الرباط (CNN)-- اتهم سلفيون ونشطاء مستقلون كاتب عمود بجريدة ورقية في المغرب بـ"الإساءة" إلى رسول الإسلام، ودعوا إلى مسيرة مليونية لأجل الاحتجاج على ما جاء في كلام الكاتب، في وقت نفى فيه هذا الأخير أن يكون الغرض من مقاله الاستهزاء برمز الإسلام، بل الهدف هو "إظهار ما تعج به كتب الفقه كصحيح البخاري وصحيح مسلم من تناقضات".
ويتعلّق الأمر بعبد الكريم القمش الذي ينشر مقالات يومية وعمودًا صحفيًا بجريدة "آخر ساعة"، وجاء في المقال الذي خلق الضجة، وكان تحت عنوان "أنتم لا تعبدون الله.. أنتم تعبدون السياسة"، أن " للحاكم أن يفعل ما يشاء بالنهاية لأنه ولي الأمر الواجب طاعته، ولمن أراد أن يخرج في الرأي عن هذا، كان له أن يواجه أحاديث لا تعد ولا تحصى وأن يدخل في مواجهة مع السيرة المحمدية نفسها".
ففي تلك الفقرة، انطلق القمش من القول بأنه يتم "الحديث عن حقائق نبوة بطريقة تفيد من خلال سردها أن الرسول (ص) الذي كان نبيا ورسولًا وراعيا لانتشار دين من الله، كان كل همه هو النساء، ممّا يزيل عنه طبع القداسة ويجعل العامة يفهمون أن النبوة لا تعني الابتعاد عن "الشهوة' وأن الزعامة يحل معها ما لا يحل لغيرها"، مشيرًا إلى أن ما جاء بعض كتب الفقه "يشفع لمن يملك قوة أقل في فعل ما يشاء إذا ما دعته الهواية والغواية إلى ذلك".
وجاء هذا المقال في سلسلة مقالات تنتقد بعض الأحاديث المروية في كتب الفقه، بدأها القمش بتوطئة: "‘دعوني أكشف لكم إسلاما آخرا لا تعرفونه ولم نقرأ عنه في مادة التربية الإسلامية. إسلام ضد إسلام النبوة.. إسلام سياسي.. لفق الأحاديث وكتب تاريخًا آخرا لم يكتبه النبي وحاول أن ينقص من القرآن لكي يقوي من سلطة الحديث القابل للوضع والنشر بـ"العنعنة".. إسلام لا نعرف عنه شيئًا على الإطلاق".
وقال القمش في تصريحات لـCNNبالعربية: "أنا أدافع عن رسول الإسلام وأريد أن تُحذف الأحاديث التي تسيء إليه حتى تبقى صورته جميلة في أذهان المسلمين"، متابعًا بأنه لا يصدق ما جاء في هذه الأحاديث التي تحمل كلامًا خطيرًا واتهامات إلى الرسول، وأنه مستعد لأن يرمي كل حديث يسيء إلى القرآن وجوهر الإسلام في القمامة.
وقال القمش إنه تلّقى تهديدًا بالقتل عبر الهاتف، ممّا حذاه إلى وضع شكاية لدى الأمن، مشيرًا كذلك إلى أن نشطاء قاموا بالإبلاغ عن حسابه على فيسبوك حتى يتم حذفه، لافتًا إلى أنه لا يمانع أن تنظم ضده مسيرة مليونية من طرف السلفيين والمتعاطفين معهم، وأن هذه المسيرة لن تغيّر من قناعته بكونه لم يسئ إلى الرسول.
ورغم أن هذا المقال نُشر قبل مدة بموقع هسبريس، إلّا أنه لم يخلق أي ضجة، وعن هذا يتحدث لقمش بأن "الإسلاميين، وبعد فوزهم في الانتخابات، اعتقدوا أنهم أقوياء لمناهضة كل من يخالفهم"، متهمًا حزب العدالة والتنمية بالمساهمة في الحملة بما أن المقال لم يخلق الضجة إلّا بعد نشره في جريدة ساهم في تأسيسها زعيم حزب مناوئ للعدالة والتنمية.
وكان موقع هوية بريس، التابع لتيار سلفي، أوّل من استنكر هذا المقال، ونشر نبيل غزال، محرّر بالموقع، أن ما كتبه القمش يعني بأن "الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس مقدسا، ولا شخصية مثالية، لأنه مغرق في الشهوة ويوظف الدين للوصول لتحقيق نزوات بشرية وأطماع سياسية"، متحدثًا عن أن القمش معروف بـ"تطرفه وحقده الدفين على كل ما هو شرعي وإسلامي".
وتابع غزال أن القمش "جاهل بالنظرية الإسلامية في السياسة وعلاقة الحاكم بالرعية، ولم يخرج عما سطره من سبقوه من ملاحدة الغرب"، متحدثًا عن أن مقال القمش "ينقل المعركة من الحرب على أسلمة المغرب إلى الحرب السافرة على الإسلام والطعن في النبوة".
كما كتب مدير الموقع، إبراهيم الطالب: "نحن لا نؤمن بالعنف ولا استعمال القوة في هذه القضايا، لأنها تجر إلى الفوضى، وتصور العلمانيين أبطالا وضحايا انتهاكات حرية التعبير.. نحن لم نفعل شيئا سوى الدفاع عن ثوابتنا الدينية والوطنية، ومستعدين لخوض معارك فكرية وعلمية، أما أن يجرنا أمثال هؤلاء إلى القضاء فهو أهون من أن يحرك فينا شعرة واحدة"، وذلك على خلفية حديث يومية آخر ساعة عن توجهها إلى القضاء.
وخلّق المقال انتقادات واسعة من وجوه إسلامية معروفة كإمام مسجد الحسن الثاني، عمر القزابري، والشيخ السلفي حسن الكتاني، بينما دافع عنه علمانيون كأحمد عصيد، في وقت دعت فيه صفحات محسوبة على السلفيين إلى مسيرة مليونية احتجاجًا على المقال.