تونس (CNN)— اتسمت العلاقات التونسية الأمريكية خلال السنوات الماضية باستقرار كبير، إذ استفادت من استمرارية الإدارة الأمريكية برئاسة باراك أوباما، وكانت مواقف واشنطن واضحة في دعم تونس وثورتها ومساندتها لنجاح عملية الانتقال الديمقراطي، عبر تقديم مساعدات مالية وعسكرية هامة ودعم سياسي كبير.
ومع وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تجد تونس نفسها وجها لوجه مع إدارة جديدة والتساؤل الأبرز هنا هو كيف ستكون العلاقات التونسية الأمريكية في عهد ترامب؟ سؤال أجاب عنه لـCNN بالعربية عدد من المحللين السياسيين التونسيين.
أولى التطمينات بشأن مستقبل العلاقات الثنائية بين تونس وأمريكا جاءت من قبل السفير الأمريكي بتونس، دانيال روبنستين، الذي أكد أن "هذه العلاقات ستبقى متينة، بقطع النظر عن نتائج الإنتخابات الرئاسية"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستواصل "دعم أصدقائها وحلفائها التونسيين".
وأرجع الديبلوماسي الأمريكي ذلك خلال لقاء مع الصحفيين التونسيين إلى أن "سياسة بلاده الخارجية لم تتغير عبر التاريخ، من إدارة إلى أخرى". موضحا أن "الدبلوماسية الأمريكية دأبت على أن لا تكون متحزبة".
غير أن المحلل السياسي فريد العليبي أكد أن الإدارة الأمريكية الجديدة التي سيقودها دونالد ترامب ستكون لها تداعيات على العلاقات التونسية الأمريكية سواء من الناحية الاقتصادية/ خاصة أن ترامب يتجه إلى الترفيع من نسبة نمو الاقتصاد الأمريكي من خلال الحد من المصروفات الأمريكية الخارجية وإعادة النظر في ضماناتها للديون الخارجية وهذا سيشمل تونس التي تحصلت على عديد القروض بضمان أمريكي.
ومن ناحية المساعدات العسكرية الأمريكية لتونس ومستقبل التعاون بينهما قال العليبي لـCNN بالعربية، إن ترامب لن يكون له اهتمام كبير بمجال مكافحة الارهاب والتطرف في الدول التي تعاني منه وسيكون كل تركيزه على الداخل الأمريكي وبالتالي "ستتأثر تونس كثيرا بذلك خاصة أن الإدارة القديمة قدمت لها عدة مساعدات في هذا المجال".
وبخصوص الدعم السياسي لتونس أوضح العليبي "أنه ليس متأكدا من مواصلة الإدارة الجديدة بقيادة ترامب الاهتمام بذلك، خاصة أن سلفه أوباما ومعه فرنسا كانتا تدعمان بقوة التوافق بين حركة النهضة وحزب نداء تونس من أجل خلق التوازن السياسي في البلاد".
وأضاف أن تونس ستتأثر كذلك بالتغييرات الكبرى التي ستحصل في علاقات أمريكا الخارجية مع الدول العربية والإسلامية، خاصة بعد تصريحات ترامب التي بينت أنه غير راض عن علاقات أمريكا مع هذا الجزء من العالم و سيتجه في المرحلة المقبلة إلى إعادتها خاصة مع دول الخليج بالتحديد المملكة العربية السعودية بالشكل الذي يساعد أمريكا اقتصاديا.
وخلّص العليبي إلى أن علاقات تونس تاريخيا كانت أفضل مع الجمهوريين منذ عهد بورقيبة وكذلك بن علي حيث أن اهتمام الحزب الجمهوري كان أكبر بتونس".
من جهته، أكد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن ترامب لم يحدد خلال حملته الانتخابية مواقف ملموسة وواضحة تجاه السياسات الخارجية التي ستتبعها أمريكا مع المنطقة العربية، مشيرا إلى أنه بالنسبة لحالة تونس لن يكون هناك تغيير جوهري في علاقاتها مع الولايات المتحدة، بما أن ترامب حّدد أولوياته الخارجية في مجال محاربة الإرهاب، لذلك من المتوقع أن "يزداد نسق التعاون العسكري بين البلدين في المرحلة القادمة" يقول الجورشي.
وأضاف في تصريح لـCNN أنه في مستوى دعم الديمقراطية، فإن إدارة أوباما، ومعها هيلاري كلينتون كانت أكثر التزاما في دعم تونس، متوقعا أن لا تجازف الادارة الجديدة بالتخلي عن تونس في هذه المرحلة الصعبة، إلّا أن الاشكال يمكن أن يكون في نسق الدعم هل سيكون أكثر فاعلية من الإدارة السابقة أم لا؟.
وبخصوص تصريحات ترامب تجاه الدول العربية والإسلامية والتي رأى البعض أنها معادية وعنصرية، اعتبر الجورشي أن هدفها لم يكن إلا لغرض الشحن والتعبئة الانتخابية، مشيرا إلى "أن ترامب لا يمكن أن يكون جادا في إثارة معركة مع العالم العربي أو مع المسلمين وأنه مع الوقت سيدرك أن ملف العلاقات الخارجية تؤثر فه المصالح الإستراتيجية الأمريكية وأن المؤسسات الأمريكية التي تحيط بالبيت الأبيض لها ثوابت لا يمكن أن تخرج عنها.
وبدوره أكد المحلل السياسي نورالدين مباركي أن علاقات تونس وأمريكا لن تشهد تغييرات كبيرة في فترة حكم الرئيس الجديد دونالد ترامب سواء من خلال مواصلة دعم الإقتصاد التونسي أو مساندة العملية السياسية والانتقال الديمقراطي، مضيفا "أن تونس ستستفيد أكثر في المجال العسكري خاصة ملف مكافحة الإرهاب إذا تحركت أكثر.
وبيّن المباركي لـCNN بالعربية أن العلاقات التونسية الأمريكية منذ التاريخ كانت جيدة سواء مع الجمهوريين أو الديمقراطيين وكانت دائما مرتبطة بمصالح تونس ولم تشهد أي توترات تذكر، لأن تونس ليست رقما كبيرا لأمريكا في المنطقة ولم تكن محل اهتمام كبير منذ الاستقلال.
وأضاف أن السياسة الخارجية الأمريكية في الفترة المقبلة ستراعى فيها بالدرجة الأولى مصالحها وأن المواقف التي عبر عنها ترامب خلال حملته الانتخابية من بعض الدول العربية ومن المسلمين لم يكن الهدف منها إلاّ كسب أصوات الناخبين فقط.