الجزائر (CNN)-- أحيى الشعبان التونسي والجزائري الذكرى الـ59 لأحداث ساقية سيدي يوسف، وهي مدينة تونسية على الحدود مع الجزائر، كانت الطائرات الفرنسية قد قامت بقصفها بمبرّر الإجهاز على المقاتلين الجزائريين ضمن جيش التحرير الجزائري يوم الثامن من فبراير/شباط 1958، بيدَ أن القصف خلّف 130 قتيلا غالبيتهم من المدنيين.
ووفق ما نشره المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية بالجزائر، فقد شكلت ساقية سيدي يوسف منطقة استراتيجية لوحدات جيش التحرير الجزائري على الحدود مع تونس، إذ كانت تستخدمها هذه الوحدات لأجل استقبال المعطوبين وعلاجهم، زيادة على استقبالها لللاجئين الجزائريين الفارين من حرب تحرير بلادهم، بينما تؤكد مصادر تاريخية أخرى أن الثوار الجزائريين استخدموا كذلك البلدة للإغارة على الجيش الفرنسي انطلاقا من الأراضي التونسية.
وتشير المصادر ذاتها، أن الثوار الجزائريين كانوا قد أسروا عدة جنود فرنسيين، وأن مكان الأسر كان تونس، ممّا ساهم في رفع التوتر بين أول رئيس لجمهورية تونس، الحبيب بورقيبة، والجيش الفرنسي، واتهمت القيادة الفرنسية نظيرتها التونسية بتسهيل مهمة الثوار الجزائريين وإمداداهم بالمساعدات رغم نفي بورقيبة لذلك.
وعودة إلى وثائق مركز الدراسات الجزائري، فإن السلطات الفرنسية التي كانت ترفض استقلال الجزائر، اعتمدت ما عرف بـ"حق الملاحقة"، أي ملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي، وبسبب تعدّد عمليات الثوار التي كبدت القوات الفرنسية الكثير من الخسائر، ورفض تحرير الأسرى الفرنسيين قرّرت قيادة هذه الأخيرة مهاجمة ساقية سيدي يوسف.
وتشير المعطيات التاريخية إلى أن الهجوم الجوي على البلدة، جرى صباحا، ووقع في يوم السوق الأسبوعي، إذ اخترقت الطائرات الفرنسية المجال الجوي التونسي وأطلقت قذائفها على القرية ومحيطها لمدة اقتربت من الساعدة، لتكون النتيجة حسب المركز الجزائري 130 قتيلا و400 جريح يتوزعون بين الجزائرييون والتونسيين، فيما تقول مصادر أخرى إن الرقم لم يتجاوز 78 قتيلا، كما أصيبت سيارات تابعة للصليب الأحمر، وهُدمت الكثير من المباني.
وفيها اعتبرت وزارة الدفاع الفرنسية هذا الهجوم في حق الدفاع المشروع عن قواتها، مستدلة بذلك على تدمير مباني كانت تخص الثوار الجزائريين، تشير جريدة الشروق الجزائرية إلى أن العقيد الجزائري علي كافي أحسّ بإمكانية هجوم القوات الفرنسية على ساقية سيدي يوسف لا سيما ما وصله من إدراك الجيش الفرنسي بكونها أحد مصادر الهجوم الجزائري، لذلك قام بنقل الجنود إلى خارجها حتى لا يترك ذريعة للقيادة الفرنسية، ممّا جعل حصيلة القتلى الثوار الجزائريين في الهجوم ضد ضئيلة.
وبعد الهجوم، رفعت تونس شكوى في الأمم المتحدة لأجل مطالبة مجلس الأمن بإدانة الهجوم، ونظمت الحكومة بزيارة رفقة وفود أجنبية إلى المدينة لتبيان الحقيقة، ممّا زاد من تعمق الأزمة بين تونس وفرنسا، كما أعربت قيادة الثورة الجزائرية عن استعدادها للدفاع عن التراب التونسي إلى جانب الجيش المحلي، ونشرت وسائل الإعلام الدولية صورا للدمار الكبير الذي لحق القرية، وعمّ التنديد بلاغات الكثير من الدول العربية والأجنبية، وكان الهجوم أحد التطورات التي أدت لاحقا إلى استقلال الجزائر عام 1962.