ليبيا (CNN)— ازداد التوتر في الجنوب الغربي الليبي بين القوات التابعة لحكومة الوفاق والجيش الليبي الذي يقوده خليفة حفتر، ممّا أثار مخاوف من إمكانية إعادة سيناريو معركة الهلال النفطي وحدوث مواجهات عسكرية بين الطرفين قد تنسف بجهود المصالحة والتسوية السياسية التي تقودها دول الجوار.
وتتنافس القوتان منذ أكثر من سنة من أجل السيطرة على المواقع الحيوية بالجنوب، إذ تسيطر القوات الموالية لحكومة الوفاق والتي ينحدر أغلبها من مدينة مصراتة على قاعدة الجفرة وقاعدة تمنهنت أهم قاعدتين عسكريتين في الجنوب إضافة إلى حقل الشرارة النفطي، بينما يسيطر الجيش التابع لحفتر والذي يقوده الجنوب العقيد محمد بن نايل على قاعدة براك الجوية وحقل الفيل النفطي.
الأحداث الأخيرة بالمنطقة كشفت رغبة الجنرال حفتر في التقدم داخل الجنوب في المناطق التابعة للقوات المنافسة من أجل السيطرة على قاعدة الجفرة الجوية خاصة بعد أن قامت قواته بقصف طائرة عسكرية تابعة لقوات حكومة الوفاق على متنها عسكريين في مطار الجفرة مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين.
وصعّدت هذه الحادثة التوتر بين جيش حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق أهم قوتين عسكريتين في البلاد وخلفت تراشقا بالكلام بين الطرفين وصل إلى حد تبادل التهديدات.
وبينما أرجع الناطق باسم جيش حفتر، العقيد أحمد المسماري سبب استهداف الطائرة إلى أنها "كانت تنقل أسلحة وذخيرة إلى الجماعات الإرهابية"، ندّدت حكومة الوفاق وقوات مصراتة بالهجوم الذي وصفته "بالعدائي" وأكدت أنها "لن تسمح بتكرار هذا العمل ولن تتسامح مع قتل وترويع المواطنين"، كما حذرت من أن "تؤدي مثل هذه الأعمال إلى تصعيد".
الوضع الأخير الذي يشهده الجنوب قلّص من حجم التفاؤل الذي يبديه البعض بخصوص إمكانية التوصل إلى حل سياسي بين الأطراف السياسية المتنازعة وجمعهم على طاولة الحوار لتجاوز خلافاتهم، ورجّحت في المقابل إمكانية حصول تصعيد عسكري بين الطرفين المتنافسين.
وفي هذا السياق، لا يستبعد عبد السلام الراجحي مدير مركز أسطرلاب للدراسات مواجهات عسكرية بين الطرفين، لافتًا إلى أن ما يحصل في الجنوب "ستكون له تداعيات سلبية على عملية السلام"، مضيفا أنه "رغم التوصل إلى حل سلمي مؤخرا بين هذه الأطراف إلا أن رغبة حفتر في الحرب والسيطرة غيرت من موقفه وأصبح يهدد باستعمال القوة".
ولا يبدو حفتر مقتنعا بالعملية السياسية التي تجري في البلاد وبالجهود الإقليمية لحل الأزمة الليبية، إذ ذكر في حوار مع إحدى الصحف الإيطالية الأسبوع الماضي أن" حالة الحرب الحالية تتطلب قتالا وليس سياسة، وأنه لا توجد أيّ خطط لاستئناف المحادثات مع الحكومة الموجودة في غرب ليبيا التي تدعمها الأمم المتحدة".
ومن جهته أكد عبد الرزاق الناظوري رئيس أركان الجيش الذي يقوده حفتر، خلال مقابلة في تلفزيون محلي، أن الأخير "يمتلك خطة عسكرية للاتجاه غربا تبدأ بالسيطرة على الجفرة ثم طرابلس"، لكن قد تكون مدينة سبها مركز المواجهات المحتملة خلال الأيام القادمة حسب تصريح مقتضب من مصدر عسكري تابع لجيش حفتر لـCNN بالعربية.
وتوجد في مدينة سبها قاعدة تمنهت العسكرية التي تتضمن مطارا وقاعدة عسكرية تتمركز فيها حاليا القوات التابعة للمجلس العسكري لمدينة مصراتة الموالية لحكومة الوفاق، لكن ساكنة المدينة طالبت في احتجاجات هذا الأحد بتسليمهم القاعدة لحمايتها وذلك من أجل تجنيب المدينة أي مواجهات عسكرية محتملة.
وعلى الميدان قامت قوات مصراتة الموالية لحكومة الوفاق بإرسال تعزيزات عسكرية إلى مدينة الجفرة وسبها من أجل تأمين المناطق التي تقع تحت سيطرتها تحسبا لأي هجوم محتمل يشنه الجيش الذي يقوده حفتر.
ورغم هذا التصعيد قلّل الباحث في مركز ليبيا للدراسات الإستراتيجية والمستقبلية إدريس القويضي من حجم المخاوف المرتبطة بما يحدث في الجنوب الليبي، معتبرا"أن الأمر لن يتجاوز بعض المناوشات بين الطرفين ولن يصل إلى حد حصول صدام قوي بين الطرفي"، مضيفا أن وضع الجنوب من حيث التوازنات القبلية سيكون له دور لتجنيب الصدام المسلح.
وقال في تصريح لـCNN بالعربية إن الوضع بشكل عام يعد مضطربا لكنه لا ينبىء بحصول صدام عنيف لأنه لا توجد مقومات لحصول قتال بسبب ضعف الإمكانات اللوجستكية للطرفين جرّاء الأزمة المالية.