الذي دمر حزبه، غير أن غالبية هجومات بنكيران للمعارضة كانت تتجه نحو حزب الأصالة والمعاصرة.
وبالنظر إلى الخارطة الانتخابية، لا يمكن لحزب مغربي أن يفوز بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية، الأمر الذي يدفع بالفائز إلى الاستنجاد بأحزاب أخرى قصد تشكيل أغلبية داخل مجلس النواب تتيح تشكيل الحكومة، لذلك يسعى بنكيران إلى جمع ثلاثة أحزاب أخرى على الأٌقل لتحقيق هذا الهدف، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، صاحب المركز الثاني، أعلنا رفضهما التام لأيّ تقارب بينهما، إذ كان التحالف بين الاثنين يكفي عدديًا لتشكيل الأغلبية.