ليبيا (CNN)-- انتقد دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية طريقة تعاطي بلده مع الأحداث التي شهدتها ليبيا خلال السنوات الماضية واتخذ منها وسيلة لمهاجمة منافسته هيلاري كلينتون التي كانت شاهدة على ما حصل في ليبيا عندما كانت وزيرة للخارجية مع إدارة أوباما، ووعد ترامب في حال فوزه بتدخل أكثر ناجع من أجل إيجاد حلٍّ الأزمة.
وتعرّض ترامب في حملته الإنتخابية إلى المسألة الليبية واستغلها ضد منافسته كلينتون حيث وعد في إحدى خطاباته أمام ناخبيه أنه في حال فوزه سيعمل على "التدخل العسكري في ليبيا التي أغرقتها هيلاري كلينتون في المشاكل من أجل القضاء على التنظيمات المتطرفة خاصة داعش".
اليوم ومع وصول ترامب إلى البيت الأبيض يتساءل الليبيون عن التوجه الذي ستتخذه الإدارة الأمريكية الجديدة في معالجة المشهد المضطرب في بلادهم وعن السياسة التي ستتبعها واشنطن حيال الملف الليبي.
النائب بالبرلمان صالح فحيمة قال إن الليبيين "لا يريدون من الإدارة الجديدة إلا التوقف عن دعم الانقلابيين وترك الخيار لهم في اختيار من يقودهم عبر الطرق الديمقراطية المتعارف عليها في كل الديمقراطيات في العالم وهي الانتخابات".
وأكد في تصريح لـCNN بالعربية أن اللييين لم يكن يعنيهم فوز ترامب في حد ذاته بسباق الرئاسة الأمريكية بقدر ما كان يعنيهم "عدم فوز من ساهم ويساهم في دمار بلادهم من خلال دعم الإسلام السياسي و التنظيمات الإرهابية"، مشيرا إلى أن دونالد ترامب "لن يكون له ذلك التأثير الكبير والجذري في السياسة الأمريكية كما يحاول البعض التسويق له".
وقال في هذا السياق: "الجميع يعلم عراقة المؤسسات التي تدير الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية وهي التي ستكون كابحة لجماح الرئيس الجديد ولكن على الأقل أصبحنا نطمئن إلى أن هناك صوت داخل الإدارة الجديدة يناهض الإرهاب ولا يستخدم محاربته وسيلة لتحقيق مصالح أمريكا كما كانت تفعل الإدارات الأمريكية السابقة"
وأرسلت مختلف الأطراف المسؤولة في ليبيا التهاني للرئيس الأمريكي الجديد مرفقة ببعض المطالب، حيث طالب برلمان طبرق برفع الحظر عن السلاح المفروض على الجيش الذي يقوده الجنرال حفتر، فيما أكد عبد الله الثني رئيس حكومة الشرق "غير معترف بها دوليا" عن رغبته وحرصه الكبيرين في أن تولي الولايات المتحدة الأمريكية اهتماماً أكبر بالقضية الليبية ومحاربة الإرهاب، بينما عبرت حكومة الوفاق الوطني عن أملها في استمرار الدعم وبناء شراكة أقوى بين ليبيا والولايات المتحدة من أجل تحقيق الاستقرار والخروج من الأزمة الراهنة في البلاد
وعن ذلك دعا أحمد الفيتوري الكاتب الصحفي الليبيين إلى عدم انتظار الكثير من الرئيس ترامب الذي مازال أمريكيون يتظاهرون ضده إلى حد هذه الساعة في الساحات للتعبير عن عدم رضاهم به كرئيس، متوقعا أن تبقى السياسة الأمريكية على حالها في ليبيا حيث سيواصل ترامب التوجه نفسه الذي سلكه سلفه أوباما والتكتيك نفسه الذي اعتمده والذي يقوم على دعم حكومة الوفاق وفي نفس الوقت الوقوف مع حفتر وذلك من أجل عدم التورط.
وقال المحلل السياسي عبد الباسط بن هامل إن ترامب "سيواصل العمل على الخطط التي وضعتها واشنطن في ملف محاربة داعش في ليبيا إلى حين تحقيق أهدافها" والتي يأمل بن هامل أن تنهي المشروع المتشدد الذي دمرّ ليبيا، موضحا أن فوز ترامب شكّل "صدمة كبيرة للإخوان المسلمين في ليبيا خاصة حزب العدالة والبناء".
ويرى بن هامل في تصريح لـCNN بالعربية أن تعاطي ترامب مع المسألة الليبية سيكون أفضل من تعاطي الإدارة التي سبقته بقيادة باراك أوباما ومعه هيلاري كلينتون، مشيرا إلى أن أغلب الليبيين كانوا يتخوفون من وصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض "نظرا لتاريخها في ليبيا حيث قادت الحملة على بلادهم ودعمت الإخوان المسلمين".
وأضاف قائلا:" صحيح أن رسائل ترامب لم تكن واضحة جيدا فيما يتعلق بالطريقة التي سيتبعها مع الأزمة الليبية، لكن أتوقع أن يحدث تغيير جذري فيها حيث سينعكس التقارب بين ترامب والرئيس المصري السيسي والعلاقات الوثيقة التي تجمعهم إيجابيا خاصة أننا نعرف الدور المهم الذي تلعبه مصر في ليبيا ودعمها للجيش في محاربة الإرهاب".
وخلّص بن هامل إلى أن المطلوب من الادارة الامريكية الجديدة تجاوز الأخطاء التي وقعت فيها إدارة أوباما وتغيير السياسة التي اتبعتها بخصوص تعاطيها مع الأحداث في ليبيا وكذلك في منطقة شمال افريقيا، خاصة "فيما يتعلق بدعمها لقوى متطرفة وتنصبيها قيادات على البلاد، إضافة إلى ضرورة إعادة حساباتها في ذلك إذا أرادت إعادة بناء علاقات الثقة مع دول شمال افريقيا وشعوبها ورغبت في تدعيم التعاون معها".