إسماعيل عزام، الرباط (CNN)— أجمعت الكثير من الهيئات السياسية والحقوقية في المغرب على استنكار مصرع تاجر السمك محسن فكري داخل آلية الشفط بشاحنة أزبال، وطالبت عبر بلاغات وبيانات لها بأن يفضي التحقيق إلى محاسبة المتوّرطين، كما دعّمت أكثر من هيئة الاحتجاجات التي خرجت أمس الأحد، في وقت دعا فيه حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، إلى الامتناع عن أي احتجاج.
جهة طنجة تطوان الحسيمة، التي يترأسها مجلسها حزب الأصالة والمعاصرة، قالت إنها "تتابع عن كثب تداعيات الحدث المفجع الذي هز ضمير جميع المواطنين والمواطنات"، وإنها "قامت بمراسلة الجهات الحكومية المسؤولة لمعرفة تفاصيل وملابسات ما جرى، والإجراءات المتخذة في هذا الموضوع، من أجل إجلاء الحقيقة وتطبيق القانون وإنصاف الضحايا، ومعالجة الاختلالات التي أفضت إلى هذا الحدث الأليم".
أما حزب العدالة والتنمية، فقد أصدر أمينه العام، عبد الإله بنكيران، توجيهًا إلى أعضاء الحزب والمتعاطفين معه بـ"عدم الاستجابة بأي شكل من الأشكال لأي احتجاج بخصوص هذا الحادث المأساوي"، وعبّر بنكيران عن أسفه لوفاة بائع السمك، مشيرًا إلى أن الشرطة القضائية فتحت بحثًا في الحادث. وقد خلّف توجيه بنكيران انتقادات واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي.
كما نددت الهيئة التنفيذية لفيدرالية اليسار الديمقراطي بما وصفته "تصرّفات لا مسؤولة لسلطات الحسيمة، أدت إلى طحن فكري بطريقة همجية بشعة"، شاجبة اعتماد السلطات ممارسات "مهينة وحاطة بكرامة المواطنات والمواطنين بدل تطبيق القانون"، مثمنة احتجاجات المواطنين ضد الحادث ومعلنة عن انخراطها في كل احتجاج رافض لـ"التسلط والقمع والتهميش".
وحمّل فرع جماعة العدل والإحسان في الريف من وصفه بالمخزن "المسؤولية الكاملة عمّا آلت إليه الأوضاع المتدهورة في المنطقة"، محذرًا من أن "السياسة التفقيرية تجاه الشعب بحرمانه من أبسط حقوقه لن تؤدي إلّا إلى مزيد من الاحتقان الشعبي"، معربًا عن دعمه "للاحتجاجات السلمية المُطالبة بحق الشعب في العيش الكريم"، وداعيا إلى تشكيل لجنة حقوقية من أجل الدفاع عن "حقوق الشهيد".
من جهتها، وصفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ما وقع بـ"الجريمة التي تمس حقًا من أسمى حقوق الإنسان"، متحدثة عن أن الحادث "ناتج عن احساس الضحية بـ"الغبن جراء الشطط في استعمال السلطة من طرف الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين"، مطالبة بالإسراع في فتح تحقيق يشمل كل التجاوزات التي رافقت الحادث وإعلان نتائجه للعموم، لافتة إلى أن الحادث "يعدّ استمراراً للاعتداءات المتكررة الحاطة من الكرامة الإنسانية وما يترتب عن ذلك من شعور بالظلم واليأس والقهر في نفوس المواطنين".
وسجلت هيئة التجمع العالمي الأمازيغي دعمها لكل الاحتجاجات على مصرع فكري، ودعت مكونات الشعب الأمازيغي إلى "الاصطفاف جنبا إلى جنب والإتحاد حول المبادرات الميدانية من أجل تصعيد أشكالهم الاحتجاجية ومقاومتهم لما وصفته بالظلم والطغيان، محملة السلطة كامل المسؤولية فيما يمكن أن يجره "شططها وسياساتها اللاديمقراطية على البلاد من هزات مهولة".
ومن جهتها، دعت حركة التوحيد والإصلاح، الذراعي الدعوي لحزب العدالة والتنمية، إلى فتح تحقيق شفاف ومحاسبة المتورطين في هذه الحادثة، مدينة "كلّ تصرف يثبت فيه وجود شطط في استعمال السلطة ومخالفة القانون"، ومنبهة" من خطورة مثل هذه القضايا التي تخلف أضرارا تهدِّد استقرارالبلد"، داعية عموم المواطنين إلى التحلّي بالمسؤولية والتروي في إطلاق الأحكام والحذر من المزايدات غير محسوبة العواقب، وإلى ردّ "الاعتبار لكرامة المواطن والدفع بعجلة الإصلاح تفاعلا مع توصيات الخطاب الملكي الأخير".
وقالت حركة أنفاس الديمقراطية إنها تلّقت بحزن وألم وغضب خبر وفاة محسن فكري، وإن هذه الواقعة تؤكد "بما لا شك فيه أن مقولات العدالة الاجتماعية واحترام القانون وتعزيز الكرامة و المواطنة، والتي رفعها المغاربة في محطات عديدة أهمها 20 فبراير 2011 هي مفاهيم يتم طحنها من طرف من يُفترض فيهم احترام القانون".
كما قال منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب عبر بلاغ لتنسيقيته بإمزرون، مسقط رأس الراحل، إن طريقة حجز بضاعة فكري وإتلافها شهدت عدة خروقات، منها تخلّف رئاسة القيادة البحرية عن التدخل الاستباقي لحجز الأسماك الممنوعة، مدينًا "الطريقة البشعة التي قُتل بها الضحية"، ومحملًا المسؤولية للدولة، كما طالب بأن يفضي التحقيق إلى "الكشف عن الجناة الحقيقيين وتقديمهم الى العدالة، وعدم الاكتفاء بالقبض على بعض المستخدمين البسطاء".
وقالت الجمعية اليسارية "مغرب آخر"، إن الراحل كان "يقاوم سياسات دولة وسوق تشنان حربا حقيقية على الفئات الفقيرة، وإنه وجه صرخة من قلب شاحنة عصرت جسده كما تعصر الأزبال"، متحدثة عن أن فكري يعبّر عن "ملايين المغاربة ضحايا العنف اليومي في مجتمع يتعرض لهجمة شرسة من طرف سوق متوحشة تحميها الدولة، وعمن يعيشون عنفا اقتصاديا ورمزيا يدوس على كرامتهم وأجسادهم".
وقد أعطى الملك محمد السادس توجيهاته لوزير الداخلية محمد حصاد لأجل التوجه إلى مدينة الحسيمة وزيارة عائلة محسن فكري وإعلان تحقيق معمق في الواقعة يفضي إلى تطبيق صارم للقانون في حق المتوّرطين، وقال حصاد في تصريحات صحفية إن ملك البلاد تألم لما وقع ولا يقبل أن تتكرّر مثل هذه الحوادث.