هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
أثارت وفاة الزعيم الثوري الكوبي فيدل كايسترو عن عمر يناهز 90 عاما يوم السبت الكثير من التكهنات والتساؤلات حول مستقبل كوبا.
كان الزعيمان الثوريان كاسترو وتشي جيفارا، صديق كاسترو الذي لم يكن محظوظا مثله وفقد حياته شاباً، مصدر إلهام لكثير من البلدان والثورات حول العالم. ومع أن خبر وفاة فيدل كاسترو أثار الكثير من ردود الفعل الإعلامية والشعبية المختلفة في شتى أنحاء العالم، إلا أن موته لم يشكل صدمة كبيرة بسبب تقدمه في السن وصراعه الطويل مع المرض، والذي أجبره على تسليم السلطة لأخيه، راؤول كاسترو، منذ عقد مضى تقريباً.
لكن ما فاجأني وأدهشني هو ردود فعل الكوبيين في الشتات على هذه الاخبار. حيث قام مئات الآلاف من الكوبيين بالتظاهر في شوارع مدينة ميامي احتفالا بموت فيدل كاسترو وظلوا يرقصون طوال الليل في الشارع مع أطفالهم الصغار الذين لم يولدوا بكوبا حتى. وكان هناك أطفال يحملون أدوات مطبخ في أيديهم ويدقون على قدور وأواني الطبخ بأصوات عالية، ويمشون وراء آبائهم أو أجدادهم الذين هاجروا الى أمريكا خلال فترة حكم كاسترو، وكانت الفرحة الغامرة واضحة على قسمات وجوههم.
كنت اسأل نفسي منذ يوم السبت ما الذي يجعل الكوبيين في فلوريدا سعداء إلى هذه الدرجة؟ ماذا يعني موت كاسترو؟ هل موته يعني بداية عصر جديد لكوبا؟ هل يخطط هؤلاء الكوبيون الذين يعيشون في المنفى للعودة الى الوطن بعد كل هذه السنوات؟
وفي المقابل، كانت الأحزان تهيمن على الجميع تقريباً في كوبا. كانت العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا قد بدأت تأخذ شكلاً طبيعياً في العام الماضي بعد خمسين سنة من العداء بين البلدين، والفضل في ذلك يعود لدبلوماسية الرئيس الأمريكي باراك أوباما المكثفة. لكن الكوبيين لا يعرفون ما الذي ينتظرهم مع وصول الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
أبناء الشعب الكوبي في داخل البلد يختلفون عن الكوبيين الذين يعيشون في المنفى، والذين يعيشون في راحة وبحبوحة في الولايات المتحدة، وقد يتطلب الأمر بعض الوقت حتى يستطيعوا تقبل التغييرات وتهيئة أنفسهم لها.
على سبيل المثال، في إيران عندما توفى آية الخميني اعتقد الكثير من الإيرانيين الذين يعيشون داخل إيران أن موته سيؤدي إلى تغييرات كبيرة. انا أتذكر ذلك اليوم جيدا، وأتذكر كل الاشاعات التي سمعناها يومها في المدرسة والتي تسببت بفوضى داخلية بعد وفاة الإمام الخميني.
لكن لم يحدث شيئ حينها، وتم انتخاب آية الله علي خامنئي كقائد جديد للثورة، ولا تزال البلاد تحت قيادته.
تبيّن من خلال الوقت والتاريخ ان الإيرانيين يقومون بالتغييرات عندما لا يكلفهم ذلك الكثير، والا فانهم يستطيعون التعايش مع الظروف أيا كانت. والكوبيون داخل كوبا يستطيعون أن يفعلوا ذلك أيضا. فقد علموا ان لا شيء سيتغير مع وفاة كاسترو وان أخاه راؤول الذي قال انه سيتنحى عن منصبه في 2018 لن يتنازل عن منصبه لمعارضيه في ميامي.
ان النظام الحالي سيضمن انتقال السلطة إلى شخص من نفس التوجهات السياسية ليحل محل راؤول. وكما كان الحال في إيران، إذا كان أحد يظن ان تغييرات كبيرة ستحدث إذا تنحى او توفي القائد الأعلى الحالي في كوبا فان ذلك غير صحيح.
ان الكوبيين في كوبا لا يعرفون كيف يعيشون ويتصرفون من دون كاسترو، حيث كان الإعلام يصوره على أنه كان يرعاهم بظله ويعاني كثيرا من أجلهم ليبقوا أوفياء له ولسياسته التي كانت مزيجاً من الشيوعية والاشتراكية. في عهد راؤول كاسترو أصبحت البلاد أكثر ليونة تجاه الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، لكن امامها طريق طويل للانتقال ولكن ليس ضمن ضوضاء قدور الطعام في شوارع ميامي.