إسماعيل عزام، الرباط (CNN)— ألغت الغرفة الاستئنافية بالمحكمة الابتدائية بمدينة ورزازات، جنوب شرق المغرب، أمس الأربعاء، حكمًا ابتدائيًا كانت قد أدان روائيًا مغربيًا بسبب عمل روائي كتبه، وارتكز الإلغاء على واقعة وفاة الكاتب عزيز بنحدوش، حتى لا يحاكم القضاء كاتبًا ميتًا، فيما قرّرت الأسرة طبع الرواية من جديد وتوزيعها.
وأعلنت المحكمة إلغاء الحكم الابتدائي لسقوط الدعوى العمومية بسبب الوفاة التي نتجت عن غرق الكاتب يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 2016. وقد خلفت وفاة عزيز بنحدوش ضجة واسعة بما أنه كان متابعًا في ملف نادر الحدوث بالمغرب، يتعلّق بمضامين روايته "جزيرة الذكور".
وقالت حنان بنحدوش، شقيقة الراحل، إنه رغم إلغاء الحكم الابتدائي، الذي وصفته بـ"الحكم الجائر في حق المرحوم وكل المبدعين"، فإن أسرة عزيز "لن يهدأ لها بال حتى يتم رد الاعتبار لكل المبدعين في شخص المبدع الشهيد عزيز بنحدوش"، متابعة أن القضية لا تزال قائمة وهناك الكثير من المدافعين عن الراحل داخل وخارج المغرب.
وتابعت حنان في تصريح لـCNN بالعربية: " اعتمد الحكم الابتدائي على مقتضيات قانون الصحافة لمحاكمة الإبداع، وهذا مس خطير بحرية الإبداع المكفولة دستوريا"، متقدمة بالشكر لكل من ساند الراحل إبان حياته خاصة "منذ أن تعرّض لمحاولة اغتيال".
وتوفي الكاتب الذي كان يعمل قيد حياته مدرسًا للفلسفة غرقًا في شاطئ أكلو بمدينة تيزنيت جنوب المغرب، عندما كان في رحلة صيد سمك، وجاءت الوفاة بعد حوالي شهرين ونصف على إدانته بتهمة "السب والشتم"، والحكم عليه بالحبس موقوف التنفيذ شهرين وغرامة 21 ألف درهم (ألفين ومئة دولار)، إثر دعوى رفعها ضده مشتكيين من مدينة ورزازات بسبب ما اعتبراه إساءة لهما في العمل الروائي.
وأكدت حنان بنحدوش التي تقوم بتسيير صفحة فيسبوك تخص الراحل أن الأسرة ستقوم بطبع ونشر جميع أعماله، خاصة ثلاثيته "جزيرة الذكور" و"أسنان شيطان" والحاجة تبوهاست"، ودواوينه الشعرية، لافتة إلى أنه بناء على رغبة الراحل، فبحوثه في علم الاجتماع موجودة على الموقع الإلكتروني الخاص به.
وكان عزيز بنحدوش قد صرّح سابقًا لـCNN بالعربية بعد إدانته، أن رواية "جزيرة الذكور تتحدث عن ظاهرة حقيقية هي "الأطفال الأشباح" التي سادت في منطقة الجنوب الشرقي خلال سنوات الاستقلال الأولى عن فرنسا، إذ كان يعمد مهاجرون مغاربة بأوروبا إلى استصدار وثائق تثبت أنهم يتوفرون على أطفال بالمغرب حتى يحصلوا على تعويضات عائلية إضافية في أوروبا، رغم أن هؤلاء الأطفال لا وجود لهم.
وقال بنحدوش إن مضامين الرواية جعلت القراء في المنطقة يوجهون الاتهامات لشخصيات معينة تورطت في الظاهرة، الأمر الذي حذا بشخصيتين من ورزازات إلى مقاضاته، كما تحدث بنحدوش عن تعرّضه لاعتداء جسدي بسبب الرواية، مشيرًا إلى أن السلطات فتحت تحقيقًا حول ظاهرة "الأطفال الأشباح" وجرى الاستماع لعدد من المشتبه بهم.