الرباط (CNN)-- عاشت الشبكات الاجتماعية بالمغرب مؤخرًا على وقع نقاش طويل بعد ظهور فيديو مسرّب لمغني شعبي في وضع حميمي خلال جلسة خاصة مع أصدقاء له، وتعالت الأصوات المطالبة بضرورة تشديد الخناق على مسرّبي وناشري مثل هذه المقاطع التي تمسّ بالحياة الخاصة للناس وتشّهر بهم.
المغني ضحية هذا الفيديو، طلب من المغاربة فيما نشره على صفحته الرسمية، بمسامحته على ما فعل لما في المقطع المسرّب من أثر سلبي على أسرته، متحدثًا عن أن الفيديو قديم، وأن عدة أشخاص قاموا بابتزازه، ودفع مالا لهم لأجل إتلاف الشريط، قبل أن يجد نفسه قبل أيام قليلة عرضة مرة أخرى للابتزاز، مؤكدًا أنه قام، قبل تداول الفيديو على الانترنت، بإبلاغ الشرطة التي اعتقلت أحد المبتزين.
وتعاطف مئات المستخدمين مع المغني، وعمموا هاشتاغ يطالب بحذف الفيديو الخاص، كما نقرأ في التعاليق على صفحة المغني الكثير من عبارات التضامن واستنكار ما جرى من ترويج لهذا المقطع.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا التسريب، فقد عانى عدة مغاربة من التشهير وتداول مقاطع لهم في أوضاع جنسية وحميمية أو في فضاءات خاصة، سواء لأجل النشر في حد ذاته أو لأجل الابتزاز، أو هناك من قام من تلقاء نفسه أو بموافقته بالتقاط فيديو حميمي للاستعمال الخاص، قبل أن يفاجأ به متداولا على الانترنت.
ونتيجة لذلك، أضحى موقع يوتيوب في المغرب يعجّ بعشرات الشرائط التي تضع في عناوينها "شاهد الفضيحة الجنسية لفلان"، كما يقوم بعض مستخدمي تطبيقات كـ"واتس أب" بترويج هذه المقاطع بينهم، وقد تمكنت الشرطة المغربية في الكثير من المرات باعتقال من سرّبوا هذه المقاطع أو من يقومون بابتزاز الضحايا عبرها.
ويعاقب القانون الجنائي المغربي في الفصل 538 على الابتزاز بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى ألف درهم (100 دولار)، وذلك لكل من حصل على مبلغ من المال أو توقيع أو تسليم ورقة بواسطة التهديد بإفشاء أو نسبة أمور شائنة.
كما تعاقب المادة 88 من قانون الصحافة والنشر على التدخل في الحياة الخاصة للأشخاص دون موافقتهم، عبر "اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية أو أفلام حميمية لأشخاص، أو تتعلق بحياتهم الخاصة، ما لم تكن لها علاقة وثيقة بالحياة العامة"، ووضعت لأجل ذلك غرامة مالية تبدأ من 10 آلاف درهم (ألف دولار) وتصل إلى 100 ألف درهم (10 آلاف دولار)، مع حق الضحية في التعويض.
وكان فريق برلماني قد تقدم بمقترح قانون عام 2014 للمعاقبة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات، أو دفع غرامة قريبة من الغرامة السابقة، لكل من يمسّ بالحياة الخاصة للأشخاص، وفي إحدى مواده، يعاقب المشروع كل من يقوم بـ"استخدام أو بث صور، أو أشرطة، أو أفلام تتضمن مشاهد أو وقائع ملازمة للحياة الخاصة لأي شخص، بهدف نشرها أو ترويجها من أجل الابتزاز أو التشهير أو الانتقام"، غير أن القانون لم تجر المصادقة عليه.
ويرى أحمد عصيد، مدافع عن الحريات الخاصة، أن العالم المتخلف، ومنه غالبية دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، يوّظف التكنولوجيا لتكريس التخلف وليس لتطوير البنية الذهنية كما يحدث في العالم المتقدم، متحدثًا عن البلدان المتخلفة تستورد التكنولوجيا حتى تستخدمها في سياق متخلف، بل حتى سياق تخريبي كما يفعل تنظيم "داعش".
ويتابع عصيد لـCNN بالعربية أن ثقافة الصورة عمومًا أضحت تتجه نحو المس بالحياة الخاصة، فبعدما كانت الصورة اختيارية في السابق، مكّنت الهواتف الذكية لأيّ كان التقاط صور للآخرين وهم في فضاءات حميمية، زيادة على إمكانية اختراق هذه الهواتف، ممّا يهدّد العفوية بين الناس، لافتًا إلى أن المجتمع في المغرب، وفي ظل وجود أزمات كبيرة، يملأ الفضاء بتسويق الفضائح الجنسية، ليس من المراهقين فقط، بل كذلك من كبار السن.
وبدوره، يعتبر عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، ظاهرة نشر صور وفيديوهات جنسية للناس "أقذر وأبشع مظاهر التشهير التي عرفها العالم" معتبرًا أن هذا "الجرم يرقى إلى الاغتيال المعنوي للضحية"، لكونه ينال من حقها في الخصوصية الشخصية، ويمس بشرفها وكرامتها، ممّا يؤدي إلى تعذيب معنوي رهيب، يصيب الضحية وأفراد أسرتها، خاصة داخل المجتمعات التي يغلب عليها طابع المحافظة.
ويضيف الخضري لـCNN بالعربية: "يجب تشديد العقوبة في حق من يقترف هذه الجرائم المعنوية، لكون أغلبها يجري بأهداف ابتزازية وانتقامية"، مطالبًا من المواطنين "عدم الاستمرار في توزيع مثل هذه الصور والفيديوهات بينهم، وعلى من وصلته، أن يعمل على حصرها لديه، بدل إعادة نشرها'.