إسماعيل عزام، الرباط (CNN)— عاشت مدينة سلا، قرب
العاصمة المغربية، يوم طوارئ بامتياز، بسبب أمطار غزيرة أوقفت حركة
السير وأغرقت السيارات وأدخلت السيول إلى المنازل، واستمر الوضع
لساعات عصيبة اضطر معه مئات المواطنين إلى العودة إلى منازلهم من
الرباط لسلا على الأقدام، قبل أن تبدأ الأزمة بالانفراج في الساعات
الأخيرة من ليل أمس.
ووفق أرقام الأرصاد الجوية، فقد كان نصيب مدينتي الرباط وسلا من الأمطار 119 ملم، وتشير أرقام أخرى إلى أن التساقطات بلغت 107 ملم بسلا، مقابل 89 ملم بالرباط، وهي أرقام تبيّن أن مدينة سلا، التي عُرفت تاريخيا بقوة قراصنتها البحريين، شهدت يوما ماطرا لم تعهده مثله الساكنة، حتى منهم كبار السن.
غير أن شبه الاتفاق على غزارة الأمطار لم يمنع طرح أسئلة حول من يتحمل مسؤولية غرق الشوارع والأزقة في فترة لم تزد عن ثلاث ساعات من المطر، وعدم تصريف المياه في وقت سريع، وسط نقاش قديم-جديد حول واقع البنى التحتية بالكثير من مدن المغرب، إذ تعاني شبكات الصرف الصحي من عدة مشاكل تجعلها عاجزة عن مواجهة تدفقات المياه.
عزيز بن براهيم، رئيس مقاطعة المريسة بسلا عن حزب العدالة والتنمية الذي يترأس المجلس الجماعي للمدينة، يُرجع ما جرى أمس إلى ثلاثة أسباب رئيسية، أولها غزارة التساقطات، ثانيها مدى قيام شركة التدبير المفوض "ريضال" بمعالجة استباقية للمشكل، وهو ما سيظهر بعد التقييم الشامل الذي يعمل على إنجازه المجلس الجماعي، حسب تصريحاته.
بينما يعود السبب الثالث، وفق تصريحات بن براهيم لـCNN بالعربية إلى طبيعة تعامل السكان جميعا مع أنابيب الصرف الصحي، إذ اكتشفت وحدات التدخل وجود مواد صلبة في المجاري تتسبب بانغلاق هذه الأخيرة، مشيرًا إلى أن سلا تقدم حلولا لمدينة الرباط، خاصة في مجال توفير السكن، إذ يقطن بها 890 ألف نسمة، مقابل 600 ألف بالرباط، فضلا عن انتشار السكن الاجتماعي.
ويتابع بن يراهيم أن المجلس الجماعي سخّر كل إمكانيات للتغلب على ما وقع، إلّا أن حجم السيول كانت أكبر، مشيرًا إلى أن المجلس بصدد تقييم مستقبلي، خاصة مع التغيرات المناخية التي يعرفها العالم، والتي قد تعيد مرة أخرى مثل هذه السيول، ومن ذلك التفكير في بنية السكن وبنية أقبية العمارات، أما بخصوص البنى التحتية، فبن براهيم يرى أنه لا يمكن إنشاء بنى تتحمل أقصى المخاطر، إذ في كل دول العالم توجد شبكات تطهير ببنيات متوسطة، وفق قوله.
في الجانب الآخر، يتفق عزيز العبدي، مستشار في المعارضة بمجلس سلا عن حزب الأصالة والمعاصرة، مع واقع أن الأمطار كانت قياسية، خاصة مع شبكة تصريف مياه عادية لم يقع عليها سابقا ضغط بكل هذه القوة، وهو أمر يتكرر في أكثر من بلد، بيدَ أن التقصير يكمن في عدم الاستعداد للأمطار، رغم وجود إشعار من الأرصاد الجوية بحجمها.
وقال العبدي في تصريحات لـCNN بالعربية، إن المجلس الجماعي لم يُشعر المتدخلين الرئيسيين بإمكانية هطول هذه النسب من الأمطار، ومصالح الجامعة لم تكن مهيئة بالشكل المطلوب للتجاوب مع انتظارات الناس، كما كان هناك تقصير من شركة التدبير المفوض "ريضال" في عدم الاستعداد المبكر، وفق لقاء عقده حزبه مع إدارتها.
وتابع العبدي أن حزبه بصدد توجيه رسالة إلى رئيس الحكومة حول ماجرى، لأجل توضيح هوية المسؤولين عن عدم التدخل الناجع في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما طالب الحزب ذاته بدورة عاجلة في مجلس سلا لأجل الوقوف على مكامن الخلل وتحديد المسؤوليات، يؤكد العبدي.
وسبق للمجلس الأعلى للحسابات "هيئة رسمية مكلفة بالتدقيق المالي"، أن ذكر في تقرير له عام 2016 أن المغرب، ورغم الكوارث الطبيعية التي شهدها على مدار العقود الخمسة الماضية والتي تكررت على مدار السنوات 16 الماضية، لا يزال يطغى عليه رد الفعل بدل التعامل الاستباقي، فضلا عن فقر البنى التحتية ونقص التدابير اللازمة للتدخل، زيادة على هشاشة النسيج الاجتماعي والاقتصادي.