إسماعيل عزام، الرباط (CNN)— لم يمر فوز ماهيرشالا علي بجائزة أوسكار أفضل ممثل ثانوي عن دوره بفيلم "مون لايت"، دون أن يحدث ضجة على مستوى العالم، فهذا أول تتويج بهذه الجائزة العريقة لممثل يعلن عن كونه مسلما، في حفل تزامن مع بداية فترة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي رغب بحظر مواطني سبع دول إسلامية من بلوغ الولايات المتحدة، وهو كذلك، أي ماهيرشالا علي، ينتمي لطائفة ترفض عدد من الدول الإسلامية أن تحسبها على الإسلام.
ينتمي ماهيرشالا إلى الطائفة الأحمدية، وقد اعتنق الإسلام عام 1999، وتعرّف الطائفة الأحمدية نفسها، وفق ما تنشره على موقعها الرسمي، على أنها "جماعة إسلامية تجديدية عالمية"، وقد تأسست بقاديان في الهند عام 1889 من طرف ميرزا غلام أحمد القادياني، الذي يقدم نفسه المهدي/المسيحي الموعود الذي تحدث رسول الإسلام محمد عن ظهوره في آخر الزمان، وترفض الأحمدية أن توصف بالدين، وتعلن إيمانها بأن آخر الأديان هو الإسلام. ويتزعمها حاليًا خامس "خليفة" لها.
وتقوم عدة دول بحملات رسمية واسعة ضد الأحمديين، ومنها الجزائر، إذ أعلن وزير شؤونها الدينية أحمد عيسى، أن بلاده ستعمل على التصدي لفكر الأحمديين وعلى مقاضاتهم باعتبارهم "فئة خارج عن الدين"، وقد قامت السلطات الجزائرية خلال الأشهر الماضية باعتقال عدة أفراد من هذه الجماعة، كما سبق للأحمديين أن تعرضوا لإحراق مسجدين لهم بباكستان، وانتقدت منظمات حقوقية ما قالت إنه "تضييق" على الأحمديين بالسعودية.
في تعليق له على فوز ماهريشالا بالأوسكار، يرى رشيد قاسم، الناطق الرسمي باسم الأحمدية في الولايات المتحدة أن الجائزة تعدّ إنجازا لماهريشالا، وأن المنتسبين للجماعة سيفرحون بهذا الإنجاز الذي يؤكد نجاح ماهيرشالا في عالم التمثيل، لكن تركيز الجماعة ليست على السينما: "ليس هذا ما نقوم بالترويج له، وليس كذلك شيء نندد به، لكن يبقى إنجازا فرديا جميلا" يقول قاسم.
وحول حديث الكثير من وسائل الإعلام العربية عن أن ماهيرشالا أوّل مسلم يفوز بالأوسكار، بينما سبق لها أن رفضت وصف الأحمديين بالمسلمين، يقول قاسم إنه بالفعل شاهد "تناقضا كبيرا" بين من ينزع صفة الإسلام عنهم ثم يحتفل بعد ذلك بإنجاز ماهيرشالا، معتبرا أن ذلك يمثل "أقصى درجات النفاق" في وقت "يعاني فيه المسلمون بعدة مناطق بالغرب من ارتفاع نسب العداوة بحقهم".
ويرى قاسم في حديث لـCNN بالعربية، أن ما تلا فوز ماهيرشالا يمثل فرصة للمسلمين لأجل عدم الاستمرار في الاختلاف وفيما يعمل على تفريقهم: "يجب أن نعمل معا لأجل السلام والعدالة، فهذا ما أوصانا به الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا ما نتمنى أن يقوم به المسؤولون في البلدان الإسلامية عبر العالم".
ويتابع قاسم في هذا الصدد: "لقد طالب ميرزا أحمد غلام المسلمين بترك خلافاتهم لأجل ما فيه خير للإنسانية ولأجل احترام حقوق الإنسان، وشجعهم على العمل من أجل السلام والتعددية. أبواب الأحمدية مفتوحة لهذا الهدف، هدف بناء عالم من الحرية لكل الأفراد مهما كانت ديانتهم"، قبل أن يردف: "ميرزا غلام هو المهدي المنتظر الذي بشر به الرسول (ص) حتى يظهر في نهاية الزمن لأجل إصلاح حال المسلمين. نحن نؤمن أن الرسول محمد آخر الرسول وأن ميرزا لم يأت ليضيف شيئا جديدا للإسلام، بل لأجل الإصلاح".
كما أشار قاسم إلى أن هذه الجائزة من شأنها أن تفتح نقاشا حول ما يقع للأحمديين من "تضييق": "هناك ملاحقات متعددة بحقهم في الجزائر وباكستان وأندونسيا وبنغلاديش، وهناك دول لا يمكن فيها للأحمديين التعبير علانية عن معتقداتهم كالمغرب. على المسؤولين المسلمين الاقتناع بأنه كلما تعددت الملاحقات بحق الأحمديين كلما زاد تشويه تعاليم الرسول والترويج للتطرف".
جدير بالذكر أن عدة مجمعات فقهية إسلامية تفتي بأن الأحمديين لا ينتمون إلى الإسلام، ومنهم مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، إذ نشر في قرار له أن ادعاء نزول الوحي على ميزرا غلام "إنكار صريح لما ثبت من الدين، بما أنه لا ينزل الوحي على أحد بعد الرسول"، وأن هذا "الادعاء" يجعل الأحمديين "خارجين عن الإسلام".