أجرت الحوار إيمان مسعود
القاهرة، مصر (CNN)-- اعتبر الفقيه المغربي، أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن الحركات الإسلامية تشبه الأنظمة العربية في الخوف من الحرية، وأن بعض مسؤولي هذه الحركات يظنون أنفسهم "حراس المعابد"، متحدثا عن أن "العقم" في الفقه الإسلامي يعود إلى وطأة الاستبداد، محملا هذا الأخير كذلك مسؤولية ظهور الجماعات المتشددة التي تدعو للعنف والقتال.
وقال الريسوني، في حوار أجرته معه CNN بالعربية، إن "تكرار التيار الإسلامي للأخطاء ذاتها في كل حقبة سياسية يُعايشها يعود إلى أسباب عدة منها قلة اهتمام الحركات الإسلامية بالتاريخ وعبره ودروسه، بل إن حتى تاريخها نفسه إما غير مكتوب، أو مكتوب بصورة انتقائية تمجيدية، أو مكتوب لأغراض دفاعية وتدافعية، وليس بصورة علمية موضوعية"، داعيا هذه الحركات إلى التصالح على عجل مع التاريخ، وأن "تتعلم منه كما هو، لا كما تتمناه ونشتهيه".
وفي رد له على سؤال لشبكتنا حول إمكانية أن يسيطر حب السلطة على قيادات الإخوان المسلمين بسبب ما أثير مؤخرا حول رفض قياداتهم نتائج انتخابات داخلية تتيح تداول السلطة، تحدث الريسوني عن أن "الحركات الإسلامية تشبه الأنظمة العربية والأحزاب السياسية العربية، في خوفها من الحرية، ومن ذلك حرية التعبير وحرية الاختلاف"، مضيفا أن بعض المسؤولين في هذه الحركات يظنون أنهم "هم المدركون والضامنون للمصالح العليا وللاختيارات السليمة والمواقف، وأنهم هم حراس الشرعية أو حراس المعابد".
وعن سبب ما يراه الكثيرون قصورا للفقه السياسي في الأمة الإسلامية، أشار الريسوني إلى أن سبب "عقم وتخلف هذا الفقه يعود إلى الاستبداد السياسي الذي هيمن على الفقه والفقهاء بسلطانه وأمواله، إلّا قليلا منهم بقي عرضة للتهميش والتعتيم، والبطش أحيانا"، متابعا أن الفقهاء المعاصرين "ما زالوا تحت وطأة الاستبداد وهيمنته على الفقه والفكر والثقافة"، بينما يقع الفقهاء المستقلون سياسيا تحت "ضغط التراث القديم وهيبته، يعاملونه كما لو كان هو الشرع المنزّل، قلة منهن من تحررت واتجهت نحو الاستنباط المتحرر.
وأوضح الريسوني، أحد أبرز وجوه حركة التوحيد والإصلاح المغربية، في هذا السياق: "الحقيقة التي يجب أن نعترف بها هي أن كثيرا من رواد الاجتهادات والجهود التجديدية القائمة منذ عقود في حقل السياسة الشرعية والفقه السياسي، هم مفكرون سياسيون وفقهاء دستوريون من خارج المؤسسات والأوساط العُلمائية التقليدية".
وأردف: "ومما يجدر ذكره، أن ما يشهده العالم الإسلامي في السنين الأخيرة من ظهور ونمو للفكر السياسي المتشدد، المرتبط بجماعات العنف والقتال، راجع أيضا إلى الاستبداد والانسداد السياسي، الذي يمنع التجديد السياسي، العلمي المعتدل، من النمو والتطور، ومن الممارسة والتفعيل".
ولفت الريسوني إلى أن "مشكلة" الأمة الإسلامية تتجسد أساسا في "رؤوسها والممسكين برقابها"، متابعا: "الأمة الإسلامية فيها وفرة وفيرة من المخلصين ومن العباقرة ومن المبدعين، ولكنها ما زالت مكبلة ممزقة مستنزفة بحكامها وزعاماتها".
وحول إمكانية أن تدفع الأحداث العالمية المستجدة كوصول " ترامب " للرئاسة الأمريكية بالتيار الإسلامي إلى تصحيح المسار التقليدي، أجاب الريسوني أنه عاجز عن التنبؤات الاستقلالية، لكنه استدرك: "عزائي ومعتصَمي هو أنني على يقين بأن العمل الجيد المحكم، وبنفَس طويل صبور يؤتي أكله وثماره حتما، مثلما أنني على يقين بأن الأمة الإسلامية حبلى بالقدرات والعطاءات والمبشرات المتحفزة. ولكن كما يقال: حتمية الولادة لا تغني عن آلام المخاض".
قد يهمك هذا الموضوع: أحمد الريسوني: ارتحت لإسقاط مرسي.. والإخوان المسلمون يعانون جمودًا فكريًا